*الفيسبوك يشتعل بعد حملة #تعالوا_بعد_التحرير *حفلة حيفا بحماية الشرطة الاسرائيلية *اعتقال الناشط رازي نابلسي بتهمة التحريض!
فتح الجدل الكبير الذي دار هذا الأسبوع، في أعقاب زيارة فرقة أوتستراد الاردنية لفلسطين المحتلة بتأشيرة دخول (فيزا) اسرائيلية، النقاش مرة أخرى حول التطبيع ومعاييره من زاوية الفلسطينيين في الداخل والعلاقة مع الوطن العربي، نقاشٌ شهدناه أيضا في شهر أيار السابق عندما قدم بعض أعضاء فرقة "آخر زفير" الأردنية لتقديم عرض في مهرجان في أحراش قرية معليا، الا أن النقاش هذه المرة كان أكثر حدة من المرات السابقة، خصوصا بعد حملة #تعالوا_بعد_التحرير التي أطلقها مجموعة من النشطاء الشباب على الفيسبوك والتويتر التي نادت بمقاطعة أوتستراد وحفلاتهم التي كانت في الجولان ومدينة الناصرة وحيفا ورام الله وحفلات اخرى ستجري في بيت لحم والقدس.
ووجهت مجموعة حراك شبابي من الداخل الفلسطيني، يوم الثلاثاء، ومن مدينة حيفا دعوة عامة للامتناع عن المشاركة في حفلات فرقة "أوتوستراد" الأردنية في بيان أن "الموقف السياسي في الوطن العربي موقف موحّد ومتفق عليه وجامع وتاريخي وقاطع ورافض بشأن الدخول إلى فلسطين من الوطن العربي بهذه التأشيرة، وهو موقفٌ لم تغيّره اتفاقيّات السلام، ولم تغيّره الأنظمة العربيّة الدكتاتوريّة المتواطئة مع إسرائيل، وهو خط تاريخي أحمر التزم به بكل فخر مئات الفنّانات والفنّانين العرب الذين صاغوا ثقافتنا العربيّة الحديثة والمعاصرة، مئات الفنّانين الذين نشأنا وتربّينا على موسيقاهم وكتاباتهم، وتواصلنا مع إنتاجهم الفنّي وحافظنا منذ النكبة على ثقافتنا ووطنيّتنا وهويّتنا وعلاقتنا بالوطن العربيّ. والأهم من هذا كلّه، أن تحمّل شباب فلسطين وشابّاتها مسؤولية الحفاظ على الإجماع الوطني في العالم العربي، وعدم المساهمة بكسره، بالتنسيق والعمل المشترك مع عشرات الناشطين في بيروت والقاهرة وعمّان، هي أكبر وأجمل وأصدق صورة للتواصل والوحدة بين فلسطينيي الداخل والعالم العربي".
كما جاء في البيانه أنه "كما نطالب العالم باحترام دائرة خصوصيّتنا السياسيّة، فعلينا أن نحترم دائرة الخصوصيّة السياسيّة في البلدان العربيّة، ونقدم كل الدعم والشرعيّة لمن يرفع سقف المناهضة لإسرائيل، ولا نطلب من أي طرف كان أن يخفض سقف المناهضة والرفض لإسرائيل لأي سبب من الأسباب".
واختتم البيان بالقول إن "الرفض ليس هوايةً، ولا المقاطعة لعبة نتسلّى بها، فهذه الحجج التي يستخدمها من لا يفكّرون إلا بتسليتهم أو رفاهيّتهم أو بجيوبهم. هذا موقف سياسي، نحمله بجهد بصدق وإخلاص ونعمل على نشره وإقناع الناس به. نطلب أن تمتنعوا عن المشاركة في الحفلات، وأن لا تكونوا حجة وجسرًا يربط البلدان العربيّة بالاحتلال الدموي. قد نخسر ساعتين من الموسيقى، لكن لن نخسر حجر أساس واضح وبسيط في قضيّة فلسطين: أي تعامل عربي رسمي مع الاحتلال الإسرائيلي مرفوض رفضًا قاطعًا".
وقام مجموعة من النشطاء يوم الثلاثاء، بتوزيع هذه الدعوة على مدخل حفلة أوتستراد في حيفا التي حضرها العديد من الشباب والشابات في قاعة "دنيانا"، والتي كانت بحماية من الشرطة الإسرائيلية وشركة حراسة خاصة. وفي صباح اليوم التالي اعتقلت الشرطة الناشط رازي نابلسي من منزله في مدينة حيفا ومصادرة حاسوبه الشخصي ومنشورات تم توزيعها على مدخل الحفلة، بتهمة "التحريض وتوزيع مناشير تحريضية" كأحدى التهم الموجهة له، وتم تمديد اعتقاله حتى يوم الاثنين القادم.
البعض اعتبر الحملة الداعية للمقاطعة، أنها بالغت في حدة مواقفها، ليتحول المشهد بالنسبة للبعض الى نقاش "مزاودات وتوزيع شهادات في الوطنية" خصوصا أن النقاشات التي جرت عبر الفيسبوك في العديد من الأحيان كانت على شكل مناكفات أكثر مما هي نقاش حقيقي حول مفهوم التطبيع مع اسرائيل ومعاييره.
ومن الجدير ذكره أن هذه النقاشات والتباين في المواقف كانت بالأساس في أوساط شريحة الشباب الوطني، إذ يرى المؤيدون لقدوم أتوستراد أن قدوم فنانين من الوطن العربي على كل فلسطين أمر يعزز التواصل والانتماء ويساهم في الحفاظ على شكل وجودنا كفلسطينيين، خصوصا في ظلّ محاولات الأسرلة، إضافة إلى أن هذا التواصل يساعد الفنانين على تطوير مشاريع فنية مختلفة من خلال التقائهم. اضافة أن ثمة حاجة لتطوير ثقافة فلسطينية ومشهد ثقافي في الداخل الفلسطيني وعدم حصر الموضوع في رام الله، فهذه فرصة أيضا - بحسبهم - أن يتعرف العالم العربي على الفلسطينيين في الداخل.
الا أن النقاش في هذه القضية الشائكة بالنسبة للكثيرين الذين لا يحملون موقفا واضح بسبب حالة البلبلة، يحتاج للتطوير والتعريف أكثر حول المعايير ومفهوم التطبيع، الأمر الذي كان ربما أوضح في سنوات ما قبل اتفاقية أوسلو التي كان لها المساهمة الأكبر في تطبيع التطبيع في الثقافة الفلسطينية.
وفي ذات السياق، دعا نشطاء فلسطينيون في القدس المحتلة إلى وقفة احتجاجية يوم السبت القادم أمام مكان عرض فرقة "أوتوستراد" في مركز دراسات جامعة القدس في سوق القطانين في البلدة القديمة من القدس.
من جانب آخر، تناقل بعض النشطاء الفلسطينيين مساء اليوم خبراً عبر "الفيسبوك" مفاده أن مؤسسة محمود درويش في رام الله تعدّ التحضيرات لاستضافة الشاعر المصري أحمد فؤاد نجم والشاعر العراقي مظفر النواب لإحياء أمسية شعرية في رام الله، وأخرى في إحدى مناطق الأراضي المحتلة عام 1948. واعتبر البعض هذه الزيارة المزمع ترتيبها تطوراً خطيراً في مجال النشاطات الثقافية التطبيعية، داعين الشاعريّن إلى مراجعة شأن هذه الزيارة من أجل "الحفاظ على صورتهم نقية".
*الصورة الرئيسية أعلاه، تصوير: أنس خطيب.