شبكة قدس الإخبارية

الاستخبارات الاسرائيلية: أشرف مروان كان أقدر عميل مزدوج في التاريخ الحديث

هيئة التحرير

على الرغم من مرور أربعين عامًا على حرب أكتوبر 1973 مازال النقاش في دولة الاحتلال حول الفشل مستعراً بين القادة الذين أداروا الحرب، والنزاع الأكبر مازال قائمًا بين "الموساد" الاستخبارات الخارجيّة ( ورئيسه في ذلك الحين، تسفي زمير ) 11 عامًا، وبين شعبة الاستخبارات العسكريّة "أمان" وقائدها في تلك الفترة "إيلي زعيرا" 12 عامًا، وهو الخلاف الذي وصل إلى أروقة المحكمة العليا الإسرائيليّة، ولكنّ الأجهزة الأمنيّة في الدولة العبريّة ولمنع كشف أسرار أخرى عن الفشل، طلبت من رئيس الموساد "زمير"، الذي رفع دعوى قضائيّة ضد "زعيرا" بشطب الدعوى، واللجوء إلى محكّم بين الاثنين.

تبادل الاتهامات

وعلى الرغم من أنم المحكّم أصدر قراره بإدانة زعيرا بالإفشاء بأسرار الدولة العبريّة لوسائل الإعلام بهدف المسّ بالموساد، فإنّ النزاع بين الرجلين ما زال مستمراً، وأمس الأوّل، كما أفادت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبريّة، التقى الرجلان في مؤتمر عُقد في مركز أبحاث الأمن القومي التابع لجامعة "تل أبيب" لمناقشة قضية الفشل، إلا أنّهما امتنعا عن الحديث مع بعضهما، أو حتى المصافحة بينهما، كما أنّ زمير هاجم في كلمته الاستخبارات العسكريّة على فشلها تزويد المستوى السياسيّ بالمعلومات حول استعدادات الجيشين المصريّ والسوريّ للهجوم، بينما عاد زعيرا واتهم الموساد بأنّه هو المسؤول عن الفشل الاستخباراتي الإسرائيليّ، الذي ما زال يقضّ مضاجع صنّاع القرار في تل أبيب، خشية أنْ يتكرر مرّة أخرى.

وهو الأمر الذي دفع حكومات إسرائيل بعد أنْ وضعت الحرب أوزارها إلى اتخاذ قرار بتوثيق العلاقات بين الأجهزة الأمنيّة، كما أنّها قررت تشكيل مجلس الأمن القوميّ، الذي يرأسه اليوم الجنرال في الاحتياط "يعقوف عميدرور"، لمناقشة المعلومات الاستخباراتية التي تجمعها الأجهزة الأمنيّة عن الدول الأعداء، طبخها وتقديمها للمستوى السياسيّ بحيث تكون المسؤوليّة جماعيّة.

وقالت الصحيفة العبريّة أيضًا "إنّ أحد جنرالات الحرب الذي شارك في المؤتمر قاطع خطاب زعيرا عدّة مراّت، ولكن مع ذلك امتنع زعيرا عن اتهام الموساد بأنّه وقع في المصيدة التي أعدّها له الجاسوس المصريّ، "أشرف مروان"، وبالمقابل امتنع زمير عن اتهام زعيرا بأنّه هو الذي كشف عن اسم الجاسوس أمام الإعلام الغربيّ والإسرائيليّ.

سوء تقدير

ولفت د. "رونين بيرغمان"، محلل الشؤون الإستراتيجيّة في "يديعوت" إلى أنّ الجنرال زعيرا، لم يتحمّل المسؤولية في الكلمة التي ألقاها بالمؤتمر عن فشل الاستخبارات العسكريّة في تقدير نوايا السادات، حيث كانت تعتقد الاستخبارات أنّ إمكانية نشوب الحرب منخفضة جدًا، وهي المعلومة الرئيسيّة التي وصلت إلى المستوى السياسيّ، مع ذلك أشار زعيرا في كلمته إلى أنّ السبب الرئيسيّ الذي أدّى إلى الفشل من الناحية الاستخباراتيّة كان مردّه العدوان في العام 1967، إذ أنّ الجيش أدخل نفسه في رؤية بأنّ العرب لن يجرؤوا بعد على خوض حرب ضدّ إسرائيل بسبب انتصارها الكاسح في حرب الأيام الستة، كما تُسّمى إسرائيليًا، وبالتالي، أضاف زعيرا، "فإنّ الجيش الإسرائيليّ في حرب 7910 لم يكن حاضراً ولم يكن جاهزاً لخوض حرب ضدّ الجيشين السوريّ والمصريّ.

ولفت زعيرا إلى أنّ هذا هو الفشل الرئيسيّ لوزير الأمن في ذلك الحين، موشيه دايان، ورئيس هيئة الأركان العامّة في حرب 910 ، "دافيد إلعازر". من ناحيته، قال زمير،_ كما ذكرت "يديعوت أحرونوت"_ "إن شعبة الاستخبارات العسكريّة ارتكب عدّة أخطاء، وتحديدًا عدم تزويدها المستوى السياسيّ بالمعلومات الكافية والوافية.

وأضاف "إنّ ما حدث في حرب 1973 شبيه جدًا لما حدث في حرب لبنان الثانية عام 2006 ضدّ حزب الله اللبنانيّ، ولكن من منظور آخر: أيضًا عشية حرب لبنان الثانية، قال رئيس الموساد الأسبق، "اعتقد المستوى السياسيّ والأمنيّ في إسرائيل بأنّ حزب الله يُشكّل مشكلة صغيرة يُمكن القضاء عليها، وأنّ الجيش الإسرائيليّ قادرٌ على إنهاء المعركة وحسمها في أسرع وقت ممكن، عن طريق استغلال مكثف لسلاح الجو الإسرائيليّ.

وخلص إلى القول إنّه "في الحالتين، حرب أكتوبر 1973 وحرب لبنان الثانية تبينّ أنّ الفرضيّة كانت خاطئة، وعبّرت عن استهتار وفوقية واستعلائيّة قبالة عدو يملك إصراراً كبيراً وقوة كبيرة"، على حدّ قول زمير.

الجاسوس المزدوج "أشرف مروان"

وقال "بيرغمان" أيضًا "إنّ أحداث السنة الأخيرة رفعت من قيمة زعيرا، خصوصًا بعد أنّ سمحت الرقابة العسكريّة الإسرائيليّة بالنشر عن أنّ رئيس الموساد في ذلك الحين ومدير مكتبه تصرفا بشكل غير لائق مع الجاسوس أشرف مروان، كما أنّه في الآونة الأخيرة، أضافت الصحيفة، تتزايد الأصوات في الموساد وفي شعبة الاستخبارات العسكريّة التي باتت على قناعة تامّة بأنّ مروان كان عميلاً مزدوجًا، وأنّه كان جزءًا من ماكينة التحايل المصريّة على إسرائيل، كما أنّه كان العميل المزدوج الأحسن في التاريخ الحديث"، بحسب المصادر الأمنيّة التي تحدثت للصحيفة العبريّة ولمحللها بيرغمان، صاحب الباع الطويل في المنظومة الأمنيّة الإسرائيليّة.

كما كشف زعيرا النقاب عن أنّ المسؤول عن تفعيل بطاريات أجهزة التنصت على المصريين، لم يقُم بتفعيلها، وأنّه أبلغه بأنّه قام بتشغيلها وكذب عليه، ولفت "بيرغمان" إلى أنّه بعد مرور أربعين عامًا على الحرب لم تقُم شعبة الاستخبارات العسكريّة بفحص هذه القضية التي أسماها بحبة البطاطا الملتهبة، على حدّ وصفه.

في السياق ذاته، رأى الجنرال "افيف كوخافي"، رئيس شعبة الاستخبارات العسكريّة في الجيش الإسرائيليّ، في مقالٍ نشره بصحيفة ‘معاريف’، أمس الاثنين أنّ الفشل الاستخباري الإسرائيليّ في حرب أوكتور كان مردّه الثقة الزائدة بالنفس وانعدام الشك بما يتعلق بنوايا العدو، وماذا سيفعل وفي أي ظروف، لافتًا إلى أنّها كانت ثقة سيطرت شعبة الاستخبارات نتيجة سلسلة نجاحات سابقة، وتحديدًا عدوان 1973.

ولفت "كوخافي" في مقاله، إلى الفجوة التي كانت قائمة بين الوقائع على الأرض وبين تحليلها، مشيراً إلى أنّ المشكلة لم ترتبط بتوفر المعلومات، إنّما بتحليل هذه المعلومات.

وكشف النقاب عن أنّ التقرير الاستخباري الذي قامت بإعداده شعبة الاستخبارات العسكريّة عشية حرب عام 1973 شمل 37 بندًا تناولت استعدادات مكثفة للعدو’ في جميع المجالات، في ما كان البند الأبرز هو البند 42 الذي تحوّل إلى عنوان الفشل الاستخباري الخطير، حيث جاء فيه أنّ احتمالات قيام مصر بشنّ حرب ضدّ إسرائيل منخفضة"، على حدّ قوله.