ازدادت في الفترة الأخيرة الأنشطة الثقافية المنظمة في مختلف مناطق فلسطين المحتلة وباستضافة جهات ثقافية وفنية عربيّة من خارج البلاد. قد يبدو الأمر عادياً في أي مكان آخر، لكن مجموعة من النشطاء الفلسطينيين يرون أنه لا بدّ من موقف واضح وصريح إزاء هكذا زيارات، إذ يرون في ذلك إمعاناً في التطبيع مع دولة الإحتلال، خاصة أن تلك الزيارات تتم عبر الحصول على تأشيرات أو موافقات من جانب سلطات الإحتلال الإسرائيلي.
إحدى النشاطات الفنيّة المتوقعة في الأيام القريبة القادمة هي لفرقة "أوتوستراد" الموسيقية الأردنيّة والتي ستتضمن إقامة حفلات لهم في مختلف المناطق المحتلة، في حيفا، والناصرة، ويافا، ورام الله، والقدس، لا بل وحتى الجولان المحتل. وقد استدعت هذه الزيارة تحرك بعض النشطاء المناهضين لهذه الزيارات فأعلنوا عن حملة افتراضية للاعتراض على ذلك عبر شبكة الإنترنت، وقالوا أنّهم يخططون لعدة خطوات احتجاجية بالقرب من مراكز الأداء والعرض التي ستزورها هذه الفرقة الأسبوع القادم.
وقد سبق أن رفضت الحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لـ"إسرائيل" حفلة لنفس الفرقة نظمت نهاية العام الماضي (31.12.2012) في رام الله، وأصدرت يومها بياناً قالت فيه إن هذه الزيارة تخالف معايير "مقاطعة إسرائيل ومناهضة التطبيع معها".
ثمينة حصري، ناشطة فلسطينية ومشاركة في حملة المقاطعة لهذه العروض قالت في تصريح لشبكة قدس: "نطالب الفنانات والفنانين العرب باحترام الجمهور الفلسطيني وعدم الانجرار إلى التعامل مع فلسطين كأي بلد في العالم يمتلك حريته ليمتلك بذلك حرية التحكم بامتداده الثقافي مما يؤدي إلى انزلاقكم نحو التطبيع ولو بحسن نية. نحن مفصولون عن محيطنا الثقافي وهذا صحيح إلا أننا نرزح تحت حصار الاحتلال الفعلي والذهني بشتى الطرق وليس مجيئكم إلينا كسرا للحصار بل هو مقرون بموافقة الاحتلال ونحن ننأى بكم عن فعل كهذا".
أما خليل غرّة، فقد عبر عن قلقه من كون هذه الزيارات المتكررة تساهم في "تجميل صورة إسرائيل ويظهرها على أنها ساحة للديمقراطية والتعددية الثقافية". ويضيف لشبكة قدس: " كما إنه من غير الواضح من سيقرر السماح لدخول فنان معين ومنع آخر، ومن غير الواضح كيف ستتم استضافة عمل ثقافي معين ورفض آخر لا يخدم قضيتنا، وهناك طبعا سؤال حول كيفية تمويل تلك الفرق ومن سيقرر إذا كانت مصادر تمويلها وطنية أم مشبوهة".
وقال قد النشطاء المعارضين للزيارة في بيان لهم: "من الخطير أن تتحول زيارة فلسطين إلى حالة بيروقراطيّة روتينيّة طبيعيّة تنتهي بتأشيرة دخول أو تصريح كأن البلاد لا ترزح تحت احتلال للأذهان قبل الأرض". ويضيف البيان: "يتم تفسير زيارات التطبيع بأشكال مختلفة ومؤخرًا تزداد التفسيرات ذات النوايا الحسنة. ولأن هذه التفسيرات لا تخضع للنقاش والحوار، تؤدّي بالنهاية إلى تقويض الجهد المبذول في المقاطعة الأكاديمية والثقافية ونضالات شعبنا المختلفة".
وفي محاولة لإثارة النقاش حول الموضوع وعدم مروره بكل تقبل وهدوء، دعا النشطاء في بيانهم إلى المشاركة فيما أسمّوه "حملة احتجاج إلكترونية" بدءاً من يوم غدٍ الجمعة الساعة التاسعة مساء عبر مواقع التواصل الإجتماعيّ. وطلب النشطاء من المشاركين مراسلة صفحة فرقة "أوتوستراد" على الفيسبوك وعلى تويتر، والتفاعل في "طرح ادعاءات ضد التطبيع ومخاطر الخطوات التطبيعيّة، تعميم مقالات وبوسترات ضد التطبيع، مناقشة حجج الفرق المطبعة (على سبيل المثال حجة التواصل) والأهم - رفع صوت واضح ورافض للتطبيع"، على حدّ تعبير البيان.