وحدها الحمائم تستطيع التحليق فوق أرض الحاج إدريس عبد الله جبارة في مدينة سلفيت بالضفة الغربية دون حسيب أو رقيب من جيش الاحتلال الإسرائيلي أو مستوطنيه. أما جبارة فصار وصوله إلى الأرض مستحيلا بعدما شيّد الإسرائيليون مستوطنة "ليشم" الجديدة قبل أسابيع قليلة، لتصبح أول مستوطنة تُقام في ظل المفاوضات.
و"ليشم" ثالث مستوطنة بعد "عالي زهاف" و"بدوائيل"، تقام على أراضٍ في بلدتي دير بلوط وكفر الديك بقضاء سلفيت، وستضم 140 عائلة إسرائيلية مبدئيا لتتسع لاحقا لأربعمائةٍ أخرى.
خبر كالصاعقة ويقول الحاج جبارة إن بناء المستوطنة الجديدة وقع عليه كالصاعقة، إذ أضحى الخطر يداهمه من كل مكان بعدما احتلت المستوطنة نحو 500 دونم وابتلعت أراضي المواطنين في قريته وفي بلدة كفر الديك.
ويروي جبارة للجزيرة نت التي زارت المكان أن أرضه تمتد على مساحة 82 دونما يغطي شجر الزيتون 60%، بينما كان يزرع في بقية المساحة القمح والقطن، قبل أن يمنعه الاحتلال ويصادر الأرض لإقامة المستوطنة الجديدة.
يضيف أن سلطات الاحتلال أمرته بقلع 200 شجرة زيتون من أرضه وإلا ستقتلعها على نفقته.
وقد حرمت سلطات الاحتلال الحاج جبارة من ثلث أرضه ببناء المستوطنة، وضاعفت معاناته بأن منعته من إكمال بناء منزل كان قد بدأه قبل سنوات.
وأقيمت مستوطنة ليشم فوق منطقة أثرية تعرف باسم "دير سمعان"، مما يعني أن المخطط أكبر من مستوطنة وفق رئيس المجلس البلدي في دير بلوط عبد الله موسى.
ويقول موسى للجزيرة نت إن الاحتلال أقام مستوطنة قريبة من ليشم عام 1989، لكن المحكمة العليا الإسرائيلية أوقفتها بعد احتجاج الأهالي، مضيفا أن إعادة بنائها قرب الموقع القديم يمثل تحديا لقرار المحكمة وللمفاوضات.
مخطط هيكلي ووفق موسى، فإن المستوطنة الجديدة تقوم على مخطط هيكلي يصل إلى 1250 دونما، "بينما لم يسمح الاحتلال بتوسيع المخطط الهيكلي للقرية التي يزيد عمرها عن 500 عام بأكثر من 750 دونما".
وصادرت سلطات الاحتلال 15 ألف دونم من أراضي دير بلوط عام 1948، وعزلت 8 آلاف دونم عبر الجدار الذي يمر بأراضيها بطول كيلومترين.
ويتساءل موسى عن دور السلطة في زيارة المكان والاطلاع على معاناة المواطنين وتقديم ما يدعمهم، مستغربا سكوتها على هذه الجرائم والسير قدما في المفاوضات.
ورغم استئناف مفاوضات السلام برعاية واشنطن، تمضي إسرائيل في توسيع رقعة الاستيطان.
وقد أبدى رئيس الكتلة البرلمانية لحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) عزام الأحمد عدم تفاؤله بمفاوضات السلام بسبب عراقيل الاحتلال على الأرض وأبرزها الاستيطان.
ويقول رئيس ملف الاستيطان والجدار في السلطة الفلسطينية محمد نزال إن إسرائيل تتصرف من منطلق أن هذه أراضيها وليست أراضي محتلة، وفق رؤى أيدولوجية صهيونية، دون أن تُعير أي اهتمام للمفاوضات.
لكنه يرى أن التفاوض ضروري لاستنفاد كافة المحاولات قبل التوجه إلى المحافل الدولية لفضح إسرائيل وكشف جرائمها المتعلقة بالاستيطان.
يشار إلى أن إسرائيل لم توقف يوما البناء الاستيطاني حتى في ظل المفاوضات، بل طرحت مؤخرا 15 مخططا هيكليا لمستوطنات جديدة.
عاطف دغلس/الجزيرة نت