بقلم: الاسير ثامر سباعنة
استشهد والده في الانتفاضة الأولى عام 1989، فاش يتيم الأب ، قامت الولدة بتربيته هو واخوته الستة ، وعملت على تنشئتهم أحسن تنشئة وأفضل تربية ، وكبر وترعرع في بلدته ، فدرس في مدارسها ونال شهادة الثانوية العامة بمعدل 92% ليسجل في كلية الهندسة في جامعة النجاح الوطنية .
انضمّ الى العمل الوطني والجهادي وأثناء إحدى عملياته الجهادية تعرض لانفجار عبوة ناسفة كان يقوم بإعدادها ليصاب جسده باصاباتٍ وحروق خطيرة ، فإنتشر في بلدته خبر استشهاده ، انه الشهيد الحي سعيد عمر يوسف أبو جابر من بلدة جلقموس شرق مدينة جنين والمولود في 4-10-1983 .
بعد شهر ٍ واحدٍ من اصابته في 22-8-2006 ، قامت قوات خاصة تابعة لجيش الاحتلال باعتقاله ، وقد كان لايزال يتلقى علاجه لكن ذلك لم يمنع المحققين من تعريض سعيد للضرب والتعذيب مما أدى الى حدوث كسر في جمجمته ، وبعد فترة طويلة من التحقيق القاسي حكمت محكمة الاحتلال عليه بعشر سنوات.
دخل سعيد السجن وجسده لازال مغطى بالحروق والاصابات فتشارك ألم القيد مع ألم الجراح، وفي السجون ورغم معاناة سعيد المستمرة أجرى له الاحتلال ثلاث عمليات ومع ذلك لم تتحسن حالة سعيد ، وفي احدى العمليات التي أجريت لعيني سعيد ، لم يكمل الاحتلال العملية وتركوا جفن عينيه دون علاج مناسب و دون أن يفكّوا القُطب مما اضطر سعيد لاكمال عمليته بنفسه، اذ قام بقص طرف الجفن بواسطة قصّاصة بعد أن يئس من انتظار ادارة السجن كي تكمل عمليّته.
الاسير سعيد أبو جابر أو أبو عمر كما يحب أن يُكنّى ، لم يمنعه الاسر والاصابة من أن يكون خير معينٍ لاخوانه الأسرى خاصة الجدد ، فهو يُسارع دائماً لتقديم ملابسه وكل ما يحتاجه الأسير الجديد من ملابسه الخاصة وأداوته ، بالاضافة الى ما اشتهر به ابو عمر من صنعه للبوظة المتميزة التي يضعها الأسرى من المواد البسيطة المتوفرة لهم ، ورغم كل الحرمان الا ان بوظته كانت ولازالت تمتاز بطعمٍ مميزٍ يعرفه الأسرى ويحبونه ، وكم يسعد أبو عمر عندما يرى الفرحة بوجوه اخوانه الأسرى وهم يتناولون ما يصنعه من حلويات و وجبات طعام.
وبالرغم من اصابات سعيد الى أن ذلك لم يمنعه من أن يشارك الأسرى اضراب الكرامة عام 2012 ، حيث نقص 15 كيلو غراماً من وزنه بعد 29 يوماً من الاضراب علماً أن مدة الاضراب كانت 28 يوماً لكنهم وفي القسم الذي تواجد فيه سعيد انتظروا قدوم ممثل الاسرى ليخبرهم عن انتهاء الاضراب ولم يتم ذلك الا في اليوم التاسع والعشرين.
الاسرى أضاعوا روزنامة تقويمهم العمرية واشتروا روزنامة الحرية لشعبهم ووطنهم ، يشعلون جمار العشق للوطن والقضية ، وينتظرون بصمت وصبر شمس الحرية.