من يافا، مرج بن عامر، الناصرة، شفاعمرو والمنطقة، حيفا وعكا، القدس وبلدات أخرى، أتوا إلى الغابسية، قرية مهجرة تقع قريباً من مدينة عكا الفلسطينية، أتوا من كلّ الأجيال وكلّ الأفكار، من كلّ حزب وحركة، بجميع الاختلافات السياسية ليرمموا مسجداً، ليبنوا بيتاً، ليسكنوا هناك، لـ "يعودوا".

"شباب من أجل الأسرى" هي مجموعة شبابية تنشط في الداخل المحتلّ من أجل أسرانا البواسل في سجون الاحتلال، تضمّ العديد من الشباب والفتيات من مختلف الأحزاب والحركات السياسية ، أقاموا معسكر "لن أبقى لاجئًا" على أرض قرية الغابسية المهجرة، حيث يأتي هذا المعسكر كخطوة متقدمة أكتر اللتي من خلالها اعلنوا عن اقامة مجموعة شبابيه جديده واسمها " شباب من أجل العودة " .

راني اسماعيل أحد منظمي المعسكر قال: "أتينا إلى الغابسية لنجسد حق العودة، لنعود فعلاً، أتينا مع أهل الغابسية المهجرين لنزرع روح العمل والتطوع من خلال ترميم المسجد وتنظيف أرض القرية وترميم بعض الأمور لنقول لأهل هذه القرية، آن الأوان أن تعودوا!". تابع راني: "لقد رأينا أن من الضروري تنظيم متل هذه النشاطات لأن الداخل الفلسطيني يفتقر نوعا ما إلى معسكرات ومخيمات في القرى المهجرة، فاختارنا هذه المرة الغابسية والمرة القادمة سنعلن عن إقامة معسكر وسنعلن عن العودة إلى أرض قرية مهجرة أخرى، ربما في معلول، ربما في البروة أواللجون، لكننا نعدُّ أن تكون هذه الخطوة الأولى لا الأخيرة".

في الغابسية ، شباب من السادسة عشرة فما فوق، شبابٌ واعٍ لقضيته متمسك بثوابته الفلسطينية، منهم الفاعل في الأحزاب السياسية في الداخل، ومنهم المستقل، ولكنهم لم يتكلموا عن أزمات العالم العربي ويختلفوا حولها كما جرت العادة، بل تركوها جانباً وركزوا حديثهم عن العودة إلى فلسطين المحتلة وكيفية تحقيقها. في النهار عملوا في المسجد وفي ارض المعسكر، حيث نظفوا أرض القرية لتكون بيتهم خلال الثلاثة ايام ( ايام المعسكر) ورمموا المسجد ليتيحوا المجال لأهل القرية الصلاة فيه. وكان العلم الفلسطيني مرفوعا على المسجد وعلى الاشجار في كل القرية.


لنا سطل من يافا أتت إلى المعسكر في اليوم الثاني، عندما سألتها عن سبب مجيئها قالت: "معسكر لن أبقى لاجئًا في قرية الغابسية كان إحدى الفعاليات الأكثر أهمية بالنسبة لي في الفترة الأخيرة، حيث تضمن المعسكر عدة نشاطات منها فعاليات ترفيهية ومنها فعاليات توعيوة لما يجري حولنا من هدم ودمار وتهويد وتهجير إضافة إلى اعمال تطوعية للقرية من بناء وترميم وتنظيف وبالذات حول ما تبقى من القرية من معالم". تضيف لنا: "مشاركة العديد من الشباب والفتيات من مختلف المناطق ومن مختلف الأجيال يؤكد على وحدة الصف ووحدة الهدف أمام الاحتلال. كما أكد المعسكر أننا لن ننسى ولن نبقى لاجئين وسنعود يوماً إلى كافة القرى المهجرة وسنعيد احياءها". وبعد فترات نهارية من العمل، كان المشاركون في المعسكر يقطعون الحطب ليشعلوا موقده خلال الليل وترافقهم في ذلك الأغاني الملتزمة من عدة فنانين وفنانات مثل: "صلاح العلي، منى ميعاري، أماني طاطور، هبة عودة"، والجدير بالذكر أن المعسكر نمى مواهب عديدة مبتكرة، حيث اتحف شباب القدس المشاركين بعدة فقرات دبكة رائعة، وحضرت مواهب أخرى مثل أغاني الراب، وأغانٍ فكاهية والعديد من الفقرات.

المميز في هذا المعسكر كان الجو الدافىء الذي لمسناه بين أعضائه، حيث كانت العلاقات القوية الأخوية سائدة على أرض المعسكر، كانوا يساندون بعضهم البعض، يتكلمون عن ماضيهم وعن مستقبلهم ، يتناقشون كيف يمكن ترتيب أكثر أرض المعسكر، فلم يكن هناك ابن القدس او ابن حيفا، بل كانوا جميعهم أبناء الغابسية ، أبناء الوطن. أما عائشة خليل من مدينة عكا قالت" اتيت للمعسكر من أجل الوقوف بجانب قضايانا الوطنية وانتمائنا إلى الارض، الهدف تحقيق مطالبنا في إعادة قرانا المهجرة والارض، التحقيق لا ياتي بهذه السرعة علينا الاستمرار في هذه المطالب فوق كل ارادة ما حققته هو انتمائي الكبير للمعسكر بما يحمله من اهداف وطنية".

هذه هي روح الشباب الفلسطيني، هذا هو النضال الفلسطيني، هكذا نزرع في الأجيال القادمة معنى حق العودة، وهكذا نزرع فيهم روح المقاومة الفلسطينية، من معسكر لن أبقى لاجئًا اعلنوا العودة، ولا يقبلون بالتفريط به! ولا يقبلون تقسيم الأرض ولا حتى بالمفاوضات على حق العودة.

لن أبقى لاجئًا لم يعد مجرد اسم لمعسكر فحسب، بل تحول إلى مفهوم ذي وقع على الجيل الشاب، يرافقهم في حياتهم، وتحوّل من شعار إلى واقع يحاول الشباب تثبيه بسواعدهم، وهم يعدون أنهم سيستمرون في العمل والتطوع، سيستمرون في البناء، سيستمرون في الزراعة حتى تحرير الأرض وعودة اللاجئين.

الصور بعدسات المصورين الشباب: أحمد عزايزة، أكرم دراوشة، ومراد عوض