كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية أنها تنوي نشر تحقيق شامل في ملحق خاص باسم (7 أيام)، عن عملاء إسرائيليين في جهاز "الموساد" تزوجوا من فتيات فلسطينيات وخططوا لعمليات، أبرزها قتل الرئيس الراحل "ياسر عرفات"، والقائد العسكري لحركة "فتح"، الشهيد "خليل الوزير" (أبو جهاد).
ونشرت الصحيفة، أمس الثلاثاء، بعضا مما تنوي نشره يوم بعد غد الجمعة، حول عمل وحدة "قيسارية" وهو (اسم خاص لشعبة العمليات الخاصة في الموساد الإسرائيلي)، والتي وصفتها الصحيفة بأنها "تضرب الرقم القياسي الخاص في الجسارة والتضحية والفترة الزمنية الأطوال التي يعيشها المقاتل بهوية مزيفة تصل إلى 15 سنة أو أكثر".
وتحدثت الصحيفة عن "أوري يسرائيل" الذي توفي مؤخرا بأنه أحد أولئك العملاء، بالإضافة لآخر لقبته الصحيفة باسم رمزي يُدعى (إسحاق) ولا يزال اسمه محظورا من النشر بأمر من الرقابة العسكرية الإسرائيلية، وتقول الصحيفة العبرية، أنهما "كانا جزءاً من مشروع (بوليسيس) وهو مشروع للاستخبارات الإسرائيلية في الخمسينيات والستينيات، زرع بعض العاملين فيه من الموساد بين العرب وتزوجوا بفلسطينيات وأنجبوا منها أطفالا وانغرسوا كرجال أعمال في الشتات الفلسطيني".
وأضافت الصحيفة، "كانوا أول من جلب معلومات عن تنظيم فتح وكانوا شركاء في أول خطة لقتل ياسر عرفات وأبو جهاد"، مشيرةً إلى أن ابن العميل في الموساد "أوري يسرائيل" يسكن خارج إسرائيل ويبلغ من العمر الآن 50 عاما، وحتى اليوم لا يعرف أن والده ليس فلسطينيا وطنيا، ولا يعلم أن له شقيق آخر من امرأة يهودية واسمه "شاي يسرائيل" وهو محامي الآن".
وتابعت" عام 1950 شكل "إيسار هرئيل" رئيس الشاباك حينها، وحدة "بوليسيس"، وزرع عملاء بين تجمعات اللاجئين الفلسطينيين داخل افلسطينيي ال[48 وفي الدول العربية، وجميع المجندين في الوحدة السرية كانوا يهوداً من أصل عربي ممن هاجروا حينها لدولة الاحتلال، وانضموا للوحدة السرية بعد أن صور هرئيل ورجاله لهم المهام الوطنية الأشد أهمية من الدرجة الأولى".
وتصف الصحيفة الظروف الصعبة التي خضع لها عملاء الموساد أثناء تدريبهم، قائلةً "كانت المهمة وحشية، فما أن وقعوا على التجنيد والانضمام إلى الوحدة وبعضهم كان لم يبلغ سن ال 20 عاما، فصلوا انفصالاً تاما عن عائلاتهم وعاشوا في شقق خفية في يافا لفترة تأهيل بلغت نحو عام ونصف، وفي هذه الفترة تدربوا على العادات العربية وتعلموا الإسلام، إلى جانب مهن التجسس والتخريب".
وتحدثت الصحيفة عن أن قائد الوحدة المذكورة في حينها ويدعى "سامي مورية" ذكر الكثير من الذكريات التي وصفها بالقاسية، حينما كانت أمهات أولئك العملاء يستجدونه ليسمح لهم برؤية أبنائهم ولو لدقائق معدودة لكنه وبحسبه كان يرفض فذلك سيعيق العملية المكلفين بها، ويحول دون تبلور هويتهم الجديدة.
وأضافت الصحيفة على لسان مورية قولة "تسعة فقط أنهوا التأهيل وزرعوا داخل السكان العرب، وكان هدفهم التحذير من أي ثورات، وباتوا يخرجون إلى الشتات الفلسطيني والدول العربية، فعملية الزرع كانت قاسية ومضنية كي تكسب المصداقية".
وتابع" اثنان منهم مثلا لبسوا ملابس ممزقة واتخذوا صورة لاجئين فلسطينيين واجتازوا الحدود من الأردن إلى منطقة أم الفحم، ودخلوا إلى كشك عربي وطلبوا القهوة فيما كان فريق المخابرات يراقبهم من بعيد ويعرفون بأن الكشك مليء بالوشاة من شرطة الاحتلال وبعد نحو نصف ساعة أحاطت ثمانية سيارات من الشرطة المكان وجر أفراد الشرطة المتسللين إلى الخارج وضربوهما ضربا مبرحا باللكمات والعصي".
وتقول الصحيفة أن "معظم رجال وحدة "بوليسيس" أعيدوا إلى إسرائيل عام 1959، واثنين منهم نقلا إلى الموساد وواصلا العيش كعرب وتزوجا وأنجبا أطفالا واتخذوا حتى أمام عائلاتهما صورة الفلسطينيين الوطنيين ممن يكرهون الإسرائيليين واليهود".
وذكرت الصحيفة " أنه في النصف الأول من العام 1964 بلغ العميلان عن شبكة فلسطينية جديدة، على رأسها، خليل الوزير (أبو جهاد) وياسر عرفات (أبو عمار).. وقام العميل أوري يسرائيل أو باسمه السري عبد القادر، بتمويل مصاريف الشقة التي التقى فيها قادة فتح وخططوا كيف سيشطبون "إسرائيل" عن الخريطة ويقيمون فلسطين بدلا منها، ورجال "كلوسوس" وحدة الملاحقة من الموساد، سمعوا كل شيء عبر الميكروفونات التي زرعوها في الجدران".
وأشارت إليه أنه في حزيران عام 1964 توجه "رافي ايتان"، رئيس بؤرة الموساد في أوروبا إلى رئيس الموساد، وطلب منه أن يأمر عناصر وحدة قيسارية باقتحام الشقة وقتل كل من فيها، وكتب رسالة جاء فيها "إن للوحدة قدرة وصول لا تتكرر إلى الهدف ويمكن التنفيذ بسهولة وأنه يجب قتل هذا القمقم وهو لا يزال صغيرا"، لكن ذلك لم يحدث.
وتواصل الصحيفة كشف الإسرار المتعلقة بوحدة قيسارية، "وبالتوازي وقع حدث دراماتيكي بقدر لا يقل في منزل أوري مع زوجته في بيروت، فقد كان في إثناء بث رسائل لإسرائيل فاجأته زوجته ودخلت إلى الغرفة، ويسرائيل الذي خرج من أوضاع أخطر بكثير، قرر فجأة أن يقول الحقيقة: لست فلسطينيا وطنيا يؤيد فتح، بل يهودي، وأكثر من ذلك جاسوس للموساد".