مرّ شهر الخير المبارك هذا العام ، رغم ما احتواه من آلام للبعض، من اعتقالات لم يكن في السابق لها هذا الكم من قبل السلطتين الفلسطينية والاحتلالية ، لذا كان لا بدّ من التطرق الى عدة أمور رغم صغرها لكن الشارع الفلسطيني يعمل على تجاهل حيثياتها وأبعادها المستقبلية على المدى البعيد.
قالها عمر الفاروق من قبل :متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً، وأقولها اليوم لما حدث في بعض المساجد خلال شهر رمضان الفائت، من حيث القرار الذي تم اصداره من قبل الأوقاف بعدم السماح للمصلين بالتواجد بعد الركعة العشرين لصلاة التراويح، وعليه فإن عليهم المغادرة فوراً، بالاضافة إلى الشباب الذين تم اعتقالهم خلال الفترة الاخيرة من الشهر المبارك وهم من رواد المساجد أيضاً، وينتمون إلى حركات اسلامية وتزامن الاعتقال السياسي لهم في وقت واحد لعدة مدن في الضفة الغربية.
كما تزامن الاعتقال السياسي غير المسبوق لهذا العدد من الشباب الفلسطيني من الجبهة الشعبية كذلك بعد انطلاق مسيرات لها في عدة مدن منها رام الله و التي ترفض المفاوضات مع الاحتلال الصهيوني والذي استند الى خطة أحادية الجانب، مُهمشةً لدور الفصائل الوطنية التي تستظل بظل منظمة التحرير الفلسطينية والتي بدورها الممثل الشرعي لإصدار القرارات، وأدانت الجبهة الشعبية القيادة العامة اللقاء الذي عقدته شخصيات فلسطينية مع برلمانيين صهاينة في ما يسمى الكنيست الإسرائيلي تحت شعار (دعم حل الدولتين) وتشجيع المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، ودعت إلى الافراج عن معتقليها السياسيين الذين تم اعتقالهم من قبل مراقبة المسيرات من مندوبي السلطة المنتشرين في المسيرات.
وخلال هذه الفترة الحرجة أقامت الجبهة الديمقراطية مسيرات منددة أيضاً لخطورة الاستناد لخطة امريكية تدعم في مضمونها بناء المستوطنات أو على أقل تعريف تتغاضى عن البناء والتوسيع لها في مناطق القدس والضفة ويعلم الجميع أن ذلك كان مقرراً بعد الزيارة الأمريكية المشؤومة لأوباما للمنطقة مؤخراً.
لذا قمتُ بإجراء حوارٍ مع عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية وعضو المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية ، السيد رمزي رباح حول المفاوضات الاخيرة مع الاحتلال ، مؤكداً على رفض شعبنا بإجماع فصائله وقطاعاته الشعبية العريضة لأنها تقوم على الصيغة الامريكية التي لا تعترف في الحد الأدنى لوقف الاستيطان.
واضاف أن المفاوضات خسارة لنا ومكسب لهم للمضي بمشروع التوسع الاستيطاني ودعا المفاوض الفلسطيني الى الانسحاب فوراً منها وعدم استئنافها والاعتراف بقرارات الشرعية الدولية وحدود الرابع من حزيران لعام 67. وطالب بإعادة بناء الوحدة الوطنية الرافضة للصيغة الامريكية و التي تم تهميشها بسبب هذه المفاوضات .
اذن اجماع فصائلي شامل على رفض المفاوضات من القيادة العامة القوى الوطنية والإسلامية الفلسطينية جميعها بإدانة هذه اللقاءات الكارثية وكشف أضرارها واستهدافها ومحاسبة أصحابها والقائمين عليها.
ولعب الاحتلال لعبة قذرة بإطلاق العنان للشعب الفلسطيني لدخول الخط الاخضر، محاولاً استغلال بناء وتوسيع المستوطنات والسماح ل 104 أسرى قدامى من قرار الافراج القريب عنهم خلال دفعات ، متغاضياً عن أسرى يحملون الهوية الزرقاء لعرب الداخل ، وعدم التدخل بشأنهم من قبل المفاوض الفلسطيني الذي ينفذ الأوامر فقط بصمت .
كما عمل الاحتلال ومعاونوه من المفاوضين الفلسطينيين على اختيار وقت انشغال المنطقة العربية في احداث مصر العنيفة ، مما جعل الاحداث تحدث بشكل سريع ومنسق واجرامي دون الرجوع من دول الجامعة العربية والتي من المفروض أن المفاوض الفلسطيني قد أطلعها على بدء انطلاق المفاوضات مع الاحتلال ، مع معرفتنا التامة لترحيب سري من قبل بعض دول الخليج لهذه المفاوضات الجهنمية الابعاد.
الشعب الفلسطيني المسكين:
رحّب ابناء الشعب الفلسطيني بقرار الحصول على تصاريح تمكنهم من الذهاب لشواطىء البحر الأبيض المتوسط ، كما أن رواتب الموظفين لم تنقطع لإغرائهم بعكس الأشهر الماضية ، بالاضافة الى الافراج عن أسرى من ابناء الضفة وغزة والبالغ عددهم 104 أسير فقط ظناً من البسطاء أن هذه البادرة هي كالقائل: عصفور باليد ولا عشرة عالشجرة، متناسين ومتجاهلين أن قضية الأسرى تحوي أسرى عرب الداخل وقُدامى ومرضى وجُدد والبالغ عددهم الخمسة آلاف أسير وليس فقط 104.
ولا ننسى غزة التي انشغلت بسبب احداث مصر وجريمة اغلاق المعابر لها والتتضييق عليها ، وابعادها عن ملف المفاوضات ولو بشكلٍ مؤقت استفاد منه الاحتلال والمفاوض معاً.
نهايةً أقول مللتُ صمتكم: علينا في هذه الأرض المباركة أن لا نقف صامتين في وجه الخيانة ، ولا نقف حائرين بين هذا أفضل من لا شيء ، وأن نبقى على عهد الثوّار القُدامى على هذه الأرض العربية الاسلامية المقدسة .
وسؤال أوجههُ لجامعة الدول العربية والعالم الاسلامي : كيف لنا القضاء على الاحتلال مع وجود من يتعاون معه منكم ، ومع من يتغاضى عنه من قبل البعض الآخر ومن لا يحرك ساكناً له ومنشغلاً بهمومه؟!