كشفت حركة حماس عما أسمتها تفاصيل مهمّة وخطيرة لمجمل المحادثات التي جرت خلال اللقاءين اللذين عقدهما وزير الخارجية الأمريكي "جون كيري" مع الرئيس محمود عباس في 17 و 18 يوليو الماضي في العاصمة الأردنية عمان حول المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي.
وأفادت حماس في تقرير وزعته على وسائل الإعلام "أنها استقت المعلومات حول لقاءي كيري - عباس من مصدر شارك في أحد اللقاءين المذكورين"، مشيرة إلى أنّ كيري حدد فترة زمنية تتراوح بين 6-9 أشهر كسقف زمني يتمّ خلاله عقد مفاوضات ثنائية فلسطينية-إسرائيلية تقوم على أسس وقواعد مذكورة.
محادثات غير مشروطة
ومن بين الأسس المتفق عليها، أن يشرع الجانبان الإسرائيلي والفلسطيني في عقد محادثات ثنائية دون أية شروط مسبقة خارجة عن المبادئ (التوافقية) المدرجة تاليا، فيما يشارك الأردن في الجلسات المتعلقة باللاجئين والقدس والحدود حيثما اقتضى الأمر ذلك.
ويشكل جدار الفصل العنصري القائم حاليا، حسب التفاهمات، الحدود الأمنية للدولة (اليهودية) والحدود (المؤقتة) للدولة الفلسطينية التي سيقر بها الطرفان ويعلنانها.
وطرح كيري أن يتم إجراء تبادلية في الأراضي المتنازع عليها والواقعة ضمن مخطط الجدار المذكور بموافقة الطرفين ومباركة لجنة المتابعة المنبثقة عن الجامعة العربية التي نقلته للوزير كيري خلال زيارتهما الأخيرة لواشنطن والتي تتراوح مساحتها بين 8_10% من أراضي الضفة الغربية.
وبينت المصادر أن من بين الشروط التي طرحت "قيام حكومة الاحتلال تجميد المشاريع الاستيطانية المتعلقة بعدد من البؤر المقرة من قبلها، ولا ينطبق هذا الإجراء على المشاريع القائمة في التجمعات الاستيطانية الكبرى الواقعة في محيط مدينة القدس وغور الأردن بما فيه مستوطنات "معاليه أودميم وجفعات جئيف وهارحوما وجيلو ونيفي يعقوب ورامات شلومو ورامات ألوان وكريات أربع"، وكذلك المستوطنات ذات الكثافة السكانية، حسب المصادر.
ووفق ما تم التفاهم عليه خلال اللقاءين، يعطى سكان المستوطنات التي يتم تجميد الاستيطان فيها الحق في اختيار أي من الجنسيتين اليهودية أو الفلسطينية أو كلتيهما في ختام المحادثات المذكورة.
اتفاق تاريخي
وأفاد تقرير حماس نقلا عن مصدرها المطلع، "أنّ المحادثات ستتوج باتفاق تاريخي في ختام السقف الزمني المذكور علي غرار اتفاق أوسلو، يتم خلاله الإعلان عن وقف نهائي للنزاع التاريخي بين الطرفين وتطبيع كامل مع كافة الدول العربية في اجتماع احتفالي تحضره الجامعة العربية وممثلو كافة الدول العربية".
وفي ذلك الاحتفال، ستعلن موافقة "إسرائيل" على قيام الدولة الفلسطينية ضمن الحدود الواردة في الفقرة 4 أعلاه وفق الاتفاق (التوافقي) الذي يبرمه الطرفان في نهاية المفاوضات مقابل اعتراف فلسطيني مماثل بـ"إسرائيل" كدولة للشعب اليهودي.
ووفق ما تفاهم عليه كيري وعباس، يتمّ الاتفاق في نهاية المفاوضات علي السماح لبعض العائلات الفلسطينية بجمع الشمل في الضفة ورفح وغزة، ويمنح الآخرون حق التعويض أو الهجرة، بحيث تفتح الدول العربية خاصة الخليجية ذات التواجد الفلسطيني فيها أبوابها لتسهيل ذلك وإعادة تأهيلهم أو تجنيسهم مع مناشدة عدد من دول الخليج كالسعودية والإمارات العربية والكويت وقطر تمويل صندوق "حق العودة المتعلق بذلك".
القدس تحت إدارة دولية
ويوضع شرقي القدس تحت إدارة مشتركة (دولية- فلسطينية- إسرائيلية- أردنية) لمدة عشر سنوات بحيث يحق للإسرائيليين المقيمين فيها اختيار هويتهم التي يقررونها، كما كشف بيان الحركة.
وتحدّث البيان عن موافقة الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني على مناقشة مسألة تبادل الأراضي، سيما في الضفة والقدس، في لجان التفاوض على الرغم من بعض النقاط الخلافية غير الجوهرية القائمة حالياً بين الطرفين في بعض التفاصيل، وخاصة تلك التي تحفظ عليها بعض أعضاء وفد الجامعة العربية والمتعلقة منها بمقترح منح الجنسية لكل فلسطيني مقيم في الخليج منذ أكثر من عشر سنوات.
وحسب التفاهمات، يتم مناقشة الخطوات التنفيذية لهذا الاتفاق خلال المفاوضات التي تقرر لها السقف الزمني المذكور أعلاه، ويمتد تنفيذها إلى عشر سنوات تبدأ مع توقيع الاتفاق.
وفي إطار ما تم لاتفاق عليه، ستفرج "إسرائيل" عن عدد من الأسرى الفلسطينيين لديها ممن قضوا عشرين عاما أو أكثر في المعتقلات، "ولا يشكلون خطرا أمنيا عليها".
انتخابات عامة في الضفة فقط
وتضمنت محادثات الرجلين، أن يدعو عباس إلى انتخابات تشريعية ورئاسية في الضفة بعد إطلاق الجانب العلني من الاتفاق تحسبا لاحتمال ظهور اعتراضات عليه، ولن تعلن بنود الاتفاق كاملة للإعلام إلا بعد بدء المفاوضات وانشغال الفلسطينيين بمعارك المجلس التشريعي والرئاسة.
ومع توقيع الاتفاق في نهاية السقف الزمني المحدد الذي يعلن بموجبه استقلال الدولة الفلسطينية، يدخل الطرفان الفلسطيني والأردني بمباركة إسرائيلية وعربية، في تفاهمات تتناول دورا أردنيا أمنيا جوهريا في مساندة السلطة الفلسطينية والوقوف إلى جانب في وجه أية أخطار داخلية أو خارجية محتملة.
وهذه المساندة، وفق ما كشفه بيان حماس، يأتي في إطار الكونفدرالية المتفاهم عليها والتي تكون قد نضجت ظروف إعلانها، بالتزامن مع طفرة اقتصادية ثلاثية يكون لـ"إسرائيل" دور فاعل في تشكيلتها.
وأفاد التقرير الخاص الذي نشرته حماس أن عباس أوفد في 18 يوليو الماضي عضو مركزية فتح نبيل شعت إلى موسكو سرا وبشكل عاجل لوضع القيادة الروسية في صورة الأمر.
كما اجتمع عباس، حسب التقرير مع عدد من قيادات فتح بصورة ثنائية كل على حدة ، تجنّبا لاجتماعات مفتوحة، وذلك تمهيدا لدعوة المجلسين المركزي والوطني الفلسطينيين إلى الاجتماع بعد عيد الفطر مباشرة على غرار اجتماع عام 1996 في غزة الذي تم فيه إلغاء البنود الرئيسية للميثاق القومي الفلسطيني.
كما أورد التقرير أن الملك الأردني عبد الله الثاني استدعى إلى عمان عددا كبيرا من الشخصيات ذات الأصول الفلسطينية وآخرين من الأراضي المحتلة ومن القدس للتشاور ولدعم الاتفاق، وأبلغ الملك عددا من هذه القيادات الأردنية من أصل فلسطيني بقرب التوصل إلى اتفاق تاريخي في شأن القضية الفلسطينية.
وتحدث التقرير عن وجود تململ يتبلور في شكل معارضة ملحوظة لهذا الاتفاق بعد تسرب بعض مضامينه، تلعب فيها فدوى زوجة القيادي في فتح مروان البرغوتي دورا رئيسيا في التصدي له.
كما تطرق التقرير إلى أنه ورد على لسان كيري خلال اجتماعه بعباس قوله تعقيبا على مداخلة من الأخير أبدى فيها تخوفه من عرقلة حماس للاتفاق فقال: "دعك من هذا الهاجس، سنتدبر أمره، وستجد حماس من التطورات المستجدة على الساحة المصرية ما يشغلها عن هذا الشأن ويحصر اهتمامها في تدبر أمرها وأمر وجودها وبقائها من عدمه".