شبكة قدس الإخبارية

اغتيال ياسر أبو شباب يعرّي مشروع الاحتلال: انهيار رهان "الميليشيات البديلة" في غزة

photo_2025-12-04_16-45-06
هيئة التحرير

غزة - خاص قدس الإخبارية: تكشف حادثة مقتل ياسر أبو شباب حجم الارتباك الإسرائيلي في التعامل مع المجموعات المرتبطة به داخل قطاع غزة، وتفضح هشاشة مشروع الاحتلال في بناء "قوة بديلة" تحكم القطاع أو تمهّد لإدارة جديدة تتجاوز حركة حماس.

 وبينما تتضارب الروايات الإسرائيلية حول كيفية مقتله، تتفق التقديرات – الإسرائيلية والفلسطينية – على أن سقوطه يمثل فشلاً مزدوجاً: أمنياً في حماية أدوات الاحتلال، وسياسياً في مشروع "اليوم التالي" للحرب على غزة.

وأعلنت إذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي اغتيال قائد المليشيا المسلحة شرقي رفح في قطاع غزة ياسر أبو شباب على يد مجهولين.

ونقلت الإذاعة عن مصدر أمني كبير قوله إن مقتل أبو شباب "تطور سيئ لإسرائيل"، فيما نقلت القناة الـ12 الإسرائيلية عن مسؤول أمني قوله إن "أبو شباب توفي في مستشفى سوروكا متأثرا بجراحه جراء خلاف داخلي في العائلة".

وكان  أبو شباب يتواجد في منطقة رفح جنوبي قطاع غزة، وكان يتعاون مع جيش الاحتلال الإسرائيلي الذي كان يبني عليه آمالا كبيرة ويعوّل عليه في إنشاء نموذج في رفح لإدارة قطاع غزة بعيدا عن الجهات المحسوبة على حركة حماس، في مقابل رفض كبير لذلك على مستوى الشارع الفلسطيني، لكن قوات الاحتلال كانت توفر غطاء وحماية له.

وياسر أبو شباب فلسطيني ولد عام 1990 في رفح جنوب قطاع غزة وكان معتقلا قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 بتهم جنائية لدى الأجهزة الأمنية، وأُطلق سراحه عقب قصف الاحتلال مقرات الأجهزة الأمنية.

وبرز اسمه بعد استهداف كتائب القسام قوة من "المستعربين" شرق رفح، في 30 مايو/أيار 2025، وتبين أن معها مجموعة من العملاء المجندين لصالح الاحتلال ويتبعون مباشرة لما وصفته المقاومة بـ"عصابة ياسر أبو شباب".

نهاية الميليشيا

في السياق،  قال الكاتب والباحث في الشأن العسكري والأمني للمقاومة، رامي أبو زبيدة، لـ"شبكة قدس"، إن سقوط ياسر أبو شباب يمثل "النهاية الطبيعية لأي ميليشيا ترتبط بالاحتلال وتعمل تحت مظلته"، مؤكداً أن الحدث يتجاوز كونه حادثاً أمنياً ليكشف فشل الاحتلال في تشكيل قوة بديلة داخل غزة أو صناعة "جيش لحد" جديد يخدم مصالحه.

وأوضح أبو زبيدة أن مصيره كان محتوماً منذ البداية، نظراً لتحركه تحت حماية الاحتلال في بيئة ترفض أي تعاون مع العدو، إضافة إلى انكشاف مجموعته أمنياً ورصد تحركاتها مبكراً.

 وبيّن أن الاحتلال نفسه لم يتمكن من حمايته، وهو ما أقرّت به وسائل إعلام إسرائيلية، ما يؤكد – حسب قوله – أن "أي تشكيل وظيفي يعمل ضد شعبه وتحت رعاية الاحتلال لا يملك فرصة للبقاء داخل غزة".

وأشار الباحث إلى أن سقوط أبو شباب يكشف فشل كل محاولات الاحتلال في إيجاد قوة محلية تخدم مخططاته، وتؤكد أن المجتمع الغزي لا يوفر غطاءً لأي ميليشيا مرتبطة بالاحتلال. واعتبر أن قدرة المقاومة على ضبط الأمن وملاحقة المجموعات المنفلتة ما زالت قائمة رغم ظروف الحرب.

وختم أبو زبيدة بالقول إن أبو شباب "لم يكن ظاهرة مستقلة، بل أداة استخدمها الاحتلال ثم تخلّى عنها"، معتبراً أن نهايته تُمثّل نموذجاً لما ينتظر أي تشكيل يعمل خارج الإجماع الوطني وتحت حماية قوة احتلال لا تبحث إلا عن مصالحها.

تضارب الرواية الإسرائيلية

من جانبه، قال الكاتب والمختص في الشأن الإسرائيلي علاء الريماوي لـ"شبكة قدس"، إن الرواية الإسرائيلية حول مقتل ياسر أبو شباب شهدت تضارباً لافتاً بين رواية العائلة وما أعلنته حركة حماس بشأن اغتياله، إلا أن النقاش داخل إسرائيل تجاوز تفاصيل الحادثة ليركز على مستقبل التعاون مع الميليشيات المرتبطة بها داخل غزة.

وأوضح الريماوي أن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تناقش اليوم محدودية الاعتماد على مثل هذه المجموعات، مشيراً إلى وجود رأيين: الأول يعتبر ميليشيا أبو شباب مجرد "أداة مرحلية" تُدفع إلى خطوط القتال الأولى وتُستخدم في مهام خطرة كالعمل داخل الأنفاق، لتقليل خسائر الجيش. أما الرأي الثاني، فيؤكد أن هذه المجموعات لا تصلح لأي دور سياسي أو إداري في غزة.

وأشار إلى أن حالة الإحباط داخل "إسرائيل" تتصاعد، مع تلاشي الأمل في تجاوز حركة حماس أو بناء كيان فلسطيني بديل موالٍ للاحتلال. ونقل الريماوي عن "القناة 13" العبرية قولها إن "أحلام إسرائيل بإدارة غزة تحت سيطرتها لم تعد ممكنة"، ما يجبرها على التفكير في نموذج يقوم على "كيانية فلسطينية محترمة" تحظى بقبول شعبي وترتيبات دولية.

ولفت الريماوي إلى أن المشروع القائم على الاعتماد على ميليشيات محلية – من رفح إلى خان يونس – بات محل شك كبير، خاصة مع الانتقادات الداخلية التي تتهم الحكومة الإسرائيلية بالفشل في التخطيط لمرحلة ما بعد الحرب، وانهيار الرهان على "المناطق الخضراء" التي أرادت إسرائيل تحويلها إلى نموذج للإعمار دون نفوذ المقاومة.

وأضاف أن حكومة نتنياهو ما زالت بلا خطة واقعية لإدارة القطاع، ما يدفعها لمحاولة إنتاج "أبو شباب جديد" عبر استقطاب شخصيات من العائلات ووجهاء المناطق لإنشاء هياكل محلية موالية، بدعم أميركي وتغطية دولية. لكنه شدد على أن هذه المحاولات تفتقر للشرعية وتواجه فراغاً سياسياً متزايداً.

وختم الريماوي بالقول إن "إسرائيل" لم تجد حتى الآن أي بديل واقعي يمكنه ملء الفراغ أو إدارة غزة وفق الرؤية التي تحاول فرضها، مؤكداً أن مقتل أبو شباب كشف هشاشة هذا المشروع برمّته.

#ياسر أبو شباب #العصابات #غسان الدهيني