شبكة قدس الإخبارية

صحيفة عبرية: اتفاق وقف إطلاق النار لم يحسن صورة وموقع "إسرائيل" في العالم 

Screenshot 2025-11-13 214108

ترجمات خاصة - قدس الإخبارية: نشرت صحيفة يديعوت أحرونوت تقريرًا تحاول فيه استشراف موقع "إسرائيل" بعد انتهاء الحرب على غزة، وتبيان حجم الفجوة بين توقعاتها وبين المزاج العالمي الذي لم يغادر بعد صدمة الدمار الواسع في القطاع. فالمراهنة الإسرائيلية على أن توقف القتال سيؤدي تلقائيًا إلى تراجع العداء الدولي أو تفكك حملات المقاطعة تبدو، وفق التقرير، قراءة ساذجة. 

وبحسب التقرير، في الداخل الإسرائيلي، انتقلت المؤسسة الحاكمة إلى مرحلة جديدة من الأولويات، بدءًا من السعي لإنهاء ملف استعادة جثامين المحتجزين لدى المقاومة، وصولًا إلى متابعة الخطوات التالية في خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب. لكن خارج الحدود، سواء في مواقف الحكومات أو في الرأي العام، ما جرى في غزة لم يطوَ بعد، ولن يُمحى سريعًا من الذاكرة السياسية أو الإعلامية.

وتشير الصحيفة إلى أنّ الاتهامات بارتكاب جرائم حرب والتدمير المنهجي للقطاع، إلى جانب اتهامات الإبادة الجماعية، ستظل تلاحق "إسرائيل" لسنوات طويلة، وتقيّد حركتها الدبلوماسية. يترافق ذلك مع حقيقة أن جزءًا كبيرًا من السخط الدولي موجَّه تحديدًا نحو حكومة بنيامين نتنياهو، التي تُحمّلها العديد من العواصم مسؤولية ما جرى، وهي لا تزال ممسكة بالسلطة. 

وعلى النقيض تمامًا، يزداد وضع "إسرائيل" سوءًا في ميدان الرأي العام العالمي. فصحيح أنّ التغطية الإعلامية انخفضت حاليًا بسبب عدم السماح للصحفيين الأجانب بدخول غزة بحرية، لكن التوقع السائد أنّ دخول وسائل الإعلام الدولية إلى القطاع سيؤدي إلى موجة جديدة—وربما جارفة—من التقارير السلبية، التي ستعكس ما سيشاهده المراسلون على الأرض ويسمعونه من سكان غزة. وترى الصحيفة أن انخفاض الضجيج الإعلامي الحالي لا يعكس تحسنًا في صورة "إسرائيل"، بل يشبه “هدنة إعلامية” مؤقتة قبل عودة العاصفة.

وتضيف أن جزءًا من السخط العالمي مرتبط أيضًا بتصريحات وتحركات داخلية، تُعرض دوليًا بوصفها دلائل على انزلاق المؤسسة السياسية لدى الاحتلال نحو التطرف. وتتوقف الصحيفة عند تصريحات عضو الكنيست نيسيم فاطوري الذي قال إن “كهانا كان على حق”، وكذلك عند غياب أي محاسبة حقيقية في قضايا عنف المستوطنين في الضفة الغربية. هذه السلوكيات، كما تقول، تحظى بتغطية واسعة في الإعلام العالمي، وتفاقم تدهور صورة "إسرائيل".

وتخلص يديعوت إلى أنّ استطلاعات الرأي العالمية تُظهر أن النظرة السلبية لإسرائيل لم تتحسن، ولن تتحسن بمجرد توقف الحرب، بل تحتاج إلى تغييرات سياسية أعمق: انتخابات جديدة، تبدل في القيادة، أو تحركات دبلوماسية جدية نحو عملية سلام. حتى الآن، لا تظهر أي مؤشرات على أن شيئًا من ذلك يلوح في الأفق.

لكن التحدي الأكبر يبقى في حقل الرأي العام الذي يبدو أن تهدئته ستستغرق وقتًا طويلًا. وتورد الصحيفة أمثلة على الاحتجاجات الأخيرة التي استهدفت النشاطات الثقافية الإسرائيلية في أوروبا: من تعطيل حفل الأوركسترا الإسرائيلية في باريس على يد متظاهرين مؤيدين لفلسطين، إلى إلغاء مهرجان غنت في بلجيكا حفلًا للأوركسترا الفيلهارمونية بسبب هوية قائدها الإسرائيلي، وصولًا إلى رفع الناشطين أعلام فلسطين فوق بوابة براندنبورغ في برلين وإشعال المشاعل ورفع لافتة تقول “لن تتكرر الإبادة الجماعية والحرية لفلسطين”.

وترى الصحيفة أن تهدئة هذا المناخ تتطلب سلسلة تطورات متزامنة: أولها أن تتوقف "إسرائيل" عن تصدر نشرات الأخبار العالمية عبر الأحداث الأمنية المتلاحقة؛ وثانيها حدوث اختراق سياسي كبير—مثل توسيع اتفاقيات التطبيع وانضمام السعودية إليها—بما يمنح "إسرائيل" مكاسب استراتيجية قد تُترجم لاحقًا إلى تخفيف الضغوط الدولية. 

كما تشير "يديعوت أحرونوت" إلى أن المتغيرات الجيوسياسية قد تخفف الضغط عنها، مثل احتمال تجدّد المواجهة بين روسيا وأوكرانيا، ما قد يعيد توزيع ثقل الاهتمام العالمي بعيدًا عن الشرق الأوسط، ويمنح "إسرائيل" استراحة دبلوماسية بعد تركّز الأنظار عليها منذ 7 أكتوبر 2023. لكن رغم كل تلك الاحتمالات، ينتهي التقرير إلى أن الطريق نحو إعادة تأهيل صورة "إسرائيل" في العالم ما يزال طويلًا، وأن انتهاء الحرب لم يشكل نقطة تحول كما كانت المؤسسة الإسرائيلية تأمل، بل مجرد محطة عابرة في مسار دولي يزداد تعقيدًا.