فلسطين المحتلة شبكة قدس: شكل انتخاب زهران ممداني عمدة لبلدية نيويورك، حدثا تاريخيا، حيث يمثل فوزه تحولًا واضحًا في المشهد السياسي الأمريكي، كما أنه يعكس قوة الحراك الشبابي وقدرة وسائل التواصل الاجتماعي على تشكيل الرأي العام، وهو مؤشر على أن الطبقة السياسية التقليدية في الولايات المتحدة تواجه تحديات حقيقية من قوى جديدة غير مألوفة.
وصفت تقارير عبرية انتخابات عمدة نيويورك، على أنها الانتخابات الأكثر حساسية وسخونة التي شهدتها المدينة الأمريكية خلال عقود، توج في نهايتها الديمقراطي المسلم ممداني عمدة للمدينة والذي يعدّ معارضا للصهيونية، والذي تمكن من جذب جمهور واسع "بفضل" مواقفه الاستثنائية في المشهد السياسي الأمريكي.
قبل الإعلان عن فوز ممداني؛ خرجت مظاهرات في المدينة دعما له، وسط مراقبة عالمية لنتائج الانتخابات، وكانت واحدة من هذه المظاهرات تحمل شعار "ضرائبنا مولت حرب الإبادة".
وفق صحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية، فإن ما يحدث في نيويورك لا يبقى فقط فيها، فهي ليست مجرد مدينة وإنما هي العاصمة الاقتصادية والثقافية للعالم، وفق وصف الصحيفة، وبوابة رئيسية للولايات المتحدة الأمريكية، ومقر وول ستريت وبرودواي، حيث كل قرار من خطط الإسكان إلى البيانات السياسية له صدى بعيد، كما أن الناتج المحلي للمدينة يقدّر بحوالي 1.3 تريليون دولار، وفي المنطقة الحضرية الكبرى يصل إلى 2.1 تريليون، ولو كانت دولة مستقلة، كانت ستصنف في المرتبة العاشرة عالميًا، بجانب إيطاليا وكندا.
لقي ممداني تحريضا واسعا، بسبب موقفه من الحرب على غزة، ورغم أنه كرئيس بلدية نيويورك، لا يصنع أو يضع السياسة الخارجية، لكنه يتمتع بقوة هائلة في تشكيل الأجواء العامة والسياسات المحلية.
رئيس المدينة المعارض وفق الصحيفة، يمكن أن يؤثر على الاستثمارات، الحملات التعليمية، وصورة "إسرائيل" في الرأي العام الأمريكي، فنيويورك تضم أكبر تجمع يهودي في العالم (تقريبا 1.6 مليون) وأكبر تجمع إسرائيلي خارج "إسرائيل"، وتعتبر "البيت الثاني" للعديد من الإسرائيليين.
ممداني، الذي ركز في حملته على القضية الفلسطينية، يسعى لجعل نيوحككيورك رمزًا للتضامن مع الفلسطينيين ويعترض على العلاقات المؤسسية مع الاحتلال، تقول الصحيفة، وتضيف: وعد بمنع رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو من دخول المدينة بحجة الامتثال لأمر توقيف دولي، وهدد بسحب الاستثمارات في السندات والشركات الإسرائيلية وإلغاء المجلس الاقتصادي نيويورك-إسرائيل، الذي أسسه رئيس المدينة السابق إريك آدمز لتعزيز التعاون في مجالات التكنولوجيا والأمن.
كما دعم الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين، وإعادة تعريف "معاداة السامية"، وهذه الإجراءات، إذا نفذت جزئيًا، ستؤثر على المناخ العام في المدينة أولاً، ثم على بقية الولايات المتحدة.
وفق الصحيفة، فإن دعم الشباب حتى 29 عاما لممداني، وصل إلى 66%، كما أن دعم اليهود في نيويورك منقسم، نحو 20-40% يؤيدونه، غالبًا من الشباب ذوي التوجه الليبرالي، وبعض المنظمات اليهودية التقدمية تدعمه ماليًا، بينما المنظمات التقليدية مثل اللجنة اليهودية الأمريكية تحذر منه.
قوة رئيس مدينة نيويورك
يمتلك رئيس المدينة ميزانية ضخمة (116 مليار دولار)، لكن صلاحياته محدودة في الضرائب والديون والسياسات العامة، كما يمتلك سيطرة شبه كاملة على الشرطة والتعليم والإسكان والصحة، ويمكنه تعيين مفوض الشرطة ووضع أولويات الإنفاذ، بما في ذلك التعامل مع الاحتجاجات.
وتعاني نيويورك من نقص تاريخي في الوحدات السكنية، وزيادة 3% سنويًا في الإيجارات، وممداني وعد بتجميد الإيجارات لأربع سنوات ودعم الإسكان العام، لكنه يحتاج موافقة قانونية، ويعد ممداني بتحويل المواصلات العامة مجانًا، كما أن نيويورك تتعامل مع 32 ألف مهاجر جديد سنويًا، وممداني يدعم سياسات "مدينة ملاذ" ويؤكد على تمثيل قانوني مجاني للمهاجرين المهددين بالترحيل.
وفق الصحيفة، فإن نيويورك استيقظت اليوم برئيس مدينة شاب، مسلم، معارض للصهيونية، ويحظى بتأييد جيل جديد سئم من السياسة التقليدية، وبالنسبة للإسرائيليين واليهود في المدينة، سيكون هذا وقتًا للتكيف وربما إعادة التفكير في العلاقة مع "إسرائيل". كما أن هذه الانتخابات ليست مجرد شأن محلي، بل تعكس صراعات أوسع داخل الحزب الديمقراطي وتأثيرًا على المجتمع الأمريكي والعلاقات مع "إسرائيل".



