خاص - شبكة قدس: تمثل دولة الاحتلال بما هي مشروع للإبادة والإحلال والاستعمار خطراً على فئات المجتمعات العربية والإسلامية، وهذه الحقيقة الكامنة في تاريخ وسلوك الاحتلال لم يغير منها التحالفات الاستراتيجية وتموضعه داخل المنظومة الغربية للهيمنة، والدعم الهائل الذي يحصل عليه من جهات سياسية ودينية ويمينية مختلفة بعضها ينطلق من معاداة للمسلمين.
نفذ جيش الاحتلال الإسرائيلي خلال حرب الإبادة، في غزة، عدة جرائم بحق المسيحيين الفلسطينيين، ضمن سياسة ونهج متواصل منذ نكبة 1948، في استهداف كل مكونات المجتمع الفلسطيني بما فيهم المسيحيين، الذين هجرتهم العصابات الصهيونية من عدة قرى وبلدات، وقتلت وأصابت عشرات منهم، وسيطرت على مواقع للعبادة خاصة بهم، وخلال النضال الفلسطيني المستمر ضد الاحتلال انضمت عدة شخصيات منهم لفصائل الكفاح المسلح واستشهدوا واعتقلوا، وبقي المسيحيون في سنوات الاحتلال يعانون ما يعانيه بقية المجتمع الفلسطيني من الحرمان من الوصول لأماكنهم المقدسة، في القدس المحتلة، ومن الاعتقالات ومصادرة أراضيهم وتدمير بيوتهم، وكان تتويج المعاناة في حرب الإبادة.
مخطط إسرائيلي لاستئصال المسيحيين من غزة
وذكرت إحصائيات رسمية، خلال الحرب، أن جيش الاحتلال الإسرائيلي قتل نحو 3% من المسيحيين الفلسطينيين، في غزة، ودمر نحو 3 كنائس تعتبر من أقدم أماكن العبادة، في العالم، وتعرض المجتمع المسيحي الفلسطيني، في القطاع، لحرب التجويع والحصار القاسي الذي فرضه جيش الاحتلال، وأدخل الفلسطينيين في حالة قاسية من المجاعة والأمراض والوفيات العديدة.
وأكد مسؤولون في الكنائس المسيحية الفلسطينية أن الاحتلال مارس، في شهور حرب الإبادة، ضغوطاً كبيرة بأشكال مختلفة، لدفع المسيحيين الفلسطينيين للهجرة والخروج من غزة خاصة منطقة شمال الوادي، إلا أنهم رفضوا كل هذه الطلبات، وبقيت عديد العائلات منهم صامدة مع بقية المجتمع الفلسطيني، رغم قساوة العدوان الإسرائيلي، وذكرت شهادات أن ضباط استخبارات الاحتلال اعتدوا بالضرب والتعذيب على شبان مسيحيين اعتقلوهم من أحياء غزة، خاصة القديمة منها، وأخبروهم أن صمودهم شجع فئات أخرى على البقاء في المدينة.
ولا ينفصل الإجرام الذي ارتكبه جيش الاحتلال بحق المسيحيين، في غزة، عن المخطط الحاضر منذ بدايات احتلال فلسطين، وهو دفع المسيحيين الفلسطينيين إلى الخروج من البلاد، في سياق الفهم الاستعماري الإسرائيلي للبلاد، على أنها يجب أن تكون خالصة لليهود فقط، بعد تشريد أصحابها، ولأهداف أخرى بعضها مرتبط بالمبنى الفكري المتأصل في الحركة الصهيونية، التي لا ترى المنطقة سوى مجموعة من الأقليات يحق لها أن تمارس بينها التفرقة وإشعال الحروب، وليست مجتمعات مترابطة بينها تاريخ طويل مشترك خاصة في مواجهة الاستعمار والهيمنة.
مجزرة مستشفى المعمداني
في 17 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 ارتكب جيش الاحتلال مذبحة كانت من الأكبر، خلال حرب الإبادة الجماعية، في غزة، بعد أن أطلقت الطائرات صواريخ تحمل أطنان المتفجرات على مستشفى يتبع لكنيسة لجأ إليه آلاف النازحين الفلسطينيين الذين دمر الاحتلال مناطقهم ومساكنهم، وقتل مئات الأطفال والنساء والمدنيين أمام أعينهم.
استشهد في المجزرة التي ارتكبها جيش الاحتلال، في باحة المستشفى المعمداني في غزة، إلى استشهاد وإصابة مئات الفلسطينيين، بعد أن ألقت عليهم الطائرات الحربية صواريخ تحمل أطنان المتفجرات.
ويعتبر المستشفى المعمداني من أقدم المستشفيات، في غزة، ويتبع للكنيسة الأسقفية الأنجليكانية في القدس، ونفذ جيش الاحتلال عدة غارات عليها وارتكب مجازر، في شهور حرب الإبادة، وتعرض لجرائم مركبة بين الحصار والاقتحام وتجويع الجرحى والمرضى فيه.
وقالت المصادر حينها إن عدداً من المسيحيين استشهدوا، في المجزرة، وبقيت عشرات العائلات المسيحية تحاول الاحتماء بالكنيسة، لكن جيش الاحتلال لم يتوقف عن ارتكاب الجرائم بحقهم، وواصل قصف المنطقة وشن الحصار وحرب التجويع عليها، بدعم من الولايات المتحدة الأمريكية وتواطؤ الدول الأوروبية وجهات عديدة، في العالم، التي لم تتحرك لوقف المذبجة بحق الشعب الفلسطيني كاملاً، وبقيت تشاهد كيف يقتل الاحتلال الأطفال والنساء من المسلمين والمسيحيين، ويدمر المساجد والكنائس والمستشفيات والمدارس ومختلف البنية التحتية والمدنية.
مجزرة كنيسة القديس برفيريوس
في 19 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، قصف طيران الاحتلال كنيسة القديس برفيريوس، في أحياء مدينة غزة، وقتل وأصاب عشرات الفلسطينيين من المسيحيين والمسلمين.
أدى القصف حينها وفقاً لمصادر طبية ومحلية إلى استشهاد نحو 18 فلسطينياً، بينهم عدد من المسيحيين، وغالبيتهم من عائلة واحدة انتهت من السجل المدني، كحال عديد العائلات الفلسطينية، الذين قتلهم جيش الاحتلال جماعات وهم نيام بعد أن دمر منازلهم فوق رؤوسهم باستخدام الصواريخ التي وصلته من الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا ودول أخرى في العالم.
وتسبب القصف الذي نفذه طيران الاحتلال على الكنيسة الأرثوذكسية الشرقية، التي تقع في حي الزيتون في غزة، وتعتبر من أقدم الكنائس في العالم، وأطلق عليها هذا الاسم نسبة إلى "القديس برفيريوس"، وفقاً للروايات المسيحية، الذي دفن فيها، في تدمير مجلس الوكلاء والساحة التي كانت العائلات قد نزحت إليها في محاولة للنجاة من المجازر.
الشهداء المسيحيون في المجزرة
استشهد في مجزرة المستشفى المعمداني عدد من الفلسطينيين المسيحيين بينهم:
-
يارا جريس العمش
-
فيولا جريس العمش
-
عبد النور سامي الصوري
-
طارق سامي الصوري
-
ليزا وليد الصوري
-
سهيل رامز الصوري
-
مجد رامز الصوري
-
جولي رامز الصوري
-
إلين حلمي ترزي
-
مروان سليم ترزي
-
ناهد ترزي
-
سليمان جميل ترزي
-
سناء عطا الله العمش
-
علياء عبد النور الصوري
-
عيسى طارق الصوري
-
جولييت صبحي الصوري
-
جورج صبحي الصور
قصف كنيسة دير اللاتين
وفي 17 تموز/ يوليو 2025، في أوج حرب الإبادة والتجويع والحصار، ارتكب جيش الاحتلال الإسرائيلي جريمة أخرى ضمن سلسلة الجرائم التي لم يتوقف عنها، إذ قصف كنيسة دير اللاتين في غزة، وذكرت مصادر محلية حينها أن العدوان أدى لاستشهاد فومية عيسى لطيف عياد، وسعد عيسى قسطندي سلامة.
وأصيب في القصف راعي كنيسة دير اللاتين غابرييلي رومانيلي والكاهن المساعد الأب يوسف أسعد، ومن بين المصابين في القصف رمزي فيكتور ديوان ميساك، وميس بندلي سامي الصايغ، ومجدي نادر نزيه حبشي، وكارلوس إدوارد كمال أنطون، وجوليا أسامة شفيق شحيبر، وإلياس نقولا سليم النصراوي، وأنطون عيسى كمال أنطون.
ومن بين جرائم جيش الاحتلال، في هذه الحرب، بحق المسيحيين الفلسطينيين قتله السيدة ناهِدة خليل أنطون وابنتها سمر كمال أنطون بعد أن أطلق قناص النار عليهما، خلال جلوسهما في باحة كنيسة العائلة المقدسة، وأصاب 7 آخرين بجروح خلال محاولتهم إنقاذهما.
وخلال الفترة الأخيرة من الحرب، قبل الهدنة الحالية، أعلنت الكنائس وبينها الكنيسة المسؤولة عن المستشفى المعمداني، أنها لن تسحب طواقمها من غزة، وستبقى ترعى العائلات التي نزحت إليها، وترفض الاستجابة لتهديدات الاحتلال الذين كان يعمل حينها على دفع الفلسطينيين من المدينة وشمالها نحو جنوب وادي غزة، بهدف السيطرة التامة عليها وتدميرها ومنع العودة إليها.



