شبكة قدس الإخبارية

صحيفة عبرية: مسار التطبيع مع السعودية مستمر والإمارات صديقة حقيقية للاحتلال 

161025_s-960x640

ترجمات خاصة - قدس الإخبارية: نشرت صحيفة "إسرائيل اليوم" العبرية تقريرًا موسعًا تناول استمرار الاتصالات بين السعودية والاحتلال في مسارٍ يوصف بأنه بطيء وتدريجي، لكنه لم يتوقف في أي لحظة، بحسب ما نقلته عن الباحثة في شؤون الشرق الأوسط والمحاضرة في جامعة رايخمان، نيريت أوفير، التي تُعد من أكثر الإسرائيليين اطلاعًا على الساحة السعودية. وأشارت الصحيفة إلى أن أوفير لعبت دورًا مركزيًا في إدخال فرق "إسرائيلية" إلى سباق رالي داكار في السعودية عام 2021، وساهمت في ترتيب صفقات تجارية بين شركات من الجانبين، وكانت أول "إسرائيلية" تُلقي محاضرة علنية في مؤتمر عام في السعودية خلال سبتمبر 2023، في فترةٍ ساد فيها الاعتقاد بأن اتفاق التطبيع بات على وشك التوقيع.

ونقلت الصحيفة عن دبلوماسي أمريكي رفيع أن العام المقبل، وعلى الأرجح قبل الانتخابات في "إسرائيل"، سيشهد تقاربًا حقيقيًا بين الطرفين، ربما لا يصل إلى انضمام سعودي كامل إلى "اتفاقات أبراهام"، لكنه سيتضمن خطوة سياسية واقتصادية كبيرة. وأضاف أن الأمر ليس رهانًا سياسيًا بقدر ما هو نتيجة حتمية لمنطق الجغرافيا السياسية والمصالح الاقتصادية المشتركة، مؤكدًا أن ما كان ينبغي أن يحدث منذ زمن طويل سيحدث قريبًا.

ورأت الصحيفة أن المصلحة السعودية من وراء هذا المسار تتصل بشكل وثيق بتحقيق "رؤية 2030" التي يتبناها ولي العهد محمد بن سلمان، والتي تقوم على جذب استثمارات كبرى وتطوير مجالات التكنولوجيا والطاقة والسياحة، وهي رؤية تتكامل، كما يقول التقرير، مع التعاون مع "إسرائيل" في مجالات مثل الأمن السيبراني والتمويل الرقمي والطاقة الذكية. وأضافت أن ابن سلمان، المعروف بولعه بالمشروعات العملاقة ذات الطابع الاستعراضي، يجد في "الصفقة الكبرى" التي يطرحها دونالد ترامب للشرق الأوسط فرصة للاندماج في مخطط اقتصادي ضخم يعيد رسم مسارات التجارة بين الهند والصين وأوروبا، وربما إنشاء خطوط أنابيب لنقل النفط والغاز على هذا المحور الجديد.

أما على المستوى الأمني، فقد أشار التقرير إلى أن ولي العهد السعودي يسعى إلى ضمان تحالف دفاعي مع الولايات المتحدة، تكون "إسرائيل" جزءًا منه، لمواجهة ما تعتبره المملكة تهديدًا إيرانيًا مباشرًا يشمل برنامج الصواريخ والطائرات المسيّرة ووكلاء طهران في المنطقة، بما في ذلك جماعة الحوثي في اليمن. وذكرت الصحيفة أن هذا البعد الأمني تجلى أيضًا في الاتجاه المعاكس، حين قدمت السعودية دعمًا فعليًا لكيان الاحتلال خلال المواجهة مع إيران في يونيو الماضي، حيث أسقطت مروحيات تابعة للجيش السعودي طائراتٍ إيرانية مسيّرة كانت متجهة نحو الأراضي الفلسطينية المحتلة.

وبحسب ما أوردته الصحيفة، فإن هذه الصورة من التعاون الإقليمي بين السعودية و"إسرائيل" هي تحديدًا ما تحاول إيران وحلفاؤها، وفي مقدمتهم حركة حماس، منع حدوثه. وأشارت إلى أن وثيقة استخبارية تم الكشف عنها بيّنت أن أحد الأهداف المعلنة لحماس من عملية السابع من أكتوبر كان إفشال انضمام السعودية إلى مسار التطبيع، وهي غاية تحققت فعليًا في ظل وجود إدارة ديمقراطية في واشنطن "لم تستطع التعامل مع تعقيدات الحرب والوضع الإقليمي"، كما ورد في التقرير.

ومع عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض بصفته "عرّاب اتفاقات أبراهام"، عادت الفكرة إلى الطاولة من جديد، لكن الطريق ما زال مليئًا بالعقبات والتعقيدات السياسية. ووفقًا للصحيفة، قال ترامب في الأيام الأخيرة إنه تلقى إشارات واضحة من مسؤولين سعوديين كبار تفيد برغبتهم في الالتحاق بالاتفاقات، معتبرًا أن دخول السعودية سيشكل نقطة تحول كبرى تمهد لانضمام مزيد من الدول العربية والإسلامية.

وأفادت الصحيفة أن عام 2023 شهد اتصالات مباشرة بين السعودية و"إسرائيل"، شملت محادثات بين رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو وولي العهد محمد بن سلمان. وفي سبتمبر من ذلك العام وصلت الاتصالات إلى مرحلة شبه نهائية، وألقى نتنياهو خطابًا أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة تحدث فيه عن "شرق أوسط مزدهر يبني تحالفات جديدة"، وقد بُثّ خطابه للمرة الأولى على شاشة التلفزيون السعودي، في دلالة رمزية على قرب التفاهم بين الطرفين. لكن اندلاع الحرب على غزة أدى إلى تجميد العملية، رغم استمرار الاتصالات في مستويات غير علنية.

وتضيف الصحيفة أن الرياض، وإن عبّرت عن صدمتها من مشاهد القتل في السابع من أكتوبر، إلا أنها انسجمت مع المزاج العام في الشارع العربي، فشدّدت خطابها ضد الاحتلال وأكدت على ضرورة إطلاق مسار سياسي جاد نحو حل القضية الفلسطينية. وترى "إسرائيل اليوم" أن خطة ترامب الجديدة تلبّي هذا الشرط من حيث الشكل وتفتح الباب مجددًا أمام السعودية للمضي في خطوات التطبيع ضمن غطاء سياسي أوسع.

وتمضي الصحيفة لتتحدث عن الموقف الإماراتي، واصفةً أبوظبي بأنها "الصديقة العربية الحقيقية لإسرائيل"، على حد تعبير مسؤول إسرائيلي كبير نقلت عنه الصحيفة قوله إن الإمارات أثبتت صداقتها في أصعب الظروف، أي خلال الحرب الأخيرة، مشيرًا إلى أن شركات الطيران الإماراتية كانت الوحيدة تقريبًا التي واصلت رحلاتها إلى مطار بن غوريون، وأن أبوظبي أدانت بشدة هجوم السابع من أكتوبر وحركة حماس على حد سواء. وبحسب التقرير، تتبنى الإمارات والسعودية معًا موقفًا يعتبر أن إعادة إعمار غزة غير ممكنة طالما أن حماس باقية على الساحة، لكنها في الوقت ذاته تموّل عمليات إغاثة إنسانية واسعة في القطاع منذ بداية العدوان.

وتذكر الصحيفة أن الإمارات استفادت من علاقاتها الواسعة مع الاحتلال لإدخال مساعدات إنسانية إلى مخيمات النزوح داخل القطاع، وإقامة عيادات ومستشفيات ميدانية، كما أنها أصبحت الجهة الممولة والمشرفة على مشاريع إنشاء ما يسمى "المناطق الإنسانية" التي يقيمها جيش الاحتلال في بعض مناطق غزة، وتشمل مدارس مؤقتة ومراكز طبية وشبكات بنى تحتية للمياه والكهرباء والصرف الصحي. كما أن الإمارات هي التي بادرت ومولت مشروع مدّ أنبوب مياه من الجانب المصري إلى جنوب القطاع لتخفيف أزمة الشح.

ويرى التقرير أن الإمارات، مثل السعودية، تنظر إلى شرق أوسط مستقر بعد الحرب كفرصة اقتصادية هائلة، سواء من حيث الممرات التجارية من آسيا إلى أوروبا عبر الموانئ الخليجية، أو من حيث توسيع التعاون مع "إسرائيل" في مجالات التكنولوجيا المتقدمة والطاقة والأمن. ويستشهد التقرير ببورصة الألماس في دبي التي تحولت خلال عقدين فقط إلى الأكبر في العالم، بفضل التعاون مع الشركات الإسرائيلية.

ويخلص التقرير إلى أن إنهاء الحرب سيفتح الباب أمام توسع غير مسبوق في صفقات السلاح والتكنولوجيا العسكرية بين "إسرائيل" وكل من السعودية والإمارات، وأن البلدين منخرطان أيضًا في برامج وصفها التقرير بأنها "إعادة تأهيل وعي الفلسطينيين"، من خلال مشاريع تربوية وإعلامية وثقافية، بعضها بدأ تطبيقه بالفعل في المدارس المؤقتة داخل قطاع غزة، وخصوصًا في المناطق التي يسيطر عليها جيش الاحتلال.

بهذا الشكل يقدّم التقرير تصورًا إسرائيليًا واضحًا لما يُراد للمنطقة بعد الحرب: شرق أوسط مستقر ظاهريًا، تتصدّره الشراكة الاقتصادية والأمنية بين الاحتلال والدول الخليجية، بينما يجري في الخلفية تفكيك الوعي الفلسطيني وإعادة هندسة واقعه تحت مسميات "الإصلاح" و"الإعمار"، في إطار صفقة كبرى تمتد من واشنطن إلى الرياض والاحتلال، وتقوم على مقايضة الأمن والاقتصاد بالتاريخ والهوية.