خاص قدس الإخبارية: أفادت مصادر عبرية صباح اليوم الأحد عن مقتل اثنين من جنود الاحتلال وإصابة آخرين في انفجار آلية هندسية، وهو اعتبرته أوساط لدى الاحتلال خرقًا لوقف إطلاق النار، رغم أن القناة 12 العبرية قد أشارت إلى أن قوة أمنية من المقاومة اشتبكت مع عصابة في رفح ويبدو أن آلية للاحتلال تواجدت في المكان أو تدخلت قد أصيبت. تتقاطع رواية القناة مع ما كشفه مصدر أمني لـ"شبكة قدس" بأن قوة أمنية داهمت أحد أوكار ياسر أبو شباب في رفح.
وحول ذلك، قال مدير مركز عروبة للأبحاث والدراسات الإستراتيجية أحمد الطناني لـ "شبكة قدس" إن المؤشرات الميدانية تتقاطع حول أن الحدث الأخير مرتبط أساسًا باعتراض جيش الاحتلال لتحرك أمني للأجهزة الأمنية في قطاع غزة ضد ميليشيات متعاونة مع الاحتلال، تورطت في جرائم بحق الشعب الفلسطيني وتعمل بشكل علني معه. وأكد أن ما جرى لا يُعد خرقًا مباشرًا من المقاومة لاتفاق وقف إطلاق النار، بل يأتي في إطار حملة أمنية وطنية ومجتمعية تهدف إلى إنهاء هذه الظاهرة.
وأوضح الطناني أن التدخل الإسرائيلي في هذا السياق يهدف أساسًا إلى حماية مكتسباته الميدانية والدفاع عن الميليشيات التي يُشكل وجودها اعتداءً دائمًا على القطاع، مشيرًا إلى أن هذه الجماعات تُعد جزءًا من الخطط الإسرائيلية الرامية إلى العبث بالأمن الداخلي ومحاولة خلق ميليشيا دائمة ضمن نطاق ما يُعرف بـ “الخط الأصفر”، وهو خط الانسحاب الإسرائيلي الأول من غزة.
وأضاف أن المقاومة حاسمة في منع تمدد هذه النماذج والقضاء عليها قبل أن تتحول إلى عائق أمني يُهدد استقرار القطاع، مؤكدًا أن الاحتلال يرى في أي معالجة أمنية فلسطينية ضد هذه الجماعات خطرًا على استراتيجيته.
وبيّن الطناني أن الاحتلال انزعج من القبول المبدئي الذي سبق وأعلنه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تجاه الإجراءات الأمنية في غزة ضد العصابات المتعاونة، ما دفعه لتغيير الموقف الأمريكي عبر ضغوط من القيادة الوسطى للجيش الأمريكي ثم الخارجية الأمريكية، في دلالة على تمسك الاحتلال باستثمار هذه الميليشيات كأداة متقدمة في عدوانه المستمر على القطاع رغم سريان الاتفاق.
وختم الطناني بالقول إن من المرجح أن يتعامل الاحتلال بعنف مفرط خلال الساعات المقبلة، دون أن يصل إلى حدّ انهيار الاتفاق، في محاولة لتثبيت الردع والتأكيد على أنه لن يسمح بأي خرق للخط الأصفر أو لأي جهد أمني فلسطيني يعيد فرض واقع مستقر يجرّده من أدواته داخل قطاع غزة.
من جانبه، قال الكاتب والمختص في الشأن الإسرائيلي علاء الريماوي لـ "شبكة قدس" إن الإعلام الإسرائيلي بدأ يتحدث في الساعات الأخيرة عن خروقات متكررة من قبل حركة حماس في منطقة الخط الأصفر، وفق ما أوردته القناة 12 العبرية.
وأضاف الريماوي أن هناك روايات متباينة في الأوساط الإسرائيلية حول ما جرى، إذ تشير إحداها إلى أن الاستهداف نُفذ ضد مجموعة تابعة لـ "أبو شباب"، ما تسبب في اشتباك ميداني بعد أن وصلت مجموعة من مقاتلي حماس إلى داخل المنطقة الصفراء وتفاجأت بجرافة إسرائيلية.
وأوضح أن هذه الرواية لم تُحسم بعد، في ظل تضارب ثلاث روايات إسرائيلية مختلفة: الأولى تتحدث عن انفجار لغم في دبابة، والثانية عن استهداف بصاروخ مضاد للدروع، والثالثة عن اشتباك ناتج من عقدة قتالية إسرائيلية.
وأشار الريماوي إلى أن الردود الإسرائيلية جاءت سريعة، حيث دعا ثلاثة وزراء، من بينهم سموتريتش، إلى اتخاذ قرار بالحرب. كما تعقد حكومة الاحتلال الإسرائيلية اجتماعًا طارئًا يضم وزير الحرب، ووزير الأمن، ورئيس الأركان، وقيادات استخبارية بحضور نتنياهو لبحث الموقف الميداني.
ورأى الريماوي أن تقديرات المشهد تشير إلى أن التهدئة لن تنهار بالكامل، لكن من المرجح حدوث تصعيد محدود، يتبعه تدخل أمريكي ووساطات إقليمية لاحتوائه.
وأضاف أن الحدث يعكس تعقيدات المشهد في غزة، سواء من حيث السلوك الإسرائيلي ورغبته في الرد على أي مظهر لإعادة تموضع المقاومة، أو من حيث إصرار الفصائل الفلسطينية على فرض شكل من أشكال السيادة الميدانية.
وختم الريماوي بالقول إن الأوضاع تبقى "هشة وقابلة للانفجار"، لكنّ ما يمنع الانزلاق نحو مواجهة شاملة هو البعد النفسي المرتبط بملف الجثامين لدى إسرائيل، إضافة إلى خشية نتنياهو من تصاعد الدعوات الداخلية لتشكيل لجنة تحقيق في إخفاقات الحكومة، خاصة بعد التقارير التي تتحدث عن مسؤولية سياسية مباشرة عن فشل إدارة حرب أكتوبر الماضية.