شبكة قدس الإخبارية

محلل سياسي إسرائيلي: نعيش منذ الصفقة مشاهد مسرحية وأكاذيب لتبرير فشل نتنياهو

1-1791220
هيئة التحرير

ترجمات عبرية - خاص قدس الإخبارية: اعتبر المحلل السياسي الإسرائيلي رونين برغمان في مقالٍ مطوّل نشره في صحيفة يديعوت أحرونوت أن دولة الاحتلال تعيش منذ توقيع صفقة التبادل مع حركة حماس تحت وابل من الأكاذيب والمشاهد المسرحية التي تهدف إلى تبرير إخفاقات رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، وتحويل الفشل السياسي والعسكري إلى “خطة عبقرية” متخيّلة.

ويرى برغمان أن ما يجري هو عملية إنتاج ممنهجة لواقعٍ بديل، هدفها الهروب من المسؤولية وخلق وهمٍ جماعي لدى الإسرائيليين، بينما الحقيقة، كما يقول، أكثر بؤسًا وخطورة.

يصف برغمان المشهد الإسرائيلي بأنه أقرب إلى عرضٍ تلفزيوني كبير، يُشاهد فيه الناس ما يُراد لهم أن يصدّقوه، لا ما يجري فعلاً على الأرض. ويشير إلى أن قصة “قمة شرم الشيخ” كانت مثالًا واضحًا على هذا الوهم الجماعي؛ فبينما تحدّث الإعلام العبري عن زيارة تاريخية محتملة لنتنياهو ومصافحته الرئيس الفلسطيني محمود عباس تحت أنظار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ألغى نتنياهو مشاركته في اللحظة الأخيرة بذريعة “قدسية العيد”، رغم أن الدافع الحقيقي كان سياسيًا بحتًا: الخشية من انفجار ائتلافه الحكومي المتطرف.

ويكشف برغمان أن نتنياهو لم يكن مدعوًا أصلًا إلى القمة في البداية، وأن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي كان غاضبًا من تصريحات صدرت من مقربين من رئيس الحكومة ضد مصر. ولم يدخل نتنياهو إلى “المشهد الإقليمي” إلا بعد ضغطٍ مباشر من ترامب الذي فرض حضوره على القاهرة. ومع ذلك، وبعد ضجة إعلامية كبيرة وصناعة قصص حول “اختراق دبلوماسي تاريخي”، انسحب نتنياهو خوفًا من تداعيات داخلية قد تُضعف سلطته أمام شركائه بن غفير وسموتريتش، وهكذا ضحّى بفرصة سياسية نادرة من أجل بقاء حكومته.

ويضيف برغمان أن الصفقة الأخيرة مع حماس أسقطت “برج الأكاذيب” الذي بناه مكتب نتنياهو لتبرير استمرار الحرب على غزة لعامين كاملين. فبعد أن روّجت حكومته أن اغتيال قيادات الخارج في الدوحة سيجلب الصفقة بشروط إسرائيل، جاءت النتيجة معاكسة: القيادي في حماس خليل الحية، الذي كان هدفًا لتلك الغارات، هو من وقّع على الصفقة ودفع باتجاهها. وهكذا انهار خطاب اليمين القائل إن الضغط العسكري وحده هو السبيل لاستعادة الأسرى، أو أن “النصر الكامل” سيضمن إعادتهم أحياء.

ويتطرق برغمان إلى الدور الذي لعبه ما يُسمّى “منتدى الأمل”، وهو مجموعة صغيرة من عائلات الأسرى تبنّت رواية نتنياهو بالكامل وروّجت لها في الإعلام. هذا المنتدى، بحسب تحقيقاتٍ صحفية إسرائيلية، أنشأه ناشطون يمينيون مقربون من دوائر الحكومة بغرض تفكيك الحراك الحقيقي لعائلات الأسرى، فيما نال تغطية إعلامية موازية للهيئة الرئيسية التي تمثل الأغلبية الساحقة منهم. ويصف برغمان المنتدى بأنه “أداة سياسية للتضليل”، لا صوتًا إنسانيًا لعائلات الأسرى.

أما عن الزيارة الدعائية التي قام بها نتنياهو وزوجته لمستشفى بيلينسون للقاء الأسرى المحررين، فيعتبرها برغمان “مسرحية إعلامية مكتملة الأركان”. فبحسبه، جرى ترتيب المشهد مسبقًا ليضم أقارب من مؤسسي “منتدى الأمل”، وليُصوَّر اللقاء حصريًا لشبكة CBS الأمريكية في أجواءٍ مزيّنة بشعارات المستشفى. ويقول إن الهدف كان تسويق صورة “الزعيم الرحيم”، في الوقت الذي يتهمه فيه خصومه بأنه تجاهل الأسرى لأشهر طويلة ولم يضع خطة حقيقية لإنهاء معاناتهم.

ويشير برغمان إلى أن نتنياهو وحلفاءه استغلوا قصة أحد الأسرى لتبرير خطابهم المعادي للمظاهرات الشعبية ضد الحكومة، عبر رواية زائفة مفادها أن قادة حماس أخبروا الأسير بأن خروجه سيكون أولًا لأن والده لا يتظاهر. لكن الواقع، كما يؤكد الكاتب، أن هذا الأسير أُفرج عنه في الدفعة الأخيرة، لا الأولى، وأن شهادات أسرى آخرين أظهرت عكس ما حاولت الدعاية الحكومية تسويقه؛ إذ قال كثير منهم إن رؤية المظاهرات عبر التلفاز منحتهم الأمل وأكدت لهم أنهم لم يُنسوا.

وفي ختام مقاله، يحذّر برغمان من أن الحكومة تزرع لدى الجمهور الإسرائيلي أوهامًا جديدة حول مضمون الصفقة الأخيرة، فتسوّقها وكأنها تضمنت نزع سلاح حماس ونفي قياداتها وإقامة سلطة بديلة في غزة، بينما لا شيء من ذلك حدث فعلاً. ويرى أن هذا التضليل سيقود لاحقًا إلى خيبة وغضب شعبي، وعندما يصطدم الإسرائيليون بالواقع في غزة — حيث ما زالت المقاومة تسيطر — قد يلجأ نتنياهو مجددًا إلى إشعال جولة حرب جديدة للهروب من المسؤولية. فكما يختتم برغمان مقاله: “حين يُكشَف الفرق بين العرض المسرحي والواقع، لا يبقى أمام من صنع الوهم سوى إشعال النار من جديد”.
 

#حماس #المقاومة #حرب غزة #ترامب #اتفاق_غزة