شبكة قدس الإخبارية

تحقيق استقصائي: هُويات ضحايا قناصي "الشبح" في غزة تُكشف لأول مرة

Screenshot 2025-09-09 194238

 

فلسطين المحتلة - شبكة قُدس: كشف تحقيق استقصائي أجرته شبكة أريج بالشراكة مع الغارديان وDer Spiegel وPaper Trail Media وZDF، تفاصيل عملية قنص دمّرت أسرة فلسطينية من حي تل الهوى في غزة، على يد جنود في جيش الاحتلال نشأوا في شيكاغو وميونيخ.

ورصد التحقيق، أن "ملامح وجه "دانيال راب" لم تظهر أي تردّد وهو يشاهد لقطات مصوّرة لشاب فلسطيني، سالم دغمش (19 عاماً)، يسقط أرضاً بجوار شقيقه في أحد شوارع مدينة غزة. كان ذلك المشهد أول عملية تصفية نفذها القنّاص الأميركي–الإسرائيلي، كما روى بنفسه في مقابلة مصوّرة".

في يوم 22 تشرين الثاني/نوفمبر 2023، قنصت مجموعة قناصة تُطلق على نفسها اسم "رفائيم – الشبح" أربعة من أفراد عائلة دغمش، وأصابت اثنين آخرين، بينهم الأب الذي سقط مضرجاً بدمائه وهو يحاول انتشال جثماني ولديه. التحقيق اعتمد على مقابلات مع ناجين وشهود عيان وأفراد من العائلة، إضافة إلى مراجعة وثائق طبية، شهادات وفاة، صور أقمار صناعية، ومقاطع فيديو نشرها جنود من الوحدة نفسها للتباهي بعملياتهم.

يوثّق التحقيق كيف استُخدمت سياسة "الطوق الأمني غير المرئي"، حيث اعتبر القناصة أن أي شخص يتجاوز خطاً وهمياً في المنطقة المستهدفة يصبح هدفاً مشروعاً، حتى لو كان أعزل أو يحاول انتشال جثة. هذا النمط تكرّر مع عشرات العائلات في غزة، ويُعتبر –وفق خبراء قانون دولي ومنظمات حقوقية– انتهاكاً صارخاً للقانون الإنساني الدولي وقد يرقى إلى جريمة حرب.

فيديوهات التقطتها طائرات مسيّرة وأخرى حرارية، نشرتها لاحقاً كتيبة الاحتلال كجزء من "مونتاج احتفالي"، وثّقت عمليات قتل متعمد لمدنيين غير مسلحين. أحد المقاطع أظهر سالم ومحمد دغمش يسقطان واحداً تلو الآخر. مقطع آخر وثّق إصابة قريبهم خليل، الذي فقد وعيه بعد إصابته برصاص القناصة، فيما تُركت الجثامين في الشارع أياماً حتى بدء وقف إطلاق النار.

التحقيق كشف أيضاً أن عائلة راب أسست منظمة أميركية غير ربحية باسم "أصدقاء وحدة القناصة المظليين 202"، جمعت أكثر من 300 ألف دولار في الولايات المتحدة، لتجهيز وحدة القناصة التي شاركت في عمليات غزة.

منظمات حقوقية قدّمت بالفعل شكاوى ضد جنود من "مجموعة الشبح" أمام القضاء في فرنسا وبلجيكا، استناداً إلى مبدأ الولاية القضائية العالمية، بينما تبقى الملاحقة القضائية في الولايات المتحدة أكثر تعقيداً.

ورغم مرور نحو عامين على المأساة، ما زالت والدة الضحايا، فايزة دغمش، تتمسك بأمل العدالة الإلهية بعدما شاهدت بأم عينها جثامين أبنائها تُنقل على عربة يجرها حصان. قالت وهي تبكي: "إذا أنا سامحته، الله من عنده مش راح يسامح".

وفي الشهادات التي حصل عليها التحقيق، قال ناجون من العائلة إن القنّاصة تعمّدوا استهداف كل من حاول سحب الجثث. محمود دغمش، أحد الأقارب، روى أنه حين اندفع لمساعدة المصابين أصيب بدوره برصاصة في كتفه، قبل أن يتمكّن من الزحف إلى داخل منزل مجاور. وأضاف: "لم يكن هناك أي مواجهات أو مقاومة مسلحة. كل ما أردناه أن نأخذ جثامين أولادنا".

وثّق التحقيق أيضاً تواطؤ قادة جيش الاحتلال في إخفاء هذه العمليات، إذ جرى تصويرها على أنها "إنجازات عسكرية" ضمن استراتيجية الردع، بينما أظهرت الوثائق الداخلية أن الأوامر الميدانية لم تحدّد أهدافاً عسكرية واضحة، بل سمحت باستهداف أي تحرك بشري في مناطق العزل. هذا النمط من التعليمات يعكس سياسة ممنهجة، لا مجرد "تجاوزات فردية"، وفق ما أكده خبراء عسكريون اطلعوا على المواد.

في المقابل، رفض جيش الاحتلال الرد على أسئلة مفصلة من شبكة أريج وشركائها حول تفاصيل عملية القنص، مكتفياً ببيان مقتضب زعم فيه أن القوات "تعمل وفق القانون الدولي وتستهدف فقط التهديدات المباشرة". لكن التحقيق أظهر تناقضاً صارخاً بين هذا الادعاء وبين الأدلة البصرية والشهادات التي تثبت استهداف مدنيين عزّل، بمن فيهم أطفال ونساء، في انتهاك صريح للقانون الإنساني الدولي.