شبكة قدس الإخبارية

مخطط E1.. المسمار الأخير في نعش الدولة الفلسطينية وتحويل الضفة إلى معازل معزولة

مخطط E1.. المسمار الأخير في نعش الدولة الفلسطينية وتحويل الضفة إلى معازل معزولة

فلسطين المحتلة - خاص قدس الإخبارية: أعلن وزير المالية في حكومة الاحتلال والمسؤول عن ملف الاستيطان وما تسمى "الإدارة المدنية" في وزارة الجيش، بتسلئيل سموتريتش، يوم أمس عن خطوة جديدة في مشروعه الذي صعد إلى أعلى مستوى سياسي إسرائيلي لتحقيقها، وهي تدمير أي فرصة لتحقيق مشروع "حل الدولتين" وضمان سيطرة إسرائيلية شاملة على الأرض الفلسطينية من البحر إلى النهر، ومنع الفلسطينيين من الحصول على أي مشروع دولة ولو على جزء صغير من أراضيهم.

تمثلت الخطوة الجديدة في مصادقة سموتريتش على بناء 3 آلاف و401 وحدة استيطانية، في المنطقة التي تسميها دولة الاحتلال "E1"، بهدف وضع "المسمار الأخير" في نعش الدولة الفلسطينية، وفق تعبير وزير مالية الاحتلال، الذي وعد بتضخيم مستوطنة "معاليه أدوميم" شرقي القدس المحتلة، واعتبر أن "السيطرة الإسرائيلية على الضفة الغربية هي جزء من وعد إلهي"، حسب زعمه.


ما هو مخطط "E1"؟

تقع منطقة "E1" في السفوح الشرقية لمدينة القدس المحتلة، على أراضي العيزرية والعيساوية والزعيم وأبو ديس، على مساحة تقارب 12 كم.

بدأ طرح المشروع منذ حكومة اسحاق رابين، في التسعينات، أي خلال الفترة التي كانت دولة الاحتلال تتفاوض مع منظمة التحرير والسلطة على قيام دولة فلسطينية على الأراضي المحتلة 1967.

يطمح الاحتلال من خلال المشروع إلى تضخيم مستوطنة "معاليه أدوميم"، التي تعتبر من أكبر التجمعات الاستيطانية، في الضفة والقدس المحتلتين، وربطها بمدينة القدس، وقطع اتصال رام الله عن المناطق الشرقية من القدس المحتلة والمنطقة الجنوبية من الضفة (بيت لحم والخليل).

خلال السنوات الماضية عمل الاحتلال على بناء شبكة طرقات وبنية تحتية بشكل واسع، في المنطقة، ونقلت مركزاً لشرطة الاحتلال إليها لتحقيق إقامة مشروع "E1" الذي زعمت أنها جمدته بسبب "الضغوط الأمريكية والأوروبية" عليها، حسب زعمها، وشكلت المرحلة الحالية التي تحظى فيها بدعم مطلق من إدارة ترامب لتحقيق أحلام المستوطنين التوراتية التي وصلت للسيطرة على وزارات استراتيجية ومهمة، في حكومة الاحتلال، فرصة هامة لتحقيق المشروع الذي عنوانه الرئيسي جلب مليون مستوطن إلى الضفة المحتلة.


"معاليه أدوميم"... بداية المشروع

تبلغ مساحة مستوطنة "معاليه أدوميم"، التي أقيمت على أراضي بلدات في المنطقة الشرقية من القدس المحتلة، في 1975، نحو 48.000 دونم، وتشير إحصائيات خلال السنوات الأخيرة إلى أن ما يقارب 40 ألف مستوطنين يعيشون فيها ويستولون على آلاف الدونمات من أراضي الفلسطينيين الذين كانت تشكل لهم هذه المناطق فرصاً اقتصاديا وزراعية.

ومنذ بداية الاستيطان، في المنطقة، قرر الاحتلال أنها تابعة لبلدية القدس، وطرد عائلات بدوية فلسطينية منها، وحرم البلدات الفلسطينية في المنطقة من الأراضي التي تتيح لها التوسع العمراني الطبيعي، كما في حالة بلدة العيزرية التي سرق الاحتلال نحو 6500 دونم من أراضيها من بين 11350 دونم لصالح التوسع الاستيطاني وهو ما حولها إلى مكان محاصر في ظل الجدار الذي فصلها عن امتدادها الطبيعي مع مدينة القدس المحتلة.

أقام الاحتلال مشاريع اقتصادية استيطانية على أراضي الفلسطينيين، في المنطقة، كما في المدينة الصناعية "ميشور أدوميم"، المقامة على أراضي الخان الأحمر، في سياق تمتين الاستيطان وتحويل "معاليه أدوميم" إلى مدينة متكاملة، رفض لسنوات خلال المفاوضات مع السلطة الفلسطينية أي انسحاب منها.

تسعى حكومة الاحتلال إلى ضم مستوطنة "معاليه أدوميم"، مع مجموعة من الكتل الاستيطانية الأخرى، إلى ما تسميها "السيادة الإسرائيلية"، وفي حكومة نتنياهو الحالية التي تضم أحزاباً من "الصهيونية الدينية" ترى أن كل الضفة الغربية ملك للمستوطنين، أصبحت حتى المستوطنات الصغيرة هدفاً لفرض "السيادة"، وليس أمام الفلسطينيين إلى العيش في معازل مقطعة جغرافياً، على طريق التهجير الكامل في إطار حرب الإبادة والتطهير العرقي التي تمارسها دولة الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني، في غزة والضفة، أمام العالم.

تبعات المشروع… شعب في المعازل 

  • المدماك الأول الذي سيقام في الوحدات الاستيطانية على الأراضي المخصصة لمشروع "E1" يعني فعلياً نهاية أي فرصة لتواصل جغرافي متبقي بين المناطق الفلسطينية في الضفة الغربية (الشمال والوسط مع الجنوب والقدس
  • تعلن حكومة الاحتلال بوضوح أن مشروع "حل الدولتين" انتهى إلى غير رجعة ويعني القضاء على الحل الذي رضيت به منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة لاحقاً للقضية الفلسطينية مقابل الاعتراف بـ"دولة إسرائيل" والدخول في ترتيبات التسوية وما ترتب عليها من آليات التنسيق الأمني والاتفاقيات الاقتصادية وغيرها
  • لم يكن إعلان سموتريتش ضربة مفاجئة بل قامت مشاريع واسعة ومنظمة منذ عقود للوصول إلى هذه النتيجة رغم أن السلطة الفلسطينية  استمرت في الانخراط في مشروع التسوية والمفاوضات وإعلان الرئيس المتكرر عن رفضه للمقاومة المسلحة وتصميمه على الحل السلمي والاستمرار بـ"الاعتراف بدولة إسرائيل"
  • المنظمات الدولية والاتحاد الأوروبي التي قدمت خلال السنوات الماضية على أنها راعية للتوصل لـ"حل الدولتين" شاهدت كيف دمرت دولة الاحتلال فرص قيام دولة فلسطينية في الأراضي المحتلة 1967 من خلال عمليات الاستيطان لكنها لم تتحرك إلا في سياق التقارير والإدانات رغم أن التدمير الإسرائيلي طال مشاريع ممولة أوروبيا خاصة في المناطق المصنفة "ج" وواصلت علاقاتها مع دولة الاحتلال على المستويات العسكرية والاقتصادية والتجارية وأدانت المقاومة الفلسطينية رغم أن القوانين الدولية تكفل للشعب الواقع تحت الاحتلال أن يدافع عن نفسه ويسعى للتحرر وبعد حرب الإبادة الجماعية في غزة تحركت عدد منها للاعتراف بـ"الدولة الفلسطينية" رغم أنها تعلم أن هذا الحل دمرته دولة الاحتلال وكأنه حراك في الوقت الضائع بدلاً من السعي للاعتراف بكامل حقوق الشعب الفلسطيني على كامل أرضه التاريخية وأولها حقه في تقرير مصيره كبقية الشعوب
  • الولايات المتحدة الأمريكية التي أدارت مفاوضات التسوية بين السلطة الفلسطينية ودولة الاحتلال منذ بداية "عملية السلام" ساهمت عملياً في هذا الواقع ورغم مزاعم الإدارات السابقة أنها ضد الاستيطان إلا أنها كرست من خلال مجموعة من السياسات الاحتلال العسكري والاستيطاني للضفة والقدس ومنعت أي حراك في المنظمات الدولية لإدانة الاستيطان وواصلت رعاية تدمير فرص إقامة دولة فلسطينية 
  • تعمل دولة الاحتلال بخطى متسارعة ويومية على وضع الفلسطينيين في معازل أشد بشاعة من تجربة "الفصل العنصري" في جنوب إفريقيا وبهذا يجتمع على الشعب الفلسطيني حرب الإبادة والتطهير العرقي، والإبادة السياسية والثقافية، والحصار وتدمير فرص الحياة، والحرمان من إقامة دولة وتقرير المصير، والتهجير
  • تفرض الحالة التي وصل لها الشعب الفلسطيني إعادة جادة للنظر في السنوات الماضية ومدى جدوى استمرار السياسة الفلسطينية الرسمية وما المطلوب لمواجهة تهديدات وجودية على شعب كامل يسير يومياً نحو مصير أشد بشاعة من كثير من تجارب الشعوب التي تعرضت للاستعمار بكل أبعاده السياسية والاقتصادية والعسكرية والنفسية والثقافية