ترجمة عبرية - قدس الإخبارية: قالت صحيفة "هآرتس" العبرية إن عملية "عربات جدعون" التي نفذها جيش الاحتلال في قطاع غزة تحوّلت إلى إخفاق كبير كلف الاحتلال أثماناً باهظة على المستويين المالي والسياسي، دون أن تحقق الأهداف التي أعلنها رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، وفي مقدمتها كسر مواقف حركة حماس.
وبحسب الصحيفة، فإن تكلفة العملية بلغت نحو 7.3 مليار دولار، وأسفرت عن مقتل 40 جندياً من قوات الاحتلال، في حين أن النتائج جاءت معاكسة تماماً لما أعلنه الاحتلال، إذ شددت حماس موقفها بدلاً من التراجع، وأجبرت حكومة الاحتلال على إعادة التفكير في صفقة شاملة تتضمن إطلاق جميع الأسرى مقابل وقف العدوان وطرح نزع السلاح في غزة.
وأشارت الصحيفة إلى أن العملية التي قادتها خمس فرق عسكرية لم تحقق أهدافها، بل ساهمت في خلق واقع سياسي داخلي ودولي ضاغط ضد الاحتلال، فالمشاهد الخارجة من غزة أحدثت "تسونامي سياسياً" انعكس في موجة دولية متصاعدة للاعتراف بدولة فلسطين، إلى جانب قرارات أكاديمية وتجارية غربية بوقف التعاون مع الاحتلال، في ما يشبه المقاطعة التدريجية.
وفي هذا السياق، ذكّرت الصحيفة بتصريحات نتنياهو في الأشهر الأولى من الحرب، حين كان يكرر أنه يريد لغزة أن تصبح "موضوعاً مملاً" بالنسبة للعالم، إلا أن المشهد انقلب رأساً على عقب، وأصبحت غزة مركز الاهتمام العالمي، خصوصاً مع تزايد مشاهد الجوع والانهيار الإنساني، لدرجة دفعت الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب إلى القول: "يوجد جوع حقيقي، ولا يمكن تزييف ذلك".
وأكدت الصحيفة أن اعتراف الاحتلال بفشل العملية يتبلور تدريجياً، خاصة مع تزايد الأعباء المالية لكلفة الاحتياط، إذ ارتفع عدد الجنود من خمسين ألفاً إلى نحو مئة ألف جندي، بتكلفة تصل إلى 584 مليون دولار شهرياً، ما يعني مضاعفة المخصصات التي تم إقرارها أصلاً في الميزانية.
كما أضافت أن هذه الأعباء جاءت إلى جانب تكلفة عملية "شعب كالأسد" التي نفذها جيش الاحتلال في إيران، وبلغت 6.42 مليار دولار، وهو ما فاقم الضغط على الخزينة العامة، وأدى إلى اضطرابات كبيرة في بنية ميزانية عام 2025، وخاصة في ما يتعلق بالخطة المالية الخاصة بالجيش.
ولم تقتصر الخسائر، وفقاً للصحيفة، على الجانب الاقتصادي، بل امتدت إلى العلاقات الأكاديمية والتجارية مع أوروبا، حيث توقعت الصحيفة أن يتفاقم هذا التدهور في حال استمر الانسداد السياسي بشأن ملف المخطوفين ووقف الحرب.
وشددت "هآرتس" على أن الاعتبارات الاقتصادية لم تكن حاضرة في بداية العدوان، إلا أن استمرار الحرب وتضخم كلفتها أعاد هذه الاعتبارات إلى الواجهة، لا سيما في ظل مواقف وزراء اليمين المتطرف، وعلى رأسهم بتسلئيل سموتريتش، الذي دعا إلى احتلال قطاع غزة كاملاً وفرض حكم عسكري بالقوة "دون أي حساب".
وأوضحت الصحيفة أن سموتريتش، على الرغم من كونه وزير المالية، لم يقدم أي خطة مالية فعلية لتغطية هذا الخيار، ولم تُجر في وزارته أي نقاشات حول ميزانية لحكم عسكري محتمل، بل اكتفى بإقرار مخصصات بملايين الدولارات تتعلق بلوجستيات دعم المساعدات الأمريكية لغزة.
وخلصت الصحيفة إلى أن استمرار العدوان أو الذهاب نحو خيار الحكم العسكري سيكلف الاحتلال ثمناً "خيالياً"، مشيرة إلى أن الانهيار الاقتصادي وتراجع مستوى المعيشة والعزلة السياسية باتت تهديدات حقيقية، تدركها حماس جيداً، ولذلك لا تُبدي أي قلق من تهديدات الاحتلال بفرض الحكم العسكري على القطاع.