فلسطين المحتلة - خاص قدس الإخبارية: في مشهد يلخّص واقع التحريض والعسكرة داخل المنظومة الإعلامية الإسرائيلية، ظهر مراسل القناة 14 العبرية في تقرير تلفزيوني ميداني من منطقة القصف الإيراني في "حولون" بـ "تل أبيب" وهو يحمل سلاحًا حربيًا خلال تغطيته.
وفي يناير\كانون الثاني 2024، نشرت صحيفة "إسرائيل اليوم" صورة للمذيعة في ذات القناة، ليتال شيمش، وهي تحمل سلاحًا فرديًا على خاصرتها داخل أستوديو الأخبار أثناء تحضيرها لتقديم النشرة.
علّقت الصحيفة على المشهد بالقول إن "من بين النساء اللاتي سلحن أنفسهن، ليتال شيمش، مذيعة القناة 14". وتُعد القناة المذكورة إحدى أبرز المنصات الإعلامية الداعمة لرئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، ومقرّبة من أوساط اليمين الديني القومي.
ليس مشهدًا جديدًا أن يحمل الصحفي السلاح في دولة الاحتلال، وقد سبقه العديد من المقاطع لمسعفين في إسعاف الاحتلال، ووهم يحملون السلاح.
هذا التسليح لقطاعات الإعلام لا يأتي بمعزل عن المشهد العام داخل دولة الاحتلال، حيث كشفت صحيفة "هآرتس" في إبريل/نيسان 2025 أن عدد المستوطنين الحاصلين على تراخيص لحمل السلاح قبل 7 أكتوبر بلغ 172,384 مستوطنًا.
وبعد السابع من أكتوبر، وزعت وزارة الأمن القومي في دولة الاحتلال 157,443 رخصة جديدة، مع وجود 50 ألف طلب قيد الإجراءات، ليصل عدد حملة السلاح من المستوطنين إلى 329,827 شخصًا حتى مارس 2025، دون احتساب الأسلحة التابعة للجيش والشرطة وشركات الحراسة الخاصة.
في الموازاة، يُواصل الاحتلال سياساته المنهجية باستهداف الصحفيين الفلسطينيين في قطاع غزة، والذين بلغ عدد الشهداء منهم منذ بدء العدوان في 7 أكتوبر وحتى اليوم 227 صحفيًا، وفق ما وثّقه مكتب الإعلام الحكومي.
وأشار مركز "صدى سوشال" للحقوق الرقمية إلى أن الاحتلال لا يكتفي بالاستهداف الميداني للصحفيين، بل يشن حملات تحريض ممنهجة بحقهم عبر المنصات الرقمية، من خلال إلصاق تهم "الإرهاب" و"الانتماء لحماس"، أو وصفهم بـ"إرهابيين بزي صحفي" لتبرير قتلهم أمام الرأي العام العالمي.
ورصد المركز أكثر من 70 "كود عداء رقمي" استُخدمت لتبرير العدوان على الصحفيين والمؤسسات الإعلامية في غزة والضفة، ومناصري القضية الفلسطينية حول العالم، من أبرزها: "معظم صحفيي غزة يعملون ضمن جماعات إرهابية"، أو "يتنكرون بزي صحفيين"، وهي عبارات تمهّد غالبًا لاستهداف مباشر، كما حصل في العديد من المجازر السابقة التي سبقتها حملات تحريض على مواقع التواصل باللغة العربية.
وتأتي عسكرة المنظومة الإعلامية الإسرائيلية، وتحريضها الممنهج على الصحفيين، في سياق متكامل من التغطية على جرائم الحرب عبر صناعة رواية أمنية تبريرية، يتم من خلالها تحويل الضحايا إلى أهداف مشروعة، وتصوير العمل الصحفي في مناطق النزاع كجزء من "البنية العسكرية للعدو"، بما يخالف كافة المواثيق الدولية التي تحظر استهداف الإعلاميين وتحميهم بصفتهم مدنيين.