طهران - قدس الإخبارية: أصدر مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية اليوم الخميس قرارًا يتهم إيران بعدم الامتثال لالتزاماتها المتعلقة بالضمانات النووية، وهو ما اعتبرته طهران قرارًا سياسيًا لا يلتزم بالحياد، وأعلنت رسميًا إقامة محطة جديدة لتخصيب اليورانيوم.
وردت وزارة الخارجية الإيرانية وهيئة الطاقة الذرية بالتأكيد أن القرار يكشف الطبيعة المسيسة للوكالة، واعتبرتا أن سياسة التعاون التي انتهجتها إيران مع الوكالة أدت إلى نتائج عكسية، مشيرتين إلى أن الولايات المتحدة والترويكا الأوروبية تحاول تمرير أجنداتها عبر الضغط على الوكالة بعد فشلها في إثبات أي خروقات حقيقية في البرنامج النووي الإيراني، واستعادوا مزاعم عمرها 25 عامًا كانت قد حُلت ضمن الاتفاق النووي السابق، في الوقت الذي تلتزم فيه الوكالة الصمت تجاه انسحاب "إسرائيل" من معاهدة حظر الانتشار النووي.
في أعقاب القرار، أعلن رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية تفعيل مركز جديد لتخصيب اليورانيوم في موقع آمن، بالإضافة إلى استبدال أجهزة الطرد المركزي من الجيل الأول في مركز تخصيب الشهيد الدكتور علي محمدي (فوردو) بأجهزة من الجيل السادس الأكثر تطورًا، مشيرًا إلى التخطيط لإجراءات إضافية سيتم الإعلان عنها لاحقًا.
ونقلت وكالة "رويترز" عن مسؤول إيراني كبير أن دولة صديقة في المنطقة حذّرت طهران من احتمال تنفيذ هجوم إسرائيلي وشيك، معتبرًا أن التوتر المتصاعد في الإقليم هو جزء من حرب نفسية تهدف للتأثير على موقف إيران في المحادثات النووية، وشدد على أن بلاده لن تتخلى عن حقها في تخصيب اليورانيوم، رغم التهديدات.
في السياق ذاته، أعلنت القوات المسلحة الإيرانية عن إطلاق مناورات "اقتدار القوات المسلحة"، وهي مناورات لم تكن مدرجة مسبقًا على جدول التمارين، وتم إطلاقها بشكل مفاجئ في استعراض واضح للجاهزية العسكرية.
وحذر قائد الحرس الثوري الإيراني حسين سلامي من ارتكاب أي خطأ، مؤكدًا أن إيران جاهزة لجميع السيناريوهات، وأن التهديدات بشن حرب لم تعد تردع الجمهورية الإسلامية.
الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان أكد بدوره أن إيران ستواصل تخصيب اليورانيوم بإمكانياتها المحلية ولن تتنازل عن مكتسباتها العلمية مهما تصاعدت الضغوط.
إخلاء سفارات بعد تصعيد وشيك
نقلت شبكة "CBS" الأميركية، عن مصادر متعددة أن مسؤولين أميركيين أُبلغوا بأن "إسرائيل" مستعدة تمامًا لشن عملية عسكرية داخل إيران، وأن الولايات المتحدة تتوقع ردًا إيرانيًا قد يستهدف مواقع أميركية في العراق، وهو أحد الأسباب التي دفعت واشنطن لتحذير رعاياها ومغادرة بعضهم للمنطقة.
وفي ظل هذا التصعيد، أعلنت السفارة الأميركية في القدس تحذيرات مباشرة للمواطنين الأميركيين، داعية إياهم إلى توخي الحذر ومعرفة مواقع أقرب الملاجئ في حال إطلاق صافرات الإنذار، كما فرضت قيودًا على حركة موظفيها، بمنعهم من مغادرة القدس وتل أبيب حتى إشعار آخر، بعد ساعات من خطوات مماثلة في سفارات العراق والكويت والبحرين.
وكشفت مصادر إعلامية إسرائيلية أن وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر ورئيس جهاز "الموساد" ديفيد برنياع سيلتقيان يوم غدٍ بالمبعوث الأميركي دان ويتكوف لعرض الموقف الإسرائيلي بشأن الاتفاق النووي مع إيران، في وقت يعقد فيه "الكابينت" – المجلس الأمني والسياسي المصغر في حكومة الاحتلال – اجتماعًا طارئًا في الساعة الثامنة مساءً لبحث تداعيات الموقف.
ونقلت الصحفية الإسرائيلية موران أزولاي عن يائير غولان، رئيس حزب الديمقراطيين الإسرائيلي، أنه لا يثق بنتنياهو، معتبرًا أن رئيس الحكومة الحالي لا يتردد في التضحية بأمن "إسرائيل" من أجل بقائه السياسي، مضيفًا أن نتنياهو الذي ظل يحذّر من التهديد الإيراني منذ أكثر من 15 عامًا هو ذاته من أوصل "إسرائيل" اليوم إلى وضع يجعل إيران أقرب ما تكون إلى امتلاك ليس قنبلة نووية واحدة بل عشر قنابل.
أما المراسل العسكري لجيش الاحتلال دورون كادوش فقد رأى أن التسريبات الإعلامية الأميركية عن هجوم إسرائيلي وشيك على إيران قد تحمل عدة أبعاد، أولها أنها قد تكون جزءًا من حرب نفسية مشتركة للضغط على طهران في المفاوضات، خاصة بعد تذمر دونالد ترامب مؤخرًا من تصلّب الموقف الإيراني، ما يفتح احتمال مشاركة "إسرائيل" بوعي في هذا العرض الإعلامي.
كما أشار إلى احتمال أن يكون الهدف من التسريبات هو إحباط أو تأخير أي تحرك عسكري فعلي، دون أن يستبعد الاحتمال الثالث، وهو أن الهجوم فعلي والتحضيرات بلغت ذروتها، مستدلًا بانشغال غير مسبوق من المستويات العليا في إسرائيل بالملف الإيراني خلال الأسابيع الأخيرة.