ترجمة خاصة - قدس الإخبارية: حذر الصحفي الأمريكي المعروف توماس فريدمان، في مقال نشرته صحيفة نيويورك تايمز، من أن سياسات حكومة بنيامين نتنياهو الحالية لا تضر فقط بمستقبل "إسرائيل"، بل تهدد الوجود اليهودي العالمي وتعرض يهود العالم لمخاطر غير مسبوقة.
وقال فريدمان، في مقال نشرته صحيفة نيويورك تايمز، إن الخطة التي يعمل بها نتنياهو ستدفع اليهود للهجرة إلى أمريكا وأستراليا بدلًا من القدوم إلى إسرائيل، لأن الأخيرة تتحول في نظرهم من "ملاذ آمن" إلى "محرك جديد لمعاداة السامية".
فريدمان أشار إلى أن ممارسات حكومة نتنياهو، وخصوصًا في قطاع غزة، تدفع العالم نحو معاداة الدولة اليهودية، وهو ما سينعكس على حياة اليهود في كل مكان، حيث ستصبح السيارات الأمنية أمام المعابد والمؤسسات اليهودية مشهدًا معتادًا.
وأضاف أن العالم سيشهد قريبًا صورًا مروعة من داخل غزة بمجرد دخول المراسلين والمصورين دون حماية من جيش الاحتلال، وعندها، سيكون الرد العالمي على "إسرائيل" وعلى يهود العالم قاسيًا وعميقًا.
وبحسب رأيه، فإنه يجب على "إسرائيل" وقف الحرب على مراحل واستبدال وجود الجيش بقوة دولية عربية فلسطينية، شريطة إعادة جميع الأسرى الأحياء وجثامين القتلى.
لكنه حذر من أن حكومة نتنياهو، التي تسعى لإدامة الحرب وتحقيق أوهام اليمين المتطرف في تطهير غزة من الفلسطينيين وإعادة توطين اليهود فيها، تدفع نحو انهيار أخلاقي لا يمكن إصلاحه، وأن على يهود العالم الاستعداد للعيش في عالم تُعتبر فيه الدولة اليهودية "دولة منبوذة".
وأشار فريدمان إلى أن عددًا متزايدًا من الطيارين المتقاعدين وأفراد الاحتياط في سلاح الجو الإسرائيلي، إلى جانب ضباط أمن سابقين، بدأوا يدركون هذا الانحدار الأخلاقي الخطير، ويعلنون رفضهم للصمت والتواطؤ مع سياسة نتنياهو "العدمية" في غزة. ونقل عن طيارين سابقين في سلاح الجو، من أعضاء "منتدى 555" الذي يضم 1700 طيار إسرائيلي، أنهم كتبوا رسالة مفتوحة إلى زملائهم الذين ما زالوا في الخدمة، قالوا فيها إن الحرب بدأت كرد مبرر على مجزرة السابع من أكتوبر، لكنها تحولت إلى حرب فقدت أهدافها الاستراتيجية، وصارت تخدم مصالح الحكومة فقط.
وأكد الطيارون أن سلاح الجو تحول إلى أداة بيد من يعتبرون أن "لا أبرياء في غزة"، وأن أحد أعضاء الكنيست تفاخر بأن الحكومة باتت قادرة على قتل مئة فلسطيني يوميًا دون أن يثير ذلك أي صدمة. ولفت فريدمان إلى أن ذروة هذا الجنون كانت في غارة جوية بتاريخ 18 مارس، حين قصفت الطائرات مبنى بغزة بهدف قتل قادة من حماس، لكنها قتلت نحو 300 شخص بينهم العديد من الأطفال، ولم يقدم أي تفسير مرضٍ لهذه المجزرة حتى اليوم.
وقال إن الطيارين دعوا زملاءهم في الخدمة إلى عدم التهرب من طرح الأسئلة، لأنهم هم من سيتحملون العبء الأخلاقي لهذه الجرائم أمام أبنائهم وأحفادهم في المستقبل.
وأضاف أنه تلقى لاحقًا رسالة أخرى من نمرود نوفيك، مستشار السياسة الخارجية السابق لشمعون بيريز، موقعة من مجموعة "قادة من أجل أمن إسرائيل"، دعت يهود الشتات إلى رفع صوتهم ضد ما وصفوه بالجنون الذي يستهلك "إسرائيل" من الداخل قبل أن يُحرقهم جميعًا.
وأكد فريدمان في ختام مقاله أنه يكتب هذا التحذير كيهودي يؤمن بحق الشعب اليهودي في العيش بأمان، لكنه شدد على أن الصمت أمام استهتار هذه الحكومة بأرواح المدنيين وتحولها نحو الاستبداد سيجعل من كل يهودي في العالم شريكًا في العار، وسيدفع الجميع الثمن غاليًا.