ترجمة خاصة – قدس الإخبارية: كشفت صحيفة "هآرتس" العبرية، اليوم الجمعة، أن أذربيجان وعدت دولة الاحتلال بمواصلة تزويدها بالنفط رغم إعلان رسمي عن وقف التصدير، وذلك في محاولة لتخفيف الضغط التركي، في ظل تصاعد الاحتجاجات المناهضة لتدفق النفط نحو الأراضي المحتلة عبر الأراضي التركية.
ونقلت الصحيفة عن مصدر إسرائيلي أن القرار الأذري بوقف التصدير المعلن يهدف إلى تهدئة الغضب الشعبي التركي، لكن التصدير الفعلي سيستمر من خلال شركات تجارية دولية تعمل كوسيط، ما يُمكّن باكو من التحايل على العلن بادعاء أنها لا تزود الطائرات الإسرائيلية التي تقصف المدنيين في غزة بالوقود.
وأشارت الصحيفة إلى أن أذربيجان أخفت مؤخرًا صادراتها النفطية إلى الاحتلال من سجلات الجمارك، رغم أن هذه الصادرات بلغت أكثر من مليون طن في عام 2024، وكانت في ازدياد مستمر خلال السنوات السابقة.
وبحسب مصدرين إسرائيليين، فإن القرار الأذري اتُخذ على خلفية الضغط التركي، لا سيما أن خط أنابيب النفط B.T.C (باكو – تبليسي – جيهان) يمر بالكامل عبر الأراضي التركية، ويتم تحميل النفط إلى السفن من ميناء جيهان التركي على البحر المتوسط. وكانت تركيا قد قطعت علاقاتها التجارية مع "إسرائيل" رسميًا في مايو/أيار 2024، بعد رفض "تل أبيب" السماح لها بإسقاط مساعدات إنسانية على قطاع غزة.
ويُعد استمرار تصدير النفط إلى دولة الاحتلال عبر الأراضي التركية أمرًا محرجًا للحكومة التركية، التي تواجه مظاهرات متواصلة في إسطنبول ومدن أخرى، من بينها احتجاجات أمام مكاتب شركة النفط الحكومية الأذرية "سوكار" (SOCAR).
وأفاد "إلهام شبان"، رئيس مركز "كاسبيان باريِل" الأذري لأبحاث النفط، بأن أذربيجان تُصدّر سنويًا نحو 3 ملايين طن من النفط إلى دولة الاحتلال، أي ما يعادل 15% من إجمالي صادراتها النفطية، وهي نسبة قريبة من واردات "إسرائيل" من كازاخستان.
كما أوضح أن جزءًا من النفط الكازاخي والتركماني أيضًا يُنقل عبر خط جيهان التركي، وهو ما يجعل أكثر من نصف واردات إسرائيل النفطية تأتي من دول ناطقة بالتركية، مرورًا عبر الأراضي التركية وبحر مرمرة.
وذكرت الصحيفة أن مستشار الرئيس الأذري، حكمت حاجييف، صرّح مؤخرًا خلال لقاء مع صحفيين أتراك في باكو، بأن بلاده استضافت ثلاث جولات من المحادثات بين إسرائيل وتركيا لبحث تخفيف التوتر بين الطرفين على خلفية الأحداث في سوريا، لكنه امتنع عن التعليق مباشرة على استمرار تصدير النفط إلى "إسرائيل"، مشيرًا فقط إلى الدعم العسكري والدبلوماسي الإسرائيلي لبلاده في حربها الأخيرة ضد أرمينيا، والتي انتهت بسيطرة أذربيجان على إقليم ناغورني كاراباخ.
وبحسب شبان، فإن بيع النفط لتجار دوليين يتيح لأذربيجان إخفاء الوجهة النهائية للشحنات، حيث يتم تسجيل ميناء "أوغوستا" في صقلية كنقطة الوصول، بينما يتم تمرير النفط من يد إلى يد قبل أن يصل إلى "إسرائيل"، ما يسمح للحكومة الأذرية بالتنصل من المسؤولية.
رغم ذلك، قال أحد المصادر الإسرائيلية إن شركة SOCAR Trading، وهي شركة تابعة لـ"سوكار"، هي نفسها التي تبيع النفط لإسرائيل، ما يعني أن العملية لا تتعدى نقل النفط من "جيب إلى آخر" داخل نفس الكيان.
وأكد أن بيع النفط لـ"إسرائيل" يُعد مصلحة استراتيجية لأذربيجان، فهي لا تريد أن تبقى وحدها تحت رحمة "إسرائيل" أمنيًا، بل تسعى إلى الحفاظ على العلاقة كمصلحة متبادلة.
واختتم المصدر الإسرائيلي بالقول: "حتى لو أوقفت أذربيجان تصدير النفط لنا، لن ننهار. سنحصل عليه من مكان آخر. لكنهم لا يريدون أن يكونوا الطرف الوحيد المعتمد علينا".