ترجمة عبرية – شبكة قدس الإخبارية: في ضوء الإبادة الجماعية التي ارتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، بات جيش الاحتلال يخفي ملامح جنوده وضباطه بشكل متعمد خلال أي ظهور إعلامي، في محاولة لتفادي الملاحقة القانونية الدولية، وهو ما خلّف حالة من الإحباط والغضب داخل المجتمع الإسرائيلي، خاصة مع تزايد الإدراك بأن كل صورة يمكن أن تتحول إلى دليل محتمل في أروقة القضاء الدولي.
وأشار الصحفي العسكري الإسرائيلي مناحيم هوروفيتس، في تقرير نشرته القناة 12 العبرية، إلى حفل تكريم أقيم مؤخرًا لـ120 جنديًا في منزل الرئيس الإسرائيلي يتسحاق هرتسوغ، جرى تصويره من زوايا بعيدة، أو من الخلف، أو بصورة ضبابية، دون إظهار وجوه الجنود أو حتى كبار الضباط.
وقال إلى أن الأمر لم يعد مقتصرًا على الطيارين الذين اعتادوا الظهور بخوذاتهم، بل أصبح يشمل كافة الرتب، بما في ذلك رقباء الفصائل في وحدات كـ"جفعاتي".
وأكد هوروفيتس أن الحرب التي يخوضها الاحتلال لا تقتصر على الميدان العسكري، بل تمتد إلى ميادين الرأي العام والقانون الدولي، حيث أصبحت كل صورة منشورة عرضة للاستخدام في تحقيقات وملاحقات جنائية دولية، وسط ما وصفه بـ"انحياز" المحكمة الجنائية الدولية ضد الاحتلال.
وأضاف: "لم يعد رؤساء الدول وحدهم معرضين للاعتقال في حال سفرهم، بل حتى الجنود والضباط من الرتب الدنيا قد يواجهون المصير ذاته".
وأشار الصحفي إلى أن هذا الوضع يعكس تبدلًا جذريًا في موقع الاحتلال على الساحة الدولية، حيث بات الجندي الإسرائيلي يدرك أن مجرد مشاركته في الحرب قد تلازمه مخاطر الملاحقة القضائية مدى الحياة، بمجرد عبوره أي بوابة مطار خارجية.
وفيما يخص الانضباط الأمني، أوضح هوروفيتس أن الجيش يعاني من ثغرات جدية، خصوصًا على مستوى الجنود العاديين، الذين لا يترددون في مشاركة معلومات حساسة عبر تطبيقات مثل "واتساب" و"تلغرام"، وكأنهم داخل شبكة محمية، في حين أن منشوراتهم على مواقع التواصل الاجتماعي تسهّل على الجهات المعادية تتبّع أماكن انتشار القوات والوحدات التي شاركت في المعارك.
وأضاف أن الصور التي نشرها الجنود من داخل غزة تكشف بوضوح مواقعهم ومهامهم، مما يوفّر مادة خصبة للمنظمات الحقوقية التي تتابع هذه المنشورات بدقة لاستخدامها كأدلة في المحاكم الدولية ضد الجنود والضباط.
أمام هذا الواقع، شدّد هوروفيتس على أن الجيش اتخذ قرارًا بعدم تزويد هذه المنظمات بـ"ذخيرة بصرية" من خلال الصور التي تُظهر وجوه الجنود، لكنه في المقابل تساءل: "هل سيُضطر الجنود بعد الآن إلى التقاط صورهم بوجوه مغطاة؟ وهل باتت خدمتهم العسكرية مصدر تهديد دائم؟"
ورأى أن هذا الإخفاء الواسع للهوية يبعث برسائل سلبية للمجتمع الإسرائيلي، ويعكس إحساسًا داخليًا بالخجل أو الإدانة الذاتية، وكأن كل من يرتدي الزي العسكري بات هدفًا مشروعًا بسبب انتهاكه القانون الدولي.
وحذّر هوروفيتس من أن هذا الشعور ينتشر ليس فقط داخل "إسرائيل"، بل أيضًا بين الإسرائيليين في الخارج، الذين يشعرون بتراجع قيمة "الحماية القانونية" المفترضة، واعتبر أن الجيش لم يعد قادرًا على إرسال جنوده إلى المعركة وهم يفتقرون للثقة بالحصول على حصانة تضمن عدم ملاحقتهم مستقبلًا.
واختتم بالدعوة إلى تحرك عاجل من وزارتي الخارجية والقضاء لمعالجة هذا التهديد الدبلوماسي والقانوني المتفاقم، مؤكدًا أن خسارة هذه المعركة على الساحة الدولية قد تكون كارثية، لأن كل "صورة نصر" تزعمها المؤسسة العسكرية في غزة تتلاشى أمام مشهد الجنود الملثمين وكأنهم فارّون من العدالة.