شبكة قدس الإخبارية

إحباط "إسرائيلي" من إمكانية ردع أنصار الله في اليمن: المعاناة بالنسبة لهم اختبار إلهي 

٢١٣

 

houthi-palestine-730x438

ترجمة خاصة - شبكة قُدس: اعتبرت يديعوت أحرونوت أن الصاروخ الذي أطلق من اليمن وأحدث حفرة كبيرة في محيط المطار الدولي الرئيسي لدى كيان الاحتلال منح أنصار الله إنجازًا نفسيًا ملحوظًا، غير أن الصحيفة شددت على ضرورة النظر إلى الحدث ضمن سياقه العملياتي، كونه يمثل ثالث حالة فشل في اعتراض صاروخ باليستي يُطلق من اليمن، رغم نشر منظومة الدفاع المدعومة ببطاريات THAAD الأميركية.

ورغم نفي مصادر عسكرية لدى الاحتلال بأن أنصار الله أطلقوا صواريخ فرط صوتية، فإن يديعوت أحرونوت أشارت إلى أن منظومات "حيتس 2" و"حيتس 3"، التي تبلغ نسب اعتراضها نحو 90%، تعاني أحيانًا من إخفاقات لأسباب تتعلق بظروف جوية أو اعتبارات استخباراتية لا تُكشف للرأي العام.

وفي سياق تحليلها للتطورات، رأت الصحيفة أن "إسرائيل" وإيران تخوضان سباقًا تكتيكيًا، إذ يتولى خبراء إيرانيون تدريب أنصار الله وتحسين فعالية إطلاقهم. وضمن هذا الإطار، باتت الصواريخ تُطلق نهارًا، ما يصعّب على منظومات الدفاع لدى الاحتلال مواجهتها. 

ورغم الضربات الأمريكية، تلاحظ الصحيفة، أن أنصار الله ما زالوا قادرين على الإطلاق، ويعود ذلك إلى طبيعة منصاتهم المتنقلة وتوزيعها الجغرافي المعقد، بالإضافة إلى الدعم القبلي. هذا الانتشار، في نظر محللي الصحيفة، يصعّب تعقب مصادر الإطلاق، رغم محاولات الولايات المتحدة المستمرة لتعطيل شبكات التهريب وضرب مراكز التصنيع ومواقع القيادة.

وتُبرز يديعوت أحرونوت أن النمط اللامركزي الذي يعمل وفقه أنصار الله، وانتشارهم في بيئة فقيرة من حيث البنية التحتية والاتصالات، يُصعّب بشكل كبير من جهود المراقبة والتعقب الاستخباري. لذا، ورغم مضي أكثر من ستة أسابيع على الضربات الأميركية، لم يُرفع الخطر كليًا عن كيان الاحتلال ولا عن الملاحة في باب المندب.

في المقابل، نشرت يديعوت أحرونوت تصريحًا لوزير حرب الاحتلال الإسرائيلي يسرائيل كاتس عقب إطلاق الصاروخ، قال فيه: "من يعتدي علينا، سندفعه الثمن أضعافًا". مع ذلك، تُشير الصحيفة إلى أن تنفيذ هذا التهديد يطرح أمام الاحتلال إشكاليات متعلقة بأهداف الرد، ومدى القدرة على تحقيقها، وطبيعة الأدوات التي يمكن توظيفها.

وبحسب تحليل الصحيفة، فإن أول الأهداف المحتملة لأي عملية إسرائيلية هو تقليص القدرة العملياتية لأنصار الله في ما يتعلق بإطلاق الصواريخ والمسيّرات، إلى جانب عمليات بحرية تستهدف تهديدهم لمضيق باب المندب. أما الهدف الثاني، فيتمثل في فرض كلفة مباشرة على النظام السياسي لأنصار الله. 

وترى يديعوت أحرونوت أن الهدف الثالث المحتمل هو زعزعة الاستقرار الداخلي عبر استهداف رموز أنصار الله والبنية التحتية المدنية، ما قد يؤدي إلى إثارة غضب شعبي داخلي. لكن الصحيفة تُحذر من أن تنفيذ مثل هذه الأهداف يتطلب قدرة عسكرية واستخبارية معقّدة، وقد لا يحقق المردود المرجو.

وفي مقارنتها بين القدرات الإسرائيلية والأميركية، تؤكد الصحيفة أن القوات الأميركية المنتشرة قرب سواحل اليمن تتمتع بأفضلية تكتيكية حاسمة، سواء من حيث المدى أو عدد الطائرات القادرة على تنفيذ ضربات دقيقة. وتشير إلى أن الاحتلال لا يمتلك سوى بضع عشرات من الطائرات القتالية، منها نسبة صغيرة قادرة على تنفيذ عمليات هجومية.

كما تُلفت يديعوت أحرونوت إلى أن أي تدخل عسكري إسرائيلي في اليمن يتطلب موافقة البيت الأبيض وتنسيقًا مباشرًا مع القيادة المركزية الأميركية. وتُحذّر من أن مثل هذا التنسيق قد يُربك التحركات الأميركية أو يُفهم على أنه تحدٍّ غير مباشر للهيبة الأميركية، خاصة في ظل تخوفات بعض مسؤولي إدارة ترامب من محاولات الاحتلال لجرّ واشنطن إلى مواجهة مباشرة مع طهران.

وفي تقييمها لإمكانية ردع أنصار الله، تُبرز الصحيفة صعوبة تحقيق ذلك مع جماعة تتحرك بدوافع دينية قومية، وتعتبر المعاناة جزءًا من "الاختبار الإلهي". وتشير إلى أن هذا النوع من الجماعات لا يتأثر بالخسائر، بل يستخدمها لتبرير الاستمرار والتشدد وراء الموقف أكثر.

وفي سياق مقارن، تستعرض يديعوت أحرونوت تجربة السعودية في اليمن، حيث شنت حربًا مفتوحة على الحوثيين منذ 2015 دون تحقيق نتائج حاسمة، رغم التكلفة البشرية الهائلة. وتوضح أن الهجمات السعودية، المدعومة بطائرات F-15، لم تردع أنصار الله، بل عززت من مكانتهم سياسيًا وعسكريًا.

كما تُشير الصحيفة إلى أن الإدارة الأميركية، في ضوء هذه التجربة، قررت تقليص دعمها العسكري للسعودية، ورفعت أنصار الله، من قائمة "التنظيمات الإرهابية"، بهدف تسهيل وصول المساعدات الإنسانية. وبحسب تقديراتها، فإن أي عملية إسرائيلية شديدة الدموية قد تستدعي تدخلاً دبلوماسيًا أميركيًا لاحتواء تداعياتها في المؤسسات الدولية.

وتخلص يديعوت أحرونوت في تقريرها إلى أن أنصار الله، على غرار تنظيمات إسلامية أخرى، لا يرتدعون بالضغط العسكري، بل يزيدهم ذلك تمسكًا بالموقف. وتؤكد أن العقوبات الدولية لم تثنِ إيران عن مشروعها النووي، تمامًا كما لم تردع حماس أو حزب الله.