شبكة قدس الإخبارية

بناء على وثائق عسكرية وشهادات الجنود.. صحيفة عبرية تفجر مفاجأة عن مجزرة المسعفين في رفح 

٢١٣

 

WPn4c

ترجمة عبرية - شبكة قُدس: كشف تحقيق أجرته صحيفة "هآرتس" العبرية، بناء على وثائق عسكرية وشهادات جنود، تفاصيل جديدة حول الهجوم الذي اغتالت فيه قوات الاحتلال 12 من طواقم الدفاع المدني والمسعفين في رفح.

وأظهرت الأدلة التي حصلت عليها الصحيفة، انتهاكات خطيرة من قبل وحدة "سيريت غولاني" التابعة لجيش الاحتلال، بما في ذلك إطلاق نار عشوائي متواصل لمدة ثلاث دقائق ونصف، وتغيير الخزائن العسكرية أثناء القتل، رغم محاولات الضحايا التعريف بأنفسهم.

ووفق التفاصيل؛ فإنه في ليلة 23-24 مارس، كانت قوات الاحتلال تستعد لشن هجوم مفاجئ على حي تل السلطان في رفح. وكُلفت وحدة "سيريت غولاني" بنصب كمين في محور يُفترض أن يمر عبره مدنيون ومسلحون أثناء عمليات الإخلاء.

لكن بدلًا من تنفيذ المهمة كما كُلفت، قامت القوة – بقيادة نائب قائد سرية احتياط – بتغيير التعليمات من تلقاء نفسها، وفتحت النار على سيارات إسعاف وإغاثة كانت تعمل في المنطقة بشكل قانوني، دون أي تهديد.

ففي الساعة 3:57 صباحًا، مرت سيارة إسعاف بأضواء وامضة، لكن الجنود فتحوا النار عليها من مسافة صفر، مما أدى إلى استشهاد شخصين واعتقال ثالث.

ادعى الجنود لاحقًا أنهم ظنوا أن الضحايا من عناصر حماس، رغم عدم وجود دليل على ذلك.

وفي الساعة 5:06 صباحًا، وصلت قافلة إغاثة مكونة من سيارات إسعاف وإطفاء، جميعها تحمل أضواء تحذيرية ويرتدي طاقمها سترات عاكسة.

رغم ذلك، أمر نائب قائد السرية، بإطلاق النار عليها، واستمر القتل لمدة 3.5 دقائق دون توقف، مع تبديل الجنود خزائن أسلحتهم، حيث حاول الضحايا الهرب والصراخ لتوضيح هويتهم، لكن الجنود استمروا في إطلاق النار حتى استشهد 12 منهم.

وبعد 12 دقيقة من الهجوم، وصلت مركبة تابعة للأمم المتحدة، فقام الجنود باستهدافها أيضًا، مما أسفر عن استشهاد موظف في الأونروا.

وأبلغ نائب القائد قيادته بأن المركبات "غير مميزة"، رغم وجود توثيق مصور من الطائرات المسيرة يُثبت العكس، ورفضت لجنة التحقيق روايته بعد إجراء محاكاة، لكنها بررته بـ"حالة القتال".

وأمر قائد اللواء العقيد تال ألكوبي بدفن الجثث وسحق سيارات الإسعاف لإخفاء الأدلة، بدلًا من تسليمها للمنظمات الدولية، وتم تأخير إبلاغ المنظمات الإنسانية بمكان الجثث لـ5 أيام، مما عرقل التحقيقات.

أما عن العقوبات الصورية؛ فأُقيل نائب قائد السرية بسبب "تقاريره غير الدقيقة"، بينما تلقى قائد اللواء ملاحظة تأديبية فقط.

وجاء التحقيق الرسمي لجيش الاحتلال استجابة للضغوط الدولية، لكنه نفى بشكل مثير للجدل مزاعم "الإعدام الميداني"، رغم الأدلة على إطلاق نار عشوائي.

وسبق أن كشفت صحيفة "ذي غارديان" البريطانية، عن تورط وحدة من جيش الاحتلال في قتل 15 من المسعفين الفلسطينيين وعناصر الدفاع المدني في قطاع غزة، في آذار الماضي في مدينة رفح جنوبي القطاع.

وأفادت الصحيفة بأن قوات الاحتلال المتورطة تنتمي إلى لواء غولاني، أحد ألوية المشاة الخمسة في جيش الاحتلال، وكانت تعمل تحت قيادة لواء المدرعات الاحتياطي الرابع عشر، الذي يتبع لفرقة يقودها العميد يهودا فاخ، وهو جنرال إسرائيلي سيء الصيت والسمعة، سبق أن اتُهم من قبل بعض جنوده حتى بـ"الاستخفاف بالحياة البشرية".

وأكد جيش الاحتلال أن جنودًا من لواء غولاني فتحوا النار على قافلتين من سيارات الإسعاف في رفح بتاريخ 23 آذار/ مارس، قبل أن يقوموا بحفر قبر جماعي لدفن جثامين الشهداء مؤقتًا إلى حين وصول فريق من الأمم المتحدة قام بانتشالها بعد ستة أيام.

ورغم إقرار جيش الاحتلال بالعملية، فقد أنكر الاتهامات الموجهة له نقلا عن شاهدين شاركا في استخراج الجثث، إلى جانب نتائج لتقارير تشريح جديدة، تشير إلى أن عددًا من الشهداء أصيبوا بطلقات نارية من مسافة قريبة في الرأس والصدر، وتم العثور عليهم وأيديهم أو أرجلهم مقيدة.

ونقلت "ذي غارديان" عن مصدر رفيع في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، مطّلع على انتشار قوات الاحتلال في جنوب غزة، أن جنودا ميدانيين من الوحدة 504 وهي وحدة استخبارات عسكرية معروفة بالدموية والعدوانية؛ كانوا حاضرين أثناء ارتكاب الجريمة بحق المسعفين وطواقم الدفاع المدني. 

وخلال ارتكاب المجزرة، كانت قوات جولاني خاضعة لقيادة لواء المدرعات الاحتياطي الرابع عشر، بقيادة العميد فاخ. 

ووفق ضباط سابقين، فإن فاخ أنشأ ما يُشبه "منطقة قتل" غير رسمية في مناطق أخرى من قطاع غزة، ما أدى إلى تنفيذ عمليات قتل عشوائية بحق مدنيين فلسطينيين. كما اتهمه جنود تحت قيادته بانعدام الانضباط العملياتي، الأمر الذي "عرض حياة الجنود للخطر"، وفقا لتقرير "ذي غارديان".

كما نقل تحقيق لصحيفة "هآرتس" العبرية، عن فاخ قوله للجنود: "لا وجود لأبرياء في غزة"، في تصريح أثار جدلا، ويُنظر إلى هذا التصريح على أنه انعكاس لخطاب متزايد داخل المؤسسة العسكرية والسياسية لدى الاحتلال حيث يُتّهم بعض القادة بتبني سياسات تعتبر كل من في غزة هدفًا مشروعًا، سواء بشكل معلن أو ضمني.

وفي مقطع فيديو نُشر عبر القناة 14 العبرية، ظهر جنود من لواء جولاني خلال تلقيهم إيجازًا عسكريًا قبيل إعادة نشرهم في قطاع غزة، حيث ظهر قائد كتيبة وهو يوجه الجنود قائلا: "أي شخص تقابلونه هناك هو عدو. أي شخص تتعرفون عليه، قوموا بتصفيته"، في ما بدا توجيه مباشر لارتكاب المجازر بحق المدنيين.

وفي وقت سابق، حصد فيديو نشرته صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية انتشارا واسعا في منصات التواصل الاجتماعي، بعد توثيقه المجزرة التي ارتكبها جيش الاحتلال بحق موظفي الدفاع المدني والهلال الأحمر الفلسطيني في رفح جنوب قطاع، ويُكذّب الفيديو رواية الاحتلال التي ادعت أن المركبات كانت "تتحرك بشكل مريب" دون تشغيل الأضواء أو إشارات الطوارئ.

مقطع الفيديو الذي نشرته الصحيفة الأمريكية، تم العثور عليه على هاتف أحد المسعفين في مقبرة جماعية في رفح، وتم تداوله كرد على رواية الاحتلال بشأن المجزرة، حيث يظهر وبوضوح، سيارات الإسعاف وشاحنة الإطفاء التي كان على متنها عناصر الإسعاف والدفاع المدني الـ14، مشيرة إلى أن مصابيح الطوارئ في المركبات كانت مشغّلة لحظة استهدافها من قبل قوات الاحتلال.

وأوضحت نيويورك تايمز أنها حصلت على الفيديو من دبلوماسي كبير في الأمم المتحدة، وأنها تحققت من موقعه وتوقيته، حيث يُسمع في الفيديو صوت المسعف وهو يردد الشهادة أثناء إطلاق النار، كما نقلت عن نبال فرسخ، المتحدثة باسم الهلال الأحمر الفلسطيني قولها إن المسعف الذي صوّر الفيديو كانت عليه آثار الإصابة برصاصة في رأسه.