طولكرم - قدس الإخبارية: المربع الأمني، الذي كان يشمل مقار السلطة ومراكزها الرسمية مثل المقاطعة، لم يعد يشكل أي حماية، صباح اليوم، أجبرت قوات الاحتلال سكان "حارة المقاطعة" على إخلاء منازلهم خلال ساعات، قبل أن تقتحم الحي وتحول بعض المباني إلى نقاط عسكرية.
ليسَ أمرًا جديدًا، مع تصاعد العدوان الإسرائيلي على شمال الضفة الغربية، اختفت من المشهد مصطلحات طالما ارتبطت بالحالة الأمنية الفلسطينية، مثل "نشاط 00" و"المربع الأمني"، وما كان يُعتبر خطاً أحمر أصبح ساحة مفتوحة للاقتحامات.
"نشاط 00"، وهو مصطلح أمني متداول يشير إلى تحرك قوات الاحتلال في منطقة معينة، ويُلزم عناصر أجهزة السلطة الفلسطينية بإخلاء مواقعهم فوراً، لم يعد حاضراً، بل على العكس، يلاحق عناصر أجهزة أمن السلطة المقاومين والمطاردين ويفككون عبوات المقاومة، في نفس المربع الذي تتواجد فيه قوات الاحتلال.
يغيب التنسيق الأمني في صورته التقليدية، لكن ممارسات السلطة الميدانية تُظهر استمراره على الأرض، مصطلحات مثل "نشاط 00" و"المربع الأمني" لم تعد سوى ذكرى لغوية، وسط واقع يعيد رسم خريطة السيطرة الإسرائيلية والوظيفة الأمنية في الضفة الغربية.
مع دخول العدوان الإسرائيلي على مدينة طولكرم ومخيمها يومه الخامس والخمسين، في حين يستمر الهجوم على مخيم نور شمس لليوم الثاني والأربعين، مع استمرار عمليات الهدم والتهجير، اعتقلت السلطة مطاردين ومقاومين في نفس الوقت الذي كان الاحتلال يعتقل ويهجر ويدمّر ويفجر منازل مخيمات المدينة.
صباح السبت، اعتقلت أجهزة أمن السلطة شاباً من منزله في المدينة، كما أفادت مصادر محلية بإصابة شاب بجراح حرجة بعد إطلاق النار عليه من قبل عناصر الأجهزة الأمنية في بلدة علار يوم 14 مارس الحالي.
حركة حــماس: السلطة قتلت 20 مواطنا فلسطينيا في الضفة الغربية منذ 7 أكتوبر pic.twitter.com/V7snkQTkwZ
— شبكة قدس الإخبارية (@qudsn) March 11, 2025
أما في جنين، فالعدوان الإسرائيلي يدخل شهره الثالث، مع تصعيد يومي في الاقتحامات والدمار، بينما تسجل السلطة الفلسطينية حضورها من بوابة الاعتقالات والتنسيق الأمني، واللجنة الإعلامية في مخيم جنين تحدثت عن عمليات إخلاء منسقة بين السلطة والاحتلال.
في الوقت ذاته، قتلت السلطة شابان برصاص أجهزة السلطة في المدينة، في تطور أثار غضباً واسعاً بين الأهالي.
الجمعة، اعتقلت أجهزة السلطة مطاردين للاحتلال من مخيم جنين، بينهم الشاب يحيى لحلوح من منطقة مدرسة حطين، أما الخميس، داهمت قاعة الكفيف التي تأوي نازحين من المخيم واعتقلت شاباً من وسطها.
أجهزة أمن السلطة تنكّل بشابٍ بعد حصار منزلٍ في قرية صانور جنوب شرق جنين. pic.twitter.com/E0EEaVFtAO
— شبكة قدس الإخبارية (@qudsn) March 13, 2025
في وقتٍ سابق، كشف مصدر في العلاقات العامة لأحد أجهزة أمن السلطة لـ "شبكة قدس" أن لقاءً موسعًا حضره الناطق باسم أجهزة أمن السلطة أنور رجب وما يعرف بـ"الكادر الإعلامي الفتحاوي" وصحفيون محسوبون على السلطة، في اليوم التالي لبدء العملية العسكرية للاحتلال في جنين، وطُلب منهم التركيز على تبعات عملية الاحتلال كالنزوح وتجريف الطرق وتدمير البنية التحتية.
وبحسب المصادر، طلب من المجتمعين نشر صور المطاردين الذين يتم اعتقالهم من قبل أمن السلطة، وإذلالهم، وقال رجب في اللقاء إن "هذا كفيل بردع أهالي الضفة من القيام بأي محاولة للاصطفاف إلى جانب فصائل المعارضة خاصة".
وبينما كان الاحتلال يخلي منازل الفلسطينيين في مخيم العين بنابلس، اعتقلت أجهزة أمن السلطة شابًا من المدينة، واعتقلت المحرر محمد بشكار بعد استدعائه للمقابلة وهو أحد محرري صفقة الأشبال في المرحلة الأولى من الهدنة، كما أتلفت عبوات ناسفة كانت معدة للتصدي لقوات الاحتلال.
في طوباس، أتلفت السلطة عبوات للمقاومة في بلدة تياسير، كانت معدة للتصدي لقوات الاحتلال، واعتقلت السلطة الشاب قيس زياد صوافطة من مكان عمله وسط المدينة، كما داهمت منازل في منطقة صوافطة، واعتقلت آخرين من بلدة طمون جنوباً بمركبة مدنية يوم 15 مارس.
أكثر من 203 انتهاكات
خلال شهر فبراير/شباط الماضي، سجلت لجنة أهالي المعتقلين السياسيين (203) انتهاكاً ارتكبته أجهزة أمن السلطة، تنوعت ما بين اعتقال واستدعاء ومداهمة، وتضييق الحريات وتكميم الأفواه، إضافة إلى ملاحقة المقاومة والمقاومين في إطار التنسيق الأمني مع الاحتلال.
وبلغ عدد حالات الاعتقال السياسي أكثر من (90) حالة اعتقال، و(10) حالات استدعاء، و(20) عملية مداهمة لمنازل وأماكن عمل، و(6) حالات إطلاق نار واشتباك مع مقاومين، و(3) حالات محاكمات تعسفية، و(3) نقل تعسفي، فضلا عن عشرات حالات الملاحقة وقمع المظاهرات وانتهاكات أخرى.
كما تعرض (3) معتقلون للشبح والتعذيب في زنازين السلطة ما أدى لتردي أوضاعهم الصحية
وبالأمس، أدانت لجنة أهالي المعتقلين السياسيين ما يتعرض له المعتقلين من ممارسات لا تمت للإنسانية بصلة داخل سجون وأقبية التحقيق التابعة لأجهزة السلطة، وعلى وجه الخصوص في سجني الجنيد وأريحا، اللذين تحوّلا إلى مسالخ بشرية تُرتكب فيها انتهاكات جسيمة وصادمة بحق المعتقلين.
وأفادت شهادات نقلها معتقلون مفرج عنهم بأنهم تعرضوا لأساليب تعذيب بشعة تبدأ بالشبح والتعليق لساعات وأيام طويلة، والحرمان من النوم، وهم مقيدو الأيدي والأرجل، إلى جانب الضرب المبرح، والبصاق، والشتائم المهينة التي تطال الأمهات والأخوات، في انتهاك صارخ لكل القيم الأخلاقية والوطنية.
لجنة أهالي المعتقلين السياسيين بالضفة: 203 انتهاكات ارتكبتها أجهزة أمن السلطة خلال الشهر الماضي. pic.twitter.com/9eytcOFGF4
— شبكة قدس الإخبارية (@qudsn) March 12, 2025
وتصل هذه الممارسات إلى حد الاعتداء النفسي والجسدي العنيف، حيث يتم تعليق المعتقلين من أعضائهم التناسلية، ونتف لحاهم، وإجبارهم على الإدلاء باعترافات كاذبة، وذلك بهدف تشويه سمعتهم أمام الرأي العام، وتدمير مكانتهم الاجتماعية والأخلاقية.
كما يجبر المعتقلون تحت التهديد والتعذيب على توقيع إفادات مزورة تؤكد أنهم لم يتعرضوا لأي إساءة أو تعذيب، وأن معاملتهم كانت "حسنة"، في محاولة للتغطية على جرائم التعذيب التي لا يمكن تبريرها أو التغاضي عنها.
وحملت أجهزة السلطة المسؤولية الكاملة عن هذه الجرائم، وندعو المؤسسات الحقوقية الدولية والمحلية والصليب الأحمر الدولي لوقف هذه الانتهاكات الجسيمة بحق المعتقلين السياسيين وزيارة أماكن الاحتجاز ومراكز التحقيق والاطلاع على أوضاع المعتقلين عن كثب وملاحقة ومحاسبة المتورطين والتحرك الجاد للإفراج الفوري عن كافة المعتقلين السياسيين وقف الانتهاكات الجسيمة بحقهم.