الأسرى - شبكة قُدس: يواصل الاحتلال الإسرائيلي، انتهاكاته الممنهجة بحقّ الأسرى الفلسطينيين، حيث تحولت السجون إلى ساحة حرب متواصلة، مع تصاعد سياسات القمع والتجويع والتنكيل. وفي تقرير لنادي الأسير الفلسطيني، استند إلى عشرات الزيارات التي أجراها محاموه خلال يناير 2025، أوضح أن الأوضاع داخل المعتقلات تزداد سوءًا، مع استمرار الاعتقالات التعسفية التي طالت المرضى والجرحى، وتزايد عمليات التعذيب التي باتت العنوان الأبرز للواقع الاعتقالي.
وفقًا للتقرير، فقد تصاعدت عمليات القمع والاقتحامات في عدد من السجون، حيث أفاد الأسرى بتكرار الاعتداءات الجسدية عليهم داخل الزنازين وأثناء عمليات النقل. وأكد النادي أن الاحتلال يواصل استخدام أساليب التعذيب الجسدي والنفسي بشكل ممنهج، مع استمرار سياسة العزل الانفرادي بحق العشرات.
وأشار التقرير إلى تزايد الحالات المرضية في السجون بسبب الإهمال الطبي المتعمد، حيث يُحرم الأسرى من العلاج اللازم، فيما يعاني العديد منهم من أمراض مزمنة دون توفير أي رعاية طبية مناسبة.
ووثّق المحامون إفادات عديدة تؤكد استمرار الاحتلال في سياسة التجويع، حيث يتم تقليص كميات الطعام المقدمة للأسرى إلى مستويات غير كافية، بالإضافة إلى حرمانهم من المياه النظيفة ومواد التنظيف الأساسية، مما أدى إلى تفشي الأمراض الجلدية.
وأكد نادي الأسير أن ما يجري في السجون يرتقي إلى مستوى الجرائم ضد الإنسانية، داعيًا المؤسسات الحقوقية الدولية إلى التدخل العاجل للضغط على الاحتلال من أجل وقف هذه الانتهاكات وتحسين ظروف الأسرى، خاصة المرضى وكبار السن.
ووفق الشهادات التي وثقها النادي؛ أفاد الأسير (أ.د) من سجن (عوفر)، أنّ وتيرة الاقتحامات والاعتداءات والقمعات مستمرة للأقسام، وتزداد مؤخراً، مستخدمين الكلاب البوليسية، والتعمد في ضرب القنابل مؤخرا.
وأفاد الأسير (ت.ب)، أنّ عمليات الاقتحام مستمرة، ولا يوجد أي تغيير على تعامل إدارة السّجن حيث تمارس عمليات الإذلال والتنكيل بحقّ الأسرى، وبشكل متكرر تتعمد إدارة السّجن ضرب القنابل داخل الأقسام. كما وذكر الأسير (د.ي)، أنّ قوات القمع اقتحمت القسم الذي يتواجد فيه، بسبب رفض الأسرى عملية استمرار إجراء العدد بالطريقة المذلّة والمهينة، التي تتم من خلال إجبارهم على الركوع، وخاصة أنّ هناك عدداً من الأسرى، هم من المرضى، حيث أقدمت قوات القمع على الاعتداء على الأسرى، وتم رش الغاز في وجوه الأسرى بشكل مباشر.
كما وتعرض الأسير (س،ع) لاعتداء على يد وحدات القمع ونتج عنه تكسير كامل في أسنانه الأمامية، ورغم الألم الشديد الذي يعاني منه، إلا أنّه محروم من تلقي العلاج، وفي إفادة أخرى حول عمليات القمع، أفاد الأسير (ن،ح)، أنه في تاريخ 12/1/2025، اقتحمت قوات القمع القسم الذي يتواجد فيه، وتم الاعتداء بالضرب المبرح على الأسرى، ورشهم بالغاز، وأصيب بكسور بأصابع اليد، وكدمات، واستنادا للمحامية التي قامت بزيارته فإن الكدمات كانت واضحة عليه، ولم تكتف إدارة السّجن بذلك بل قامت بنقله إلى الزنازين لمدة 14 يوما، وخلالها كان يوميا يتعرض للضرب المبرح، وبحسب إفادته فإنه تعرض للضرب بالهراوات، حيث فقد الوعي، وتسبب الضرب بجروح ونزف من وجهه وأذنه، وحرم من الطعام لمدة 3 أيام، وتم سحب الفرشة منه، وكذلك تم تجريده من ملابسه.
ويقول الأسير (ر.ي) إنه "تم الاعتداء عليّ بالضرب المبرح، أثناء عملية نقلي من معتقل (عتصيون)، إلى سجن (عوفر)، مما سبب لي جرحا عميقا في الرأس، وبعد خياطة الجرح، لم يتم تنظيف الجرح، ولم يقدموا العلاج اللازم له".
وأفاد الطفل (م.و) أنه "عند اعتقالي كنت في مرحلة علاج لأسناني، وكان عدد من الأضراس قد أجريت لها جراحة، وطالبتُ مرات عديدة من إدارة السّجن أن يتم فك الغرز، خاصة أنه مرت عليها فترة، إلا أنّ ذلك كان دون أي استجابة، الأمر الذي دفعني بمساعدة الأطفال في السجن إلى فك الغرز، بطريقة بدائية.
وفي إفادة لطفل آخر اضطر الأطفال إلى الطرق على الأبواب والجدران، بعد تدهور الوضع الصحي لأحد الأطفال في القسم، حيث كان يعاني من مشاكل في التّنفس والحلق، وبعد عدة محاولات تم إخراج الطفل إلى العيادة، إلا أنّ إدارة السّجن قامت باقتحام الغرفة نقلت عددا من الأطفال إلى غرف أخرى وزنازين.
أما الأسير محمد خضيرات وهو أحد الأسرى المصابين بمرض السرطان، فهو يشكل نموذجاً يعكس مستوى الجرائم الطبيّة التي تمارس بحقّ الأسرى، فقد اعتقل الأسير خضيرات بلدة الظاهرية، في تاريخ الأول من حزيران 2024، وذلك بعد فترة وجيزة على إجرائه عملية زراعة نخاع، وكان ما يزال يخضع للبروتوكول الخاص بعلاجه، وقد تقرر قبل اعتقاله، أنّ يتم تزويده بجرعات علاج بيولوجي، حصل على اثنتين من أصل 14 جرعة، ومع ذلك يواصل الاحتلال اعتقاله في ظروف قاسية ومأساوية.
واستنادا إلى زيارة أجرتها محامية نادي الأسير له، إلى جانب مجموعة من المعتقلين والأسرى في سجن (عوفر)، ووفقا لإفادة الأسير خضيرات للمحامية، أكد: "وضعي الصحيّ يتفاقم، وتحديداً بعد إصابتي بمرض الجرب، الذي حوّلته منظومة السّجون إلى أداة لتعذيبنا، وأصبح كابوس يخيم على الزنزانة التي نقبع فيها، وأنا ومجموعة من الأسرى، جميعنا نعاني من حكة شديدة والدماء تنزل من أجسادنا نتيجة للحكة، هذا عدا عدم قدرتنا على النوم”.
وتابع خضيرات: "الأمر لم يعد مقتصرا على عدم توفير العلاج الخاص بالجرب، بل حتى علاجي للسرطان، فمنذ شهر أكتوبر الماضي، خضعت فقط لصورة رنين بعد مطالبات عديدة، وحتى اليوم لا أعلم ما النتيجة، رغم مطالبتي بشرح التطورات على وضعي الصحي، أو حتى عرضي على طبيب لكن دون فائدة، حيث يتم التعامل مع حالتي باستهتار، وإلى جانب كل ذلك فإن سوء التغذية يخيم كذلك على الزنازين، فالأسرى فعليا يموتون جوعا، ولا يسمح لنا بتخزين الطعام المتبقي من شرحات الخبز، ومن يجدون لديه شرحات خبز متبقية يتم اقتحام الزنزانة والاعتداء عليه، وهو ما أثر على وضعي الصحي".