شبكة قدس الإخبارية

الشرطة والدفاع المدني لـ "قدس": ودّعنا عائلاتنا شهداء وواصلنا العمل خلال الإبادة وبعدها

الشرطة والدفاع المدني لـ "قدس":  دفنا عائلاتنا وواصلنا العمل خلال الإبادة وبعدها
مها إبراهيم

غزة - خاص شبكة قدس الإخبارية: منذ اليوم الأول لوقف إطلاق النار، خرج رجال الشرطة بزيهم العسكرية، بعدما خلعوه طوال فترة الحرب بفعل الاستهدافات المتكررة ضدهم سواء في مراكز الإيواء أو المقار البديلة حتى ارتقى منهم أكثر من 1400 شهيدًا من قادة وضباط ومنتسبي جهاز الشرطة وفي مقدمتهم مدير عام الشرطة في قطاع غزة اللواء الشهيد محمود صلاح، جميعهم ارتقوا وهم على رأس عملهم خلال حرب الإبادة الجماعية التي شنها الاحتلال على غزة منذ أكتوبر العام 2023.

ورغم محاولات الأجهزة الأمنية طوال فترة الإبادة الجماعية لضبط الأمن والحماية، إلا أن الاحتلال عمل على خلق حالة من الفوضى والفلتان والسرقات حيث أمن طريق اللصوص لسرقة المساعدات الإغاثية، وفي حال لاحظ وجود عناصر الأمن كان يستهدفهم بالصواريخ.

وكذلك الحال مع رجال الدفاع المدني، كان عملهم تحت الخطر، وعملوا بأبسط الامكانيات وغامروا تحت القذائف لانقاذ المصابين في المناطق الخطرة مما تسبب في استشهاد وإصابة واعتقال 445 من كوادره بنسبة 48% من الخسائر البشرية.

وبعد وقف الإبادة الجماعية، لم يتوقف عمل الشرطة والدفاع المدني في تأمين عودة النازحين، وكذلك وقت الإفراج على الإسرائيلين المحتجزين لدى المقاومة بغزة، فقد عملوا على ضبط الأمن والجماهير خشية وقوع حوادث، فكانت النتيجة آمنة دون وقوع اصابات أو إشكاليات.

عبر هذا التقرير تبحث "شبكة قدس الإخبارية" في التحديات والمخاطر التي واجهت الشرطة والدفاع المدني في ضبط الأمن خلال الحرب وبعد وقف إطلاق النار وسط الإمكانيات المحدودة.

عناصر الأمن يتحدثون..

من على أنقاض ما تبقى من مبنى "الجوازات" -مقر الشرطة الرسمي- يعمل العشرات من عناصر الأمن الرجال وكذلك الشرطة النسائية لمتابعة أحوال مدينة غزة وحل مشاكل الفلسطينيين، يراقب رجل الأمن "أبو أنس" من يقبل عليهم من الفلسطينيين لتقديم الشكاوى.

يقول لـ "شبكة قدس" إنه لم يتوقف عن العمل طوال فترة الحرب لكن بزي مدني، كان وزملاءه يحاولون في الشمال التخفيف عن الفلسطينيين وحل مشاكلهم بفعل ضغوط الحرب والقصف.

"لماذا لم تنزح إلى جنوب الوادي كما طلب الاحتلال من سكان المدينة" يرد: ارتضيت بالجوع والحصار لخدمة الفلسطينيين رغم أن الاحتلال هدم بيتي، وارتقى عدد من أفراد عائلتي ونزح العشرات منهم"، موضحا أنه بعد أيام قليلة من الحرب اضطر لخلع البدلة العسكرية والعمل بزي مدني بفعل الاستهدافات المتكررة لرجال الشرطة.

وأكد أنه وغيره العشرات من رجال الأمن حاولوا ضبط الأوضاع بفعل حالة الفوضى التي كان يشجع عليها الاحتلال من سرقات ونهب لبيوت النازحين، عدا عن سيطرتهم على العصابات المنفلته التي كانت تسرق المساعدات الإغاثية.

أما وسام إبراهيم الذي تجهز بعد انتهاء الحرب، برفقة العشرات من زملاءه قرب شارع الرشيد لاستقبال النازحين وضبط الأمن والتنظيم، يقول لـ شبكة قدس الإخبارية" : لم تسعني الفرحة حين ارتديت الزي العسكري بعد حوالي عام".

يذكر أنه لم يتوقف عن العمل يوما حتى وقت الاجتياح البري، كان يساعد الناس ويحل ما بينهم في مراكز الايواء، ولم ينكر أنه كان يخشى الاستهداف خاصة أنه حال الفلسطينيين كان ينزح في مدرسة.

وعن الدافع الذي جعله يواصل عمله فترة الحرب رغم استهداف الامن، يقول:" هناك أمور مجبولة عليها الطبيعة البشرية وهي الأمن وأنا كعنصر شرطي وفي ظل هذه الحرب المستعرة كان لزاماً علي  فعله وهو ما يمليه علي ديني وأخلاقي البقاء ثابت في مكاني أعزز صمود أبناء شعبي، وأحاول جاهداً حمايتهم وتأمين ممتلكاتهم ما استطعت بغض النظر عن التبعات".

كيف كنتم تعملون تحت القصف للحفاظ على الأمن والأمان؟، يجيب:" كانت الظروف معقدة جداً وتحمل الكثير من المخاطر حيث لايوجد مكان خاص ولا لباس خاص يميزنا كشرطة وكنا نحاول التخفي عن أنظار الطائرات ولا نستطيع استقلال أي نوع من المركبات سوى الدراجات الهوائية وكانت معظم المهمات سيراً على الاقدام بدون أي ظهور شرطي أو عسكري وفي أوقات النهار فقط ، ولا يمكننا التحرك ليلاً إلا للضرورة القصوى !.

الدفاع المدني في دائرة الاستهداف

خلال الحرب الأخيرة على غزة، واجه العاملون في الدفاع المدني ظروفًا غير مسبوقة من الدمار والخطر، حيث تعرضوا لاستهداف مباشر من الاحتلال الإسرائيلي. كانت التجربة قاسية، ولم يسبق أن شهدوا حربًا بمثل هذه الوحشية، رغم خبرتهم في الحروب السابقة.

يقول محمود بصل الناطق باسم الدفاع المدني إنه تعرض شخصيا للإصابة ثلاث مرات طوال فترة الحرب، حتى كاد أن يفقد حياته عندما تم استهدافه وفريقه بصاروخين ما أدى لارتقاء ثمانية منهم، وتبخر ثلاثة منهم بالكامل.

ويضيف:"فقدتُ أمي وأُصيب أفراد عائلتي بعد قصف منزلنا، لكنني أصرّيت على مواصلة رسالتي، سواء داخل الدفاع المدني أو خارجه، من أجل كشف جرائم الاحتلال والدفاع عن حقوق شعبنا"، مشيرا إلى أن العالم مطالب بحماية القانون الدولي الإنساني، لأن ما حدث في غزة قد يتكرر في أماكن أخرى إذا لم تتم محاسبة المجرمين.

وأوضح بصل خلال حديثه لـ "شبكة قدس" أنه رغم التهديدات المستمرة التي تلقاها، بما في ذلك تهديدات مباشرة من ضباط الاحتلال، لم يتوقف عن أداء مهمته الإنسانية في إنقاذ الأرواح ونقل الحقيقة.

وأكد أن استهداف طواقم الدفاع المدني كان ممنهجًا، حيث استشهد 99 منهم، رغم أن القانون الدولي الإنساني يُفترض أن حمايتهم كما يقول. 

وذكر أنه بعد وقف إطلاق النار، زادت المسؤوليات، إذ بدءوا العمل على تخفيف معاناة الناس ومساعدة النازحين في العودة إلى بيوتهم دون خطر، مؤكدا أنهم أصحاب رسالة إنسانية ولابد من الحفاظ على الأرواح والممتلكات. 

وختم قوله:" لم أتخيل يوم من الأيام أن أعود إلى الحياة، وأن أكون ضمن الأحياء"، مؤكدا أنهم سيواصلون عملهم في الدفاع المدني حتى إزالة الركام واعادة الاعمار وفق الامكانيات المتاحة دون كلل.