شبكة قدس الإخبارية

عملية مشتركة لأجهزة أمن السلطة وجيش الاحتلال في جنين.. "قدس" تكشف تفاصيل جديدة حول ملاحقة المقاومين

photo_5807892414352967548_y (1)

خاص - شبكة قُدس: في البحث العكسي عن اسم القائد السابق لكتيبة طولكرم أبو شجاع الذي اغتالته "إسرائيل" في نهاية أغسطس الماضي، وتفاخرت أذرعها الأمنية بوصولها إليه، تجد أن مجموعات ومنصات إعلامية تابعة للسلطة الفلسطينية وحركة فتح كانت تصفه بـ"الخارج عن القانون" و"الجاسوس" و"سارق الأموال". حتى أن إحدى المنصات الإعلامية التابعة لأجهزة أمن السلطة، والتي يديرها صحفي ينتسب لنقابة الصحفيين، نشرت خبرا بأن هناك "مطالبات شعبية باعتقال المدعو أبو شجاع". 

ارتقى أبو شجاع، شجاعا، الوصف الذي حاولت كل ماكينة السلطة الإعلامية تجريده منه، لكن رصاص الوحدات الخاصة الإسرائيلية لم يقتل أبو شجاع وحده، بل الدعاية السوداء التي لاحقته. لم تتوقف هذه الدعاية، وإنما انتقلت إلى مكان آخر يتواجد فيه المقاومون؛ هو جنين. انتقلت بمنصاتها الإعلامية وأسلحة عناصرها وخطط أمريكية وإسرائيلية ترسم لهؤلاء الطريق نحو هدف واحد ورئيسي: يجب أن لا يبقى في الضفة نفس مقاوم. 

ذات المنصات، تصف اليوم مقاتلي المقاومة في جنين بـ"الخارجين عن القانون". تنشر ذات الصيغ حول مطاردين للاحتلال. كل من لديه ذاكرة، يعرف جيدا أن هؤلاء ينتقلون من مقاوم إلى آخر، من أبي شجاع في طولكرم إلى نور البيطاوي في جنين، فكلاهما مطلوبان للاحتلال بالتصفية والاغتيال، ونجا الاثنان من الموت أكثر من مرة، لكنهما لم يستطيعا النجاة من تشويه الماكينة التي لم تتوقف عن اغتيال المقاومين معنويا، قبل أن يصل لهم الاحتلال لاغتيالهم ماديا. 

image
 

تشير التفسيرات المختلفة إلى أن الهجوم الإسرائيلي العدواني الواسع على مخيم جنين استفاد من هذه الدعاية التي عملت السلطة على تعميمها ضد المقاومين. تفكيك الحاضنة الشعبية لهؤلاء المقاومين، ونزع الصفة الثورية من قبيل اتهامهم بالهروب والاستثمار الشخصي في الحالة الثورية في جنين، هدفه منع التعاطف مع هؤلاء، وهو ما يضمن عدم وجود رد فعل شعبي أو فردي مقاوم على العملية العسكرية ضدهم. 

تتهم ماكينة السلطة الإعلامية، المقاومين، بالهروب من المخيم مع بدء العملية العسكرية للاحتلال هناك. لكن الحقيقة كما تكشفها مصادر مطلعة في مخيم جنين لـ شبكة قدس، ليست كذلك. بعد اتفاق المقاومين مع السلطة بدخول أجهزة أمنها للمخيم لوقت محدد، كان القرار لدى المقاومين بالانسحاب والانتشار في مناطق مختلفة من جنين، خشية غدر السلطة وقيامها بملاحقتهم داخل المخيم، وأيضا حقنا للدم ومنعا لوقوع اشتباكات دامية في حال حاولت السلطة اعتقال أحدهم.

أوهمت قيادة أجهزة أمن السلطة عناصرها بأن اتفاقا قد تمّ مع المقاومين في جنين، وسعت من وراء ذلك إلى منع تسريب معلومات للمقاومة من قبل عناصرها، تقول مصادر أمنية مطلعة لـ شبكة قدس. لكن مع بدء العملية العسكرية لجيش الاحتلال في مخيم جنين، جاءت قرارات بضرورة متابعة قرى وبلدات جنين، بما يشمل المراكز الطبية وأطراف القرى والبيوت المهجورة والمساجد وبيوت الأسرى المحررين. 

بهذا الوضوح، كثفت أجهزة أمن السلطة عمليتها في ريف جنين، فهي لم تنهها كما أوهمت عناصرها والشعب الفلسطيني ككل. وبالتزامن مع ذلك، يعمل جيش الاحتلال على ملاحقة المقاومين داخل المخيم، وهو ما يعني عملية عسكرية مشتركة بين الأذرع الأمنية والاستخباراتية والعسكرية الإسرائيلية وأجهزة أمن السلطة، لتحقيق هدف واحد، هو إنهاء حالة المقاومة في جنين. لكن الفارق، أن الاحتلال يعلن بوضوح أنه يحارب مقاومين، بينما تصفهم السلطة بـ"الخارجين عن القانون" و"الهاربين" و"مرتزقة إيران". 

image
 

يكشف مصدر في العلاقات العامة لأحد أجهزة أمن السلطة لـ شبكة قدس أن لقاءا موسعا حضره الناطق باسم أجهزة أمن السلطة أنور رجب وما يعرف بـ"الكادر الإعلامي الفتحاوي" وصحفيون محسوبون على السلطة، في اليوم التالي لبدء العملية العسكرية للاحتلال في جنين، وطُلب منهم التركيز على تبعات عملية الاحتلال كالنزوح وتجريف الطرق وتدمير البنية التحتية. وأيضا، نشر صور المطاردين الذين يتم اعتقالهم من قبل أمن السلطة، وإذلالهم، وقال رجب في اللقاء إن "هذا كفيل بردع أهالي الضفة من القيام بأي محاولة للاصطفاف إلى جانب فصائل المعارضة خاصة في ظل التوقعات بالإفراج عن مئات الأسرى الفلسطينيين للضفة الغربية ضمن صفقة تبادل الأسرى".

بالفعل، خلال اليوم نشرت منصات محسوبة على السلطة وحركة فتح مقاطع فيديو وصورا لمطاردين للاحتلال اعتقلتهم أجهزة أمن السلطة، إذ طُلب من بعضهم أكل التراب، وظهر آخرون وهم ملقون على الأرض ويتم التنكيل بهم في مشهد لم يتكرر إلا مع الاعتقالات التي نفذها جيش الاحتلال في قطاع غزة. يعتقد قادة أجهزة أمن السلطة، وفق ما يكشف المصدر المطلع في العلاقات العامة لأحد أجهزة أمن السلطة، أن الدعاية المكثفة التي سبقت وترافقت مع اعتقال المقاومين تمنع من تشكيل حالة تعاطف معهم. 

لكن كل أشكال الدعاية والهجوم على المقاومين لن تمنح قادة السلطة، الحصانة الشعبية. مشهد طرد محافظ جنين من بيت عزاء المقاومين من بلدة قباطية جنوب جنين، كفيل بالإشارة إلى عجز السلطة عن إقناع الفلسطينيين بصدق روايتها. لعلّه، محافظ جنين، من داخل بيت العزاء الذي تواجد فيه، كان يدير منهمكا عملية اعتقال أحد المقاومين في البلدة ذاتها، وهو بالفعل ما جرى. فقد نشرت منصات للسلطة صورا لمحاصرة أجهزة أمن السلطة لمقاوم داخل مبنى في البلدة. 

#السلطة #جنين #مخيم جنين #كتيبة جنين