شبكة قدس الإخبارية

رغم الظروف المعقدة.. عبوات الضفة تواصل تكبيد جيش الاحتلال الخسائر

photo_5798656447960172487_y

خاص - شبكة قدس الإخبارية: أكدت وسائل إعلام عبرية، مقتل الجندي بجيش الاحتلال "إيفتار بن يهودا" وإصابة ضابط بجراح خطيرة،  بعد تفجير المقاومة عبوة ناسفة بقوات الاحتلال خلال اقتحامها بلدة طمون جنوب طوباس بعد منتصف الليلة الماضية. ت

أتي هذه العملية رغم محاولات جيش الاحتلال والسلطة الفلسطينية تفكيك مجموعات المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية، حيث بذل الطرفان جهوداً واسعة لإنهاء خطر العبوات الناسفة والتي شكلت هاجساً مقلقاً لهما خلال آخر عامين، فكيف نجحت مجموعات المقاومة بتطوير سلاح العبوات الناسفة التي كسرت معادلة جيش الاحتلال في الضفة؟.

 

البدايات الصعبة

كانت معركة سيف القدس في أيار/مايو 2021 إيذاناً بمرحلة جديدة في الضفة الغربية تصدرتها مدينة جنين عندما أسس الشهيد جميل العموري "كتيبة جنين" وشرع بتنفيذ عمليات إطلاق نار تستهدف قوات الاحتلال المقتحمة لمحافظة جنين، وحواجز الاحتلال، وبعد استشهاد العموري تسلم شبان المخيم زمام المواجهة، حيث بدأ استخدام العبوات محلية الصنع وما يُعرف بالأكواع تُقذف على جنود الاحتلال أثناء الاقتحامات، وسرعان ما تطورت هذه العبوات الصغيرة إلى عبوات أكبر حجماً تُزرع في طريق آليات الاحتلال وتنفجر بها. 

وتناقلت مجموعات المقاومة هذه الخبرة في التصنيع لتنتشر في مخيمات بلاطة شرق نابلس ومخيمي طولكرم ونور شمس في محافظة طولكرم، ومخيم الفارعة وقرية طمون بطوباس، وأصبحت آليات الاحتلال تواجه صعوبةً في اقتحام أزقة هذه المخيمات، حيث يتم إعطاب الجيبات العسكرية بفعل هذه العبوات، فبات تحرك جيش الاحتلال في هذه المناطق أكثر صعوبة وتكلفة مادية.

وقال أحد مقاتلين كتيبة جنين في لقاء صحفي سابق إن العبوات الناسفة باتت السلاح الأكثر جدوى في مواجهة الآليات العسكرية المصفحة التي يقتحم بها جيش الاحتلال المدينة، وأن عملية تحضير العبوات وتوزيعها وزراعتها يأخذ جهداً جماعياً منظماً بين المقاومين الذين يتولون مهمة زرعها ومتابعتها.

 

عبوات تكسر المعادلات

في 25 كانون أول/ديسمبر 2024، قال جيش الاحتلال الإسرائيلي، إن قائد لواء منشية (لواء شمال الضفة الغربية) أصيب بانفجار عبوة ناسفة خلال عدوان الاحتلال على محافظة طولكرم. وقال جيش الاحتلال في بيان له، إن العبوة استهدفت مدرعة كان يستقلها قائد فرقة الضفة الغربية، العميد "ياكي دولف"، وقائد لواء المنشية الإقليمي، العقيد "أيوب كيوف".

في الواقع، باتت العبوات الناسفة السلاح الأكثر فتكاً في يد المقاومة والتي تعمل من خلالها على سلب الاحتلال حريته بالحركة في شوارع الضفة الغربية، وهي المعادلة التي حاول ترسيخها بعد عملية "السور الواقي" عام 2002.

في حين أظهرت الاقتحامات الأخيرة حجم الصعوبة التي يواجهها جيش الاحتلال في عملياته العدوانية، مفندة راوية الاحتلال التي تدعي قدرة الجيش العمل في كل مكان بكل حرية وسهولة، حتى بات أي اقتحام لمنطقة شمال الضفة الغربية يكلف هذا جيش الاحتلال الخسائر المادية في الآليات العسكرية، والخسائر البشرية في صفوف جنوده.

في أحد اقتحامات مدينة جنين وتحديداً بتاريخ 19 حزيران 2023، كانت مصفحة "النمر" العسكرية تسير بجبروتها على أطراف مخيم جنين، وسرعان ما استُهدفت بانفجارٍ ضخم حرفها عن مسارها وتطايرت أجزاء منها جراء مرورها فوق عبوة ناسفة ضخمة زُرعت في باطن الأرض، فأصيب 6 جنود بداخلها ولحقت بها أضرار جسيمة.

 كانت هذه العملية الحدث الذي أظهر ثقل العبوات الناسفة وجدواها في تدمير أعتى الآليات المصفحة، وقدرة مجموعات المقاومة في شمال الضفة الغربية، بفرض عوائق لا يستطيع جيش الاحتلال اجتيازها في عملياته العسكرية في الضفة الغربية، إذ أصبح لا يمر اقتحام لمدينة جنين أو طولكرم إلا ويصطحب جيش الاحتلال الجرافات التي تحفر الشوارع وتدمرها لتأمين طريق جيبات الاحتلال من العبوات الناسفة.

واستطاعت المقاومة التغلب على هذه الجرافات أيضاً بسلاح العبوات الناسفة، حيث وثقت مشاهد مصورة العديد من هذه العمليات التي تُشعل النيران في جرافات الاحتلال وتعطبها على الفور.

وبالتزامن مع حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة، كثف الاحتلال من عملياتها العسكرية التي استهدفت المخيمات، حيث ارتكاب المجازر الدموية، والاقتحامات الواسعة التي تستمر لأيام، والقصف الجوي الذي يطال منازل الأهالي، والاغتيالات المباشرة لعناصر وقادة المقاومة.

وعلى الرغم من العدوان الإسرائيلي الواسع، والاغتيالات المكثفة للمقاومين نجحت مجموعات المقاومة بترتيب صفوفها واستمرارها بإنتاج العبوات الناسفة وتطوير وسائلها القتالية، ونجحت بتنفيذ عمليات عسكرية قوية ضد قوات الاحتلال، كعملية استهداف مدرعات "النمر" في سهل مرج بن عامر بمنطقة جنين، والتي أدت لمقتل  الضابط "ألون سكاجيو"؛ وهو قائد في وحدة القناصة، وإصابة 16 جنديا آخرين، بتاريخ 27 حزيران 2024.

وفي طولكرم تكررت العمليات المشابهة، التي فتكت بجيش الاحتلال، كعملية استهداف مدرعة النمر، التي قتل بها الرقيب احتياط بجيش الاحتلال، "يهودا غيتو"، في مخيم نور شمس، إضافةً إلى إصابة ضابطاً من وحدة قوات الكوماندوز الخاصة "دوفدوفان" بجراحٍ خطيرة، في شهر تموز الماضي.

 

الملاحقة المزدوجة واجتيازها

على غرار عمليات جيش الاحتلال التي تستهدف المقاومة،  منذ بداية تصاعد العمل المقاوم في الضفة الغربية، وتطوير مجموعات المقاومة من قدراتها القتالية، سعت أجهزة السلطة لملاحقة هذه المجموعات وإضعاف قدراتها العسكرية، من خلال ملاحقة المقاومين واعتقالهم تارةً، أو مصادرة سلاحهم تارةً أخرى، أما تفكيك العبوات الناسفة التي يزرعها المقاومون للتصدي لقوات الاحتلال فتُعد السلوك الأبرز لأجهزة أمن السلطة.

ومنذ تصاعد فعالية العبوات الناسفة في شمال الضفة الغربية كثفت السلطة من حملتها لملاحقتها ومصادرتها في محافظات جنين وطولكرم ونابلس وطوباس، فلا يكاد يخلو أسبوعاً واحداً من حاات ضبط للعبوات الناسفة وتفكيكها.

قبل أيام فقط، نشرت مقاطع فيديو لعناصر من أمن السلطة وهم يداهمون مغارات في طوباس يقوم المقاومون بداخلها بتصنيع العبوات الناسفة. ونشرت مقاطع شبيهة في عدة مناطق بالضفة. في 9 أيلول/سبتمبر 2024، فككت أجهزة السلطة عدة عبوات ناسفة في مخيم جنين وقرية طمون قرب طوباس، في حين دارات اشتباكات مسلحة بين مقاومين وعناصر السلطة أثناء عملية تفكيك العبوات في مخيم جنين، فيما يعد هذا الحدث من ضمن الأحداث التي تدحرجت إلى الانفجار بين المقاومة والسلطة في جنين في شهر كانون أول/ديسمبر.

وتوسعت عمليات السلطة بتفكيك العبوات الناسفة خلال الشهور الماضية، لتطال قرية بيت فوريك شرق نابلس، وضواحي مدينة طولكرم ومخيماتها، وقرية برقة شمال نابلس، وفي محيط قبر يوسف شرق المدينة الذي يتعرض لاقتحامات متكررة من قبل جيش الاحتلال والمستوطنين. وتلحق عملية تفكيك العبوات عملية اقتحام لجيش الاحتلال للمنطقة التي تقوم أجهزة السلطة بضبط العبوات بها، وخاصة في طوباس وجنين.

 

قرية طمون وفرض المرحلة

منذ بدء معركة طوفان الأقصى، بادرت قرية طمون للمشاركة بالمعركة وفرض مرحلة جديدة أساسها المقاومة رغم الظروف الأمنية المعقدة، ومنذ البداية بادر شبان القرية باستهداف مواقع جيش الاحتلال في الأغوار بعمليات إطلاق نار، ثم التصدي لقوات الاحتلال التي تقتحم محافظة طوباس.

وسرعان ما تطورت حالة المقاومة المسلحة في طمون أسوةً بمخيم جنين ومخيمات طولكرم ومخيم بلاطة، لتظهر العبوات الناسفة التي باتت تعطب الجيبات العسكرية وجرافات جيش الاحتلال، في مشهد أظهر جدواها.

وبعد أن عجز جيش الاحتلال عن مواجهة المقاومة في القرية، استعان بالقصف الجوي كعادته، وخلال اجتياحه الواسع لشمال الضفة الغربية في شهر آب/أغسطس 2024، اقتحم الاحتلال طمون وقصف أحد المواقع بها ليرتقي 4 شهداء إثر القصف، فيما تكررت الحادثة مرة أخرى في شهر تشرين ثاني/نوفمبر، ثم قبل أيام أقدم جيش الاحتلال على جريمة مروعة قتل خلالها طفلان وشاب بعد قصف مكان تواجدوا به.

وبشكلٍ موازٍ لسلوك الاحتلال لاحقت أجهزة أمن السلطة مجموعات المقاومة بالقرية وصادرت عشرات العبوات الناسفة وفككتها، في حين حملت عملية المقاومة الليلة الماضية رسالة بالبارود والدم مفادها استحالة انكسار المقاومة.

#الاحتلال #المقاومة #الضفة الغربية #طمون