ترجمة خاصة - شبكة قُدس: في قرار مثير للجدل، استجاب قاضي المحكمة العليا لدى الاحتلال أليكس شتاين لطلب صحيفة يديعوت أحرونوت بالسماح بنشر جلسة الاستئناف التي عقدت للنظر في قرار المحكمة المركزية بالإفراج عن المتهمين في قضية تسريب الوثائق السرية، آري روزنفيلد وإيلي فيلدشتاين، دون اعتقالهم حتى نهاية الإجراءات القانونية. وقد قرر شتاين الإفراج عن فيلدشتاين وإبقائه قيد الإقامة الجبرية، بينما أمر ببقاء روزنفيلد قيد الاعتقال حتى انتهاء المحاكمة.
وأوضحت يديعوت أنه خلال الجلسة، قال محامي فيلدشتاين، عوديد سبوراي، إن رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو كان على علم بتسريب الوثيقة وشارك في التفاصيل المتعلقة بها. وقال سبوراي: "فيلدشتاين تصرف بتوجيه مباشر من رئيس الوزراء. بعد مؤتمرات صحفية حول مقتل الأسرى الستة، همس في أذن نتنياهو قائلاً: "لدي وثيقة حديثة من مصادر في الاستخبارات العسكرية". وأضاف أن الوثيقة قُدمت لنتنياهو قبل خمسة أيام من نشرها. من جهة أخرى، قدم دفاع روزنفيلد تسجيلات تشير إلى أنه حذر فيلدشتاين عند تسليمه الوثيقة، موضحاً أنها حساسة وتم ضبطها في غزة.
واتهمت النيابة العامة روزنفيلد (ضابط استخبارات مسؤول عن التنسيق مع مكتب نتنياهو) بمحاولة تسريب معلومات ليس فقط إلى فيلدشتاين بل إلى أطراف أخرى، منها صحفي أجنبي. واعتبرت النيابة أن هذه الوثيقة، التي تضمنت تحذيراً من هجوم حماس، قد أُعدت للنشر بشكل غير قانوني، ما أدى إلى تعريض مصادر حساسة للخطر. كما أكدت النيابة أن روزنفيلد تصرف من تلقاء نفسه، متجاوزاً سلسلة القيادة العسكرية. ووصفته بأنه "قنبلة موقوتة"، قائلة إنه كان في حالة من "النشوة" أثناء تسريب المعلومات.
بالنسبة إلى فيلدشتاين، قالت النيابة العامة لدى الاحتلال إن الوثائق السرية التي حصل عليها كانت موجودة في مطبخه عندما تم ضبطها. وأشارت إلى أن الهدف من الاحتفاظ بها كان استخدامها لاحقاً لتحقيق مكاسب إعلامية. من جانبه، قلل محامي فيلدشتاين من خطورة الوثيقة، مشيراً إلى أنها نُشرت بالفعل في وسائل الإعلام. وأضاف أن نتنياهو ومستشاره الإعلامي، يوناتان أوريتش، كانا على علم بالأمر وشاركا في اتخاذ قرار النشر.
وأثار نشر الوثيقة قلقاً لدى استخبارات الاحتلال بشأن الكشف عن مصادر استخباراتية حساسة، ما اعتبر خرقاً كبيراً للسرية الأمنية. وهذه القضية تسلط الضوء على تعقيدات العلاقة بين الإعلام، الأمن، والسياسة لدى الاحتلال، حيث تتداخل المصالح الشخصية والسياسية مع القضايا الأمنية الحساسة.
تفاصيل قضية "وثيقة حماس"
في شهر أبريل، قام آري روزنفيلد وهو جندي احتياط برتبة رقيب في وحدة سرية تابعة للاستخبارات العسكرية الإسرائيلية (أمان) بتسليم نسخة من وثيقة سرية إلى إيلي فيلدشتاين عبر وسائل التواصل الاجتماعي. أقر روزنفيلد بأنه نقل الوثيقة السرية إلى فيلدشتاين بهدف إيصالها إلى نتنياهو.
في 31 أغسطس، قُتل ستة أسرى للاحتلال في نفق بمدينة رفح. أثار الحادث موجة غضب واسعة واحتجاجات في أوساط أهالي أسرى الاحتلال، حيث اتُهم نتنياهو بإدارة المفاوضات بشكل تسبب في تأخير الصفقة ومنع إنقاذ الأسرى، الذين كان من الممكن إطلاق سراحهم في المرحلة الأولى من الاتفاق.
في بداية سبتمبر، قرر فيلدشتاين تسريب الوثيقة إلى الإعلام الإسرائيلي بهدف التأثير على الرأي العام وربط الاحتجاجات بدعم حركة حماس ويحيى السنوار. اتصل فيلدشتاين بعدة وسائل إعلام إسرائيلية، لكن إحدى الجهات الإعلامية أبلغت الرقابة العسكرية الإسرائيلية، التي منعت نشر الوثيقة.
قرر فيلدشتاين تجاوز الرقابة ونقل الوثيقة إلى الإعلام الأجنبي، مستعينًا بشخص آخر لنشرها في صحيفة "بيلد" الألمانية. بالتوازي، أبلغ وسائل إعلام إسرائيلية بالتحضير لنشر الخبر وطلب منها متابعة القضية.
في 6 سبتمبر، نشرت "بيلد" تقريرًا تناول مواقف حماس من مفاوضات تحرير الأسرى، مستندة إلى وثائق استخباراتية سرية تم الحصول عليها بطريقة غير قانونية. وكشف الصحفي رونين بيرغمان أن قيادة جيش الاحتلال الإسرائيلي بدأت تحقيقًا في التسريب بناءً على طلب رئيس الأركان هرتسي هليڤي.
كشف التحقيق أن الوثيقة المسربة كانت "شديدة السرية"، وأن نشرها قد يعرقل جهود تحرير الأسرى ويؤثر على العمليات العسكرية والاستخباراتية في قطاع غزة ضد حماس. في وقت لاحق، طلب فيلدشتاين من روزنفيلد نسخة أصلية من الوثيقة من الذي سلمه أيضًا وثيقتين إضافيتين بمستوى "سري للغاية".
قاد التحقيق المشترك بين جيش الاحتلال الإسرائيلي، الشاباك، والشرطة إلى إحباط تسريبات أخرى. وفي أكتوبر، اعتُقل عدة أشخاص على صلة بالقضية، بينهم فيلدشتاين، الذي كان يشغل منصب الناطق الأمني في مكتب رئيس وزراء الاحتلال.