الضفة الغربية - قدس الإخبارية: منذ 18 يوماً، تواصل السلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية فرض حصارٍ مشدد على مخيم جنين، في خضم حملة أمنية التي تزعم السلطة من خلالها "فرض القانون" على مخيم جنين، في حين يعاني أهالي المخيم منذ اليوم الأول للحملة.
وشهدت ساعات فجر اليوم الأحد، اشتباكات عنيفة في محيط المخيم، بين المقاومين وعناصر أجهزة أمن السلطة، الذي أُصيب مجموعة منهم، ليُعلن فيما بعد الناطق باسم الأجهزة الأمنية عن مقتل المساعد أول ساهر ارحيل من مرتبات جهاز حرس الرئيس، إضافة لإصابة اثنين آخرين.
تأتي الاشتباكات العنيفة التي دارت في ساعات الفجر، بعد قمع أجهزة السلطة لوقفة احتجاجية نظمتها القوى الوطنية والأهالي في مدينة جنين يوم أمس السبت، فيما قمعت أجهزة السلطة الوقفة بقنابل الغاز المسيل للدموع، واشتداد الحصار على المخيم وسط ارتفاع أصوات مناشدات الأهالي لانقاذهم من الحصار المفروض عليها منذ أيام.
وتشهد مدينة جنين ومخيمها إضرابًا شاملًا لليوم التاسع على التوالي، حيث أغلقت المحال التجارية أبوابها وتحولت المدارس إلى التعليم الإلكتروني. جاء الإضراب استجابة لدعوة كتيبة جنين التي طالبت بالنفير العام ودعت أهالي القرى المجاورة للمخيم للتوجه إليه لفك الحصار.
ما الذي تفعله أجهزة أمن السلطة؟
- منذ اليوم الأول الذي أعلنت به عن عمليتها الأمنية، وترويجها لدعاية "ملاحقة الخارجين عن القانون"، أعدمت أجهزة السلطة الفتى ربحي الشلبي بعد إطلاق النار عليه بشكلٍ مباشر دون أن يشكل عليهم أي خطر، فيما سحلت جثمانه بعد إصابته أمام كاميرات المراقبة.
- أطبقت الأجهزة الحصار على المخيم معة دفع تعزيزات عسكرية ضخم لتعزيز الحصار
- اقتحم عناصر السلطة عشرات المنازل على أطراق المخيم وعاثت بها خراباً، وأطلقت النار وقنابل الغاز على الأهالي بشكلٍ عشوائي
- اغتالت المطارد القيادي في كتيبة جنين يزيد جعايصة والفتى محمد العامر
- تشن أجهزة السلطة حملة اعتقالاتٍ واسعة طالت 48 شاباً من المخيم من ضمنهم أسرى محررين ومطاردين، وجرحى تم اختطافهم من المستشفيات
- القمع المكثف لأي تجمع أو اعتصام سلمي يطالب بوقف الحملة الأمنية، على غرار ما دار يوم أمس السبت، ويوم الجمعة الماضية عندما فض عناصر السلطة التجمع بالقوة وأطلقوا قنابل الغاز اتجاه المتظاهرين.
على ماذا تعول السلطة؟
من خلال عمليتها ضد مخيم جنين، إلى تقديم أوراق جديدة تُثبت جدراتها أمام الإدارة الأمريكية الجديدة وفق ما ذكره موقع أكسيوس في تقرير سابق قال به إن العملية العسكرية التي يشنها الأمن التابع للسلطة الفلسطينية في جنين حاسمة بالنسبة لمستقبل السلطة، ونقل عن مسؤولين فلسطينيين قولهم إن دافع العملية الأساسي هو توجيه رسالة للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب بأن السلطة شريك موثوق به.
وكشف الموقع -نقلا عن مصادر- أن مساعدي الرئيس محمود عباس أطلعوا إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ومستشاري الرئيس المنتخب ترامب مسبقاً على عملية جنين، وأن المنسق الأمني الأميركي مايكل فنزل اجتمع بقادة أمن السلطة قبل العملية لمراجعة خططهم.
كما طلبت إدارة بايدن من حكومة الاحتلال الموافقة على المساعدة العسكرية الأميركية لأمن السلطة بالضفة، بهدف دعم عمليتها الواسعة في الضفة الغربية.
وبحسب صحيفة واشنطن بوست، فإن الغضب الشعبي تجاه أجهزة أمن السلطة في الضفة الغربية مرتفع للغاية، وتعمل هذه الأجهزة في ظل الاحتلال الإسرائيلي، مما يحد من قدرتها على التدخل لوقف عنف المستوطنين أو الغارات العسكرية القاتلة، وأشارت إلى أن العديد من الفلسطينيين يرون أن أجهزة أمن السلطة تعمل لصالح "إسرائيل"، وتُستخدم كأداة للرئيس محمود عباس في قمع المعارضة الداخلية وتعزيز الفساد.
وفي حين تعول السلطة على الرضى الأمريكي واستمرار دعمها، تفقد الشرعية أمام شعبها بشكلٍ كلي، فضلاً عن رفض وزراء حكومة الاحتلال وخاصة وزير المالية سموتريتش ووزير الأمن القومي بن غفير، اللذين يرفضان أي كيان فلسطيني في الضفة الغربية.
المقاومة الفلسطينية ومحاولات كسر الحصار
من جانبها أصدرت قيادة المقاومة في مخيم جنين بيانًا هامًا للرأي العام، اليوم الأحد الموافق 22 ديسمبر 2024، عبروا فيه عن إدانتهم الشديدة للحملة الأمنية التي تشنها السلطة الفلسطينية على المخيم وأهله، واصفين إياها بـ"الهمجية الأمنية" التي تستهدف الشعب الفلسطيني ومقاومته.
وأكد البيان أن هذه الحملة، التي تزامنت مع تصاعد الضغوط على سكان المخيم، لا تخدم سوى الاحتلال الإسرائيلي، مشددين على أن المقاومة ستظل صامدة في وجه كافة المحاولات لنزع سلاحها أو تقويض دورها.
وأوضح البيان أن الحملة الأمنية تضمنت ممارسات وصفها بالقمعية وغير الإنسانية، من بينها إطلاق النار على منازل المدنيين واستخدام السكان كدروع بشرية، بالإضافة إلى استهداف البنية التحتية للمخيم، مثل خزانات المياه ومحولات الكهرباء، مما أدى إلى تفاقم معاناة السكان.
كما أشار إلى اقتحام مستشفى الشهيد الدكتور خليل سليمان، وطرد المرضى منه، واستخدام أسطح المستشفى لإطلاق النار على المدنيين، الأمر الذي أثار استياءً واسعًا بين أهالي المخيم.
وتطرق قادة المقاومة في بيانهم إلى الوضع الإنساني المتدهور داخل المخيم، حيث يعاني السكان من نقص في الخدمات الأساسية، بما في ذلك التعليم، والرعاية الصحية، وإزالة النفايات، مما حول المخيم إلى بيئة غير قابلة للعيش.
ودعا البيان الفلسطينيين في الضفة الغربية إلى الوقوف بجانب أهالي المخيم ومقاتليه، مطالبًا بوحدة الصف في مواجهة هذه الحملة التي تهدف إلى فتح المجال أمام جيش الاحتلال للتحرك بحرية داخل جنين دون مقاومة.
وأكد أن المقاومة في جنين تحملت مسؤوليتها التاريخية بالدفاع عن الضفة الغربية وحرائر القدس، وقدمت العديد من الشهداء والعمليات النوعية في مواجهة الاحتلال.
وفي ختام البيان، أعلن قادة المقاومة برنامجًا تصعيديًا من الفعاليات الاحتجاجية السلمية للتعبير عن رفض الحملة الأمنية والدعوة إلى إنهاء الحصار المفروض على المخيم:
-
الإثنين 23 ديسمبر 2024: إضراب شامل لجميع مناحي الحياة في الضفة الغربية لوأد نار الفتنة
-
الثلاثاء 24 ديسمبر 2024: إعادة فتح المحلات التجارية وعودة الحياة إلى طبيعتها.
-
الأربعاء 25 ديسمبر 2024: تجمع جماهيري في جميع محافظات الوطن و مسيرات حاشده بعد صلاة الظهر للمطالبة بحق أطفالنا و أبناء مخيم جنين بالمعيشة وانسحاب السلطة من مخيم جنين :
-
الخميس 26 ديسمبر 2024: إطفاء الأنوار في المنازل بشكل كامل الساعة 7:10 مساءً كرسالة احتجاج على حرمان المخيم من الكهرباء لمدة تقارب 20 يومًا.
-
وفي حال استمرار الحصار، دعا قادة المقاومة أهالي الضفة الغربية إلى السفر نحو مخيم جنين وتنظيم مسيرات سلمية لكسر الحصار المفروض.
مبادرة قيد الانتظار
ويوم الخميس الماضي، أطلقت فصائل فلسطينية ومؤسسات أهلية وحقوقية، مبادرة أُطلق عليها اسم "وفاق"، لإنهاء الأزمة بمخيم جنين، داعيةً لوقف فوري للاشتباكات المسلحة وانسحاب الأجهزة الأمنية من محيط المخيم.
ودعت لوقف الاشتباكات المسلحة بين أجهزة أمن السلطة والمقاومين بشكلٍ فوري؛ من أجل "نزع فتيل الأزمة"، إضافة لسحب أجهزة أمن السلطة من محيط مخيم جنين بالتزامن مع وقف "المظاهر المسلحة".
وأكدت المبادرة ضرورة فتح حوار وطني فوري، يجمع كافة المؤسسات، والفعاليات والقوى السياسية؛ لوضع خطة، تحقق الخروج من الأزمة الحالية، مع صياغة ميثاق وطني، يضمن عدم تكرار الأحداث الأخيرة، في جنين وباقي المحافظات، والإلتزام بالقانون الفلسطيني من جميع الأطراف، إضافة لتحريم الاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة، والمقرات والمركبات، وعناصر الأمن والمؤسسات الأمنية.
كما وأوضحت أن مقاومة الاحتلال هي حق مشروع للشعب الفلسطيني، يتم ممارسته في إطار الإلتزام بالقانون الدولي.
وشددت على إلتزام أجهزة الأمن بقواعد التوقيف واحترام كرامة الأهالي، والإلتزام الصارم بضوابط استخدام القوة النارية، إضافة لضرورة المساءلة والمحاسبة، وتحميل المسؤولية القانونية لمن ارتكب جرائم بحق الأشخاص أو الممتلكات ، وتقديمهم للمحاكمة وفق أحكام القانون، مع التزام الأجهزة الأمنية بنشر نتائج التحقيقات في حالات إطلاق النار التي أدت لـ"مقتل مواطنين"، وتقديم المخالفين للمحاكمة وتعويض المتضررين.
ودعت المبادرة وسائل الإعلام والناشطين والمؤثرين لوقف التحريض الإعلامي، والامتناع عن أي خطاب تحريضي يفاقم الأزمة، وتعزيز خطاب الوحدة الوطنية والتضامن المجتمعي في مواجهة التحديات المشتركة.
كما ووجهت المبادرة دعوةً لكافة المؤسسات الوطنية والشخصيات المجتمعية وجميع الجهات المؤثرة، إلى تحمل مسؤوليتهم الوطنية والمجتمعية، والعمل على "الضغط على الأطراف كافة لاتخاذ خطوات عملية وجادة" لتطبيق المبادرة المطروحة، وضمان عدم تكرار الأحداث في جنين ومخيمها مع متابعة الأوضاع ميدانياً لضمان الإلتزام بالمبادرة.
واختتمت بتأكيدها على ضرورة الوحدة الوطنية والصمود بوجه الاحتلال ومخططاته، مع ضرورة العمل على العمل بروح الوحدة لتحقيق المبادرة.
وعلى الرغم من وجود قبول من طرف المقاومة للمبادرة، إلى أن إبداء قيادة السلطة والأجهزة الأمنية في التعنت، حال دون تحقيقيها وفك الحصار عن المخيم.