شبكة قدس الإخبارية

كيان الجدران.. لماذا يسعى الاحتلال لبناء جدار فاصل مع الأردن؟

IMG_2939

فلسطين المحتلة - قدس الإخبارية: يتصاعد الحديث حول نية الاحتلال الإسرائيلي بإقامة جدار عازل على الحدود الفلسطينية - الأردنية، في حين صرحت وزارة حرب الاحتلال يوم 26 تشرين ثاني/نوفمبر الماضي، إنها شرعت بعمل مخطط هندسي لبناء "حاجز أمني على الحدود الشرقية مع الأردن" وفق ما وصفته.

ليست المرة الأولى التي تصرح بها حكومات الاحتلال المتعاقبة بنيتها حول الجدار مع الأردن، فيما تكثفت التصريحات بعد عمليتي جسر الملك حسين (اللنبي) في 8 أيلول/سبتمبر الماضي والتي نفذها الشهيد ماهر الجازي وقتل بها 3 جنود من جيش الاحتلال، وعملية التسلل قرب البحر الميت في 18 تشرين أول/ أكتوبر الماضي، والتي نفذها الشهيدان حسام أبو غزالة وعامر قواس وأدت لإصابة إسرائليين.

وفي أعقاب عملية البحر الميت، أعلن وزير الطاقة في حكومة الاحتلال "إيلي كوهين" عن ضرورة تسريع خطوات بناء السياج الأمني على طول الحدود الأردنية الفلسطينية؛ لوقف عمليات التسلل وتهريب السلاح إلى الضفة الغربية كما زعم.

و خلال عام 2019 أعلن رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، ضرورة فرض السيطرة العسكرية الكاملة على الأغوار الفلسطينية وشمال البحر الميت لأسباب أمنية.

 

لماذا الحدود الأردنية - الفلسطينية؟

يبلغ إجمالي طول الحدود بين الأردن وفلسطين المحتلة 335 كيلومترا، منها 97 كيلومترا مع الضفة الغربية، و238 كيلومترا مع الأراضي المحتلة عام 48.

ويرتبط الأردن مع الأراضي الفلسطينية بثلاثة معابر حدودية هي الشيخ حسين (نهر الأردن من الجانب الاحتلال) وجسر الملك حسين (اللنبي) ووادي عربة.

والمعابر الثلاثة تعمل بشكل منتظم ويرتبط إغلاقها بالظروف الأمنية داخل دولة الاحتلال.

قُبيل معركة طوفان الأقصى بشهور، صرح رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو نية حكومته بناء جدارٍ عازل على طول الحدود مع الأردن، جاء القرار مدفوعاً بأسباب أمنية تتمثل بمنع عمليات التسلل، لكنها في المضمون تهدف لمحاولة منع تهريب السلاح إلى الضفة المحتلة.

وبحسب بيانات شرطة الاحتلال، فقد ضُبط ما لا يقل عن 506 من مسدسات و24 بندقية هجومية و8 عبوات ناسفة، في 26 محاولة تهريب منفصلة على الحدود الأردنية خلال عام 2023 الماضي، فيما روج الإعلام العبري أنّ عمليات التهريب أسهمت في توفير بيئة أفضت لزيادة عمليات المقاومة المسلحة بالضفة المحتلة.

يتعامل الاحتلال الإسرائيلي مع الحدود الأردنية الفلسطينية، بشكلٍ بالغ الأهمية كونها الحدود الأطول مع فلسطين المحتلة على امتداد 335 كيلو متراً، إضافة لعمق الوجود الفلسطيني داخل الأردن، والارتباط التاريخي والثقافي بين فلسطين والأردن، فضلاً عن تجربة الاحتلال السابقة في عمليات تسلل الفدائيين الفلسطينيين من الأردن إلى داخل فلسطين، أو عملية انسحاب المطاردين وهروبهم من الضفة إلى الأراضي الأردنية عبر الحدود خلال سنوات السبعينيات والانتفاضة الأولى.

خلال معركة طوفان الأقصى وفي شهر تشرين ثاني/نوفمبر 2023 أعلنت سلطات الاحتلال تهريب عملية سلاح ضخمة وذلك عبر وادي عربة في الحدود الشرقيّة الجنوبيّة الفاصلة بين فلسطين والأردن، فيما زعم إعلام الاحتلال أنها أضخم عملية تهريب سلاح تم احباطها منذ نشأة الاحتلال، وقد شملت مسدسات وبنادق وكميات من الذخائر.

وتدعي وسائل إعلام عبرية أن مصادر السلاح المُهرب من الأردن إلى فلسطين هو الحرس الثوري الإيراني وحركة حماس، فيما اعتقلت أجهزة الأمن الأردنية في حزيران/ يونيو 2023 4 مواطنين أردنيين بتهمة تهريب أسلحة إلى الضفّة الغربيّة عبر الحدود لصالح حركة حماس، ولا زالت السلطات الأردنية تحتجزهم حتى الآن.

وكانت قناة "كان" العبرية قد أكدت أن جنود الاحتلال قتلوا شخصاً حاول التسلل من الأراضي الأردنية إلى فلسطين، وذلك في شهر حزيران/يونيو الماضي، ويأتي ذلك في سياق حديث الاحتلال عن الخطر المتجدد للحدود الأردنية الفلسطينية، واعتبار عمليات تهريب سلاح خطراً خارجياً على الاستيطان في الضفة المحتلة بشكلٍ عام وعلى الاستيطان في الأغوار بشكلٍ خاص.

 

الجدار وضم الضفة الغربية 

وتأتي تصريحات الاحتلال حول الجدار مع الأردن في وقتٍ تُصعّد فيه حكومة الاحتلال مشاريعها وخطواتها على مختلف الصعد سعيا إلى تنفيذ مخططات ضم الضفة الغربية والأغوار.

كما تأتي في مرحلة يتجه فيها الاحتلال إلى فرض وقائع على الأرض لا يمكن تغييرها لتحقيق أهدافه في الضفة الغربية ومن أهمها الضم. الذي أعلن عنه وزير مالية الاحتلال بتسلئيل سموتريتش بشكلٍ صريح.

ومن منظورٍ قانوني مشروع إقامة  جدار على الحدود مع الأردن يحمل أهدافا سياسية بالدرجة الأولى، وهذه الأهداف شديدة الخطورة على القضية الفلسطينية، من خلال جعل احتلال الضفة الغربية احتلالاً دائماً، على الرغم من أن القرارات الدولية تقر أنه احتلال مؤقت.

وبشكلٍ فعلي فإن إقامة الجدار تؤدي إلى ضم منطقة الأغوار والضفة فعلياً وعملياً، وتحويل ذلك من مخططات إلى أمر واقع،  فيما تؤدي عملية البناء إلى الاستيلاء على آلاف الدونمات الإضافية من الأراضي الفلسطينية التابعة للقرى القريبة من الحدود، على غرار جدار الضم والتوسع في الضفة الغربية.

ويعمل الاحتلال منذ سنوات طويلة على عدة خطوات يحكم من خلالها السيطرة على الأغوار ومنطقة الحدود الفلسطينية - الأردنية ومنها: الاستيلاء على الأراضي في مناطق الأغوار بذرائع ومسميات عديدة ومنها "المحميات الطبيعية"، التي كثفت سلطات الاحتلال اللجوء إليها منذ نهايات العام الماضي وخلال العام الحالي، واستولت من خلالها على آلاف الدونمات الإضافية من أراضي الأغوار، كما أن الاحتلال عمل على توسيع المستعمرات لتقطيع أوصال الأغوار وفصلها عن باقي مناطق الضفة، وأخيرا يأتي مخطط "الجدار الأمني" على الحدود ليتكامل مع الإجراءات السابقة لتحويل مخططات الضم إلى حقيقة"، إضافة لإطلاق يد مليشيات المستوطنين ضد التجمعات البدوية الفلسطينية في المنطقة.

وتعمل حكومة الاحتلال على استغلال فوز الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب بالانتخابات واستثماره بوقائع استيطانية، وتعزيز الأمر الواقع المؤدي إلى ضم الضفة الغربية وفق ما أكدته عدة شخصيات في حكومة الاحتلال، فيما تعمل وزارة المالية للاحتلال من خلال وزيرها المتطرف سموتريتش على ضخ مليارات الدولارات لمشاريع الاستيطان والضم للضفة الغربية.