ترجمات خاصة - قدس الإخبارية: يستذكر رئيس أركان جيش الاحتلال السابق وعضو "كابينيت الحرب" غادي أيزنكوت اللحظات الأولى لبدء معركة طوفان الأقصى، مشيرا إلى أنه كان يستعد للخروج في نزهة صباحية، قبل أن يسمع صافرات الإنذار، ويفتح التلفاز، وقد تأكد حينها "إنها الحرب" بعد مشاهدته مقاتلي نخبة القسام يعتلون التويوتا البيضاء في قلب مستوطنة "سديروت".
ويضيف أنه وبيني غانتس كان واضحاً لهما بالفعل أنهما سيشاركان في الحكومة، وقد استغرق الأمر ثلاثة أيام لترتيب ذلك، وفي 11 أكتوبر، كان أول اجتماع له في إطار "كابينيت الحرب"، وعنه يروي قائلا: اتصل بي غانتس وقال لي إنهم سيوقعون اليوم اتفاق الانضمام للحكومة. قرأت الاتفاق وكان جيداً جداً. كنت أستعد للذهاب إلى المنزل لحلق شعري، نزلت إلى المرآب، ثم طلب مني غانتس الحضور فوراً إلى الكرياه. كانت هناك جلسة في الخامسة. دخلنا الجلسة وقد فهمت بالفعل ما كان على الطاولة."
وعلى الرغم من أن القصة قد تم سردها ونشرها، إلا أن أيزنكوت يوّد تكرارها وهي قد حدثت في اليوم الأول لانضمامه لـ"كابينيت الحرب"، ويكشف: "كانت هناك فرصة عملية لاغتيال حسن نصر الله وكل قيادة مجلس شورى الحزب. كانت طائرات سلاح الجو جاهزة في الجو، تنتظر الأمر من القيادة السياسية. وفقاً للخطة. بعد الاغتيال، كان من المفترض أن يتوزع جميع قادة ومقاتلي حزب الله تحت الأرض لبدء حرب شاملة، ثم كانت إسرائيل تستعد لتفجير 15 ألف جهاز اتصال مفخخ وتقتل ما بين عشرة آلاف إلى خمسة عشر ألف قيادي وعنصر. وزير الحرب يوآف غالانت ورئيس الأركان هرتسي هليفي، أيدّا بشكل كامل العملية، وكذلك قادة أذرع الأمن. ولكن نتنياهو كان متردداً ويريد أن يوقفها وأدرعي معه وكذلك دريمر. لكنه كان يحتاج إلى دعم كبير من رجال أمن ذوي خبرة. لهذا السبب، دعاني مع بيني غانتس على وجه السرعة".
ويتابع أيزنكوت "كانت جلسة ثقيلة جداً، جدية جداً. في هذه المرحلة، كان الجميع يتحدث، كل واحد يعبر عن رأيه، وكنا في الواقع على وضع الإسرائيليين القلقين، ولم نكن قد تناولنا الطعام بعد. قال نتنياهو لي: غادي، أريد أن أسمع رأيك. وأنا، مع خبرتي كمستشار عسكري، أدركت فجأة أنه لا يوجد تسجيل، ولا كاتبة محضر. قلت لنتنياهو إن هذه جلسة هامة جدية، يجب أن تكون هناك كاتبة محضر وتسجيل، لأنه يتم اتخاذ قرارات حاسمة هنا. من الأفضل أن يكون هنا رئيس الاستخبارات العسكرية ورئيس إدارة الاستخبارات. عندها تم إدخال التسجيل والكاتبة وبدأت في الكلام. في النهاية، تبين أن الشخص الوحيد الذي تم تسجيل حديثه في تلك الجلسة هو أنا، لأن الآخرين تحدثوا قبلي. هرتسي، غالانت، الجميع. فقط أنا تم تسجيل كلامي".
ويوضح مضيفا "في مرحلة ما، قرب نهاية الجلسة في غرفة رئيس الوزراء، بدأنا نسمع إشاعات على التلفزيون بأن عشرات الطائرات المسيرة التابعة لحزب الله تهبط في الجليل. الإنذارات تتعاقب واحد تلو الآخر. قمنا وركضنا إلى الأسفل، إلى المخبأ. هناك تم اتخاذ القرار بعدم التنفيذ". وحول سؤال إذا ما كان من الممكن قتل قيادة حزب الله بعد 4 أيام من السابع من أكتوبر واختصار كل هذا الوقت، وهل ساعد نتنياهو في التراجع عن خطة التنفيذ، أجاب: "بالتأكيد لا. نحن نعرف الصورة الاستخبارية وكان من الواضح أن الفرص العملية لقتل نصر الله ستكون متاحة لاحقاً. يحيى السنوار هاجم إسرائيل بأشد الهجمات منذ تأسيسها، وكان يجب التعامل معه أولاً. الهجوم على لبنان كان سيحول الجهد نحو الشمال. لدينا في الجنوب في تلك المرحلة 250 أسيرا. وهناك أسئلة أخرى: هل نحن مستعدون لخطط الدفاع عن الشمال؟ هل توجد خطة للحرب؟ كان علينا ترتيب الأمور في الجنوب أولاً".
ويشدد آيزنكوت على أن "الفضل في كل ما تم تحضيره في لبنان يعود إلى غابي أشكنازي، بنيي غانتس، كوخافي، وهرتسي هليفي. هليفي كان له رصيد كبير جداً أيضاً كـرئيس لاستخبارات الجيش، على ما تم إنجازه في فترته. النجاح في لبنان هو ثمرة التفكير، والتحضير، والكثير من الأيام والطاقة في غرف العمليات، والتفوق الاستخباراتي. هذه عملية استمرت أكثر من عشر سنوات. لو كان نصر الله يعرف كم هو مكشوفا، لكان أكثر حذراً. غانتس وأنا كنا نعرف كل شيء لأننا كنا هناك عندما تم تحضيره، وقد تدربنا عليه، ودرسناه".
وبحسب قوله "في السابع من أكتوبر، قررت الحكومة أربعة أهداف حرب. من جهة، يجب الإشادة بنتنياهو على ذلك. ومن جهة أخرى، لا تحتوي أهداف الحرب على كلمة حول الأسرى. هذا يشير إلى الحالة النفسية له وللآخرين. كلمة "أسرى" لم ترد في قاموس الأسبوع الأول للحكومة. وهذا يدل على الحالة الذهنية لكل من كان معنيًا بالحدث. في الواقع، دخلت قضية الأسرى فقط في 16 أكتوبر، أي بعد خمسة أيام من دخولنا، وبعد مطالبتنا دخل مصطلح إعادة الأسرى".
ويرى أيزنكوت أن "الحالة الذهنية لكل من كانوا في المناصب الرسمية في السابع من أكتوبر، جميع الشركاء في الصدمة والفشل، بعضهم لم يعتقد أصلاً أنه يمكن إعادة الأسرى. الآن، كان هناك اتفاق تام بيني وبين غانتس وغالانت ودرعي والنظام الأمني، أن النقاش بين الجنوب والشمال قد انتهى. نحن ذاهبون جنوبًا. الوضع الأساسي في الجنوب هو الهجوم، وفي الشمال هو الدفاع. كنت أقدر أنه سيستغرق منا شهرًا أو شهرين لتوجيه الضربة المطلوبة في غزة. كان لدينا وضوح أن هناك حاجة إلى مناورة قوية داخل القطاع. لا يوجد إنجاز كبير دون مناورة حقيقية وقوية تشمل السيطرة على الأرض وعلى السكان. هذا كان بناءً على تجربتنا في الضفة الغربية في عملية 'السور الواقي'، عندما استغرقنا شهرين للوصول إلى السيطرة العملياتية الكاملة، ثم سنوات أخرى للتخلص من البنى التنظيمية".
ويشير إلى أن الردع الأساسي بالنسبة لإسرائيل يعتمد على ثلاثة مبادئ: أن جيش الاحتلال هو جيش لا يُهزم، وأن "المجتمع الإسرائيلي" قوي ومتضامن ومتقدم، وأننا الحلفاء المقربون من أمريكا ولذلك لا ينبغي العبث معنا. لكن السنوار حطم في السابع من أكتوبر المبدأ الأول.".
ويلفت أيزنكوت إلى أنه "بموازاة الإنجازات التي حققها جيش الاحتلال، هناك أيضا ثمن تم دفعه، حوالي 1800 قتيل، عشرات الآلاف من الجرحى، حقيقة أن الشمال أُخلي لأكثر من سنة، هو حدث لم يكن في حسبان أي أحد، أتذكر أنه في المناقشات لم نوافق حتى على التفكير في إخلاء سديروت في حالة حرب شاملة، وإذا كان هناك حاجة سننشر 3 فرق لحمايتها".
ويؤكد أنه "على المستوى الاستراتيجي، لدى الجيش والشاباك والموساد إنجازات رائعة، ولكن إذا فحصت الأهداف الثمانية المحدثة للحرب، فإن رئيس الحكومة لا يستطيع حتى أن يقول إن أحدًا منها تم تحقيقه بالكامل. السبب هو عدم الاستعداد لاتخاذ القرارات الصحيحة للدولة التي تترتب على تحقيق هذه الأهداف".
وفق أيزنكوت: "احتجت لشهرين أو ثلاثة لفهم أن الحرب لها أهداف علنية وأهداف خفية. داخل الكابينيت الواسعة، تم خلق فجوة بين أولئك الذين يرون الهدف العلني بتدمير القدرة الحكومية والتنظيمية لحماس وإعادة الأسرى، وبين أولئك الذين يريدون غزو غزة وفرض حكم عسكري وإعادة الاستيطان. اليوم هم يقولون ذلك بصوت عالٍ ويؤسسون نوى استيطانية، وحقيقة أن الحكومة الآن تدخل هذه الأهداف من الباب الخلفي تشير إلى مرض عميق".
وعن أسباب انحراف أهداف الحرب، يقول إن "إسرائيل لديها مكتب الأمن القومي ضعيف جدًا. هناك بعض الأشخاص الجيدين، لكن المكتب غير قادر على إدارة المستوى الاستراتيجي. لنتنياهو ثلاثة منتديات أعرفها: الكابينت الموسعة، التي تتحمل المسؤولية الرسمية، حيث كان يجلس عادة حوالي 15 وزيرًا، مع جميع مساعديهم ومستشاريهم، مما يعني وجود حوالي 50 أو 60 شخصًا في الغرفة. كابنيت الحرب، أصغر وأكثر فاعلية. كنت الوحيد الذي لم يدخل مع مساعدين. المنتدى الثالث هو وزراء الكابينيت الحربي مع رؤساء الأجهزة الأمنية والسكرتير العسكري. للأسف، كان نتنياهو يجمع هذا المنتدى عدة مرات فقط".
ويتابع في تفسيره لانحراف أهداف الحرب: "بدأت الخلافات مع نتنياهو تتصاعد في يناير. بدأنا نضغط من أجل إعادة الأسرى، ومن أجل اليوم التالي في غزة، وللحاجة لإيجاد جهة تحل محل حماس، والانتقال إلى الشمال. كان واضحًا لي أنه لا داعي لإبقاء 5 فرق عسكرية في غزة. وكان هناك أيضًا خلافات حول نمط العمل في القطاع. لماذا نعمل فقط في الشمال؟ لماذا لا نذهب إلى فيلادلفيا، خان يونس، رفح؟ في الورقة التي تسربت في ذلك الوقت إلى يارون أبرام، كتبت بوضوح، في تلك المرحلة، أنه يجب تسريع الانتقال نحو رفح، خان يونس، والمخيمات الوسطى. كنا نعتقد أن الظروف قد توفرت لإعادة الأسرى. وكان علينا البدء في التخطيط للانتقال نحو الشمال، إلى لبنان. وكان الجمهور يتوقع تحركًا حقيقيًا لإعادة الأسرى، وكنا نضغط من أجل ذلك. وكل هذا بدأ يتطور منذ نهاية يناير. وصحيح، أن من يتحمل المسؤولية عن وجود قضية الأسرى هو السنوار، ولكن الإسرائيليين اختاروا نتنياهو رئيسًا للوزراء ويتوقعون منه أن يتخذ خطوات لتحرير الأسرى. حتى أن غال، ابني، كان يتحدث معي عن هذا قبل استشهاده".