خاص - شبكة قدس الإخبارية: كشفت وسائل إعلامٍ عبرية اليوم الأحد، عن خطةٍ استيطانية ضخمة "تحدد مستقبل الضفة الغربية" كما وُصفت، تقوم عليا منظمات استيطانية وشخصيات رسمية في حكومة الاحتلال، تهد لإقامة مستوطنة درزية وأخرى لليهود المتدينين "الحريديم"، وتحويل مستوطنات استراتيجية إلى مدن استيطانية كبر، وتوسيع سيطرة المجالس الإقليمية لتشمل المناطق المفتوحة الواقعة بين المستوطنات.
وتتضمن الخطة، التي أُعدّت بقيادة شخصيات يمينية بارزة، خطوات واسعة تشمل إلغاء السلطة الفلسطينية واستبدالها بسلطات بلدية عربية تخضع لدولة الاحتلال، بهدف تعزيز السيطرة على المنطقة (ج) وتطبيق السيادة الكاملة عليها.
وتسعى الخطة لتطوير بنية تحتية ضخمة تشمل محطات طاقة وطرقاً سريعة وسككاً حديدية، لجعل المستوطنات "جزءاً لا يتجزأ من دولة إسرائيل"، وتشمل المقترحات إنشاء مدن جديدة في الضفة الغربية وتحويل مستوطنات مثل كريات أربع وإفرات إلى مدن، بدعم حكومي مباشر وميزانيات ضخمة، فيما تُطرح التساؤلات حول خطورة الخطة وإمكانية تطبيقها، وشكل المشهد الذي ستؤول إليه الضفة الغربية.
تفاصيل الخطة ووجودها على الأرض
في حديثٍ خاص لشبكة قدس الإخبارية، قال المحلل السياسي سليمان بشارات، إن الخطة الإسرائيلية ليست بالطرح الجديد، فالواقع الذي حاول الاحتلال خلقه في الضفة الغربية، من بعد اجتياح السور الواقي عام 2002، من خلال كسر المفهوم الجغرافي لمناطق الضفة الغربية الذي كان يتكون من تقسيمة أ، ب، و ج، والذي تمخض عن اتفاقيات أوسلو، دولة الاحتلال كسرت هذه المفاهيم وحولت مناطق أ لمناطق يمكن اقتحامها والتعامل معها أمنياً وعسكرياً بشكلٍ منافي لكل بنود الاتفاقيات.
وأضاف بشارات أن الاحتلال عمل بشكلٍ موازي لتعزيز الاستيطان على أراضي الضفة الغربية، والذي بات يسيطر على غالبية مناطق الضفة الغربية، إضافة للوجود العسكري لجيش الاحتلال الذي يوفر البيئة المناسبة للاستيطان، ويؤكد أن المخطط ليس وليد اللحظة ولا وليد أيام، بل هو نتيجة لعمل مستمر منذ سنوات بعيدة، أوجده الاحتلال وأصبح واقعاً حقيقياً من خلال معطيات واحصائيات الاستيطان، من خلال الوجود المكثف للمستوطنين من جهة، وتحويل بؤر استيطانية لمستوطنات شرعية ورسمية، وخلق جغرافية استيطانية ببنية تحتية ضخمة وصلبة، مقابل تفكيك الجغرافية الفلسطينية.
وعن الانتظار لتولي ترامب الرئاسة الأمريكية، قال بشارات: "سواء تولى ترامب الرئاسة الأمريكية أو لا، فالواقع الاسرائيلي موجود على الأرض، من خلال ما شهدناه في خضم السنوات الأربعة من ولاية بايدن، رغم الملاحظات الأوروبية والعالمية على الاستيطان، همشتها حكومة الاحتلال واستمرت بالعمل".
وأكد بشارات أن الاستيطان تحول من مجر استيطان تتبع لجمعيات يهودية متطرفة، لسياسات رسمية، ودليل ذلك أن من يتبوأ رسم السياسات للاستيطان، هم أعضاء في الحكومة كبن غفير وسموتريتش.
وقال بشارات أن ما تحدث به وزير مالية الاحتلال بتسلئيل سموتريتش قبل أسابيع عندما صرح أن عام 2025 المقبل هو عام السيطرة على الضفة الغربية، شكل وضعاً للمعاير الإسرائيلية في نصابها، وتحويل الاستيطان في الضفة، كوجود منهجي إسرائيلي ضمن دولة الاحتلال، وجعله في لب المشروع الصهيوني بشكل كامل، ونزع مسمى "دولة الاحتلال" ليحل محله "دولة إسرائيل ومن ضمنها الضفة".
وعن تأثير ذلك على الوجود الفلسطيني، أوضح بشارات أن ذلك سيحول الوجود الفلسطيني في الضفة، بالمستويين الشعبي والرسمي، إلى حالة وجود سكاني ضمن مصطلح الدولة اليهودية، وتحويلها لـ"كنتونات" سكانية، تُدار في بعدها الخدماتي من الفلسطينيين ضمن نطاق ما يرغب الاحتلال الإسرائيلي بتمريره لهم، مع السيطرة الصهيونية الكاملة على المياه والكهرباء والمقدرات والسيادة السياسية والأمنية الإسرائيلية، فيما يتحول الوجود السياسي للسلطة اليوم، لمجرد وجود خدماتي فقط يُدار إسرائيلياً، مع ضغوطات استعمارية مستمرة.
ويرى بشارات أن الاحتلال يعمل على تمهيد الحالة الفلسطينية والدولية للوضع الاستيطاني الجديد، مع إمكانية وجود رفض فلسطيني ودولي، ولكن دولة الاحتلال ستمضي بقوة بالمخطط، لا سيما في ظل ما تعول عليه من قدوم ترامب.
الخطة الجديدة.. بين الوجود وإمكانية التطبيق
وفي ذات السياق، قال الكاتب والمحلل السياسي أحمد رفيق عوض، إن حكومة الاحتلال تغذي بشكلٍ رئيسي هذه المخططات الاستيطانية، وتعمل على تمعيق الاستيطان والسيطرة على مناطق ج من الضفة الغربية، مع المحاولة لتغير DNA الضفة الغربية، كما عبر عنه سموتريتش قبل شهور.
ويرى عوض أن الشرعية القانونية للمخطط المذكور، تحتاج لموافقة كنيست الاحتلال وموافقة ترامب، مع صعوبة الموافقة عليه؛ لما يحمله المخطط من إسقاط السلطة الفلسطينية وفكرة حل الدولتين، في حين تحمل فكرة حل الدولتين تحمل نوع من المراوغة والملهاة للحكومات العربية والعالم، فيما يعتبر وجود السلطة بشكلٍ أو بآخر نوع من تخفيف حدة المواجهة في الضفة الغربية، فيما يستبعد عوض ذلك، مع تعميق الاستيطان دون شرعنة الضم، لحسابات إقليمية ودولية.
ويؤكد الكاتب محمد القيق، أن منذ عام 2019، بدأت مشاريع البنية التحتية للمستوطنات، وخاصة في جنوب الضفة الغربية، وشمالها لربط المستوطنات وعزل المناطق الفلسطينية، تزامن ذلك مع فترة رئاسة ترامب الأولى وطرحه لفكرة صفقة الضم، مع وجود موافقة مصرية وإقليمية.
وأضاف القيق، أن الاحتلال شرعن نفسه من خلال الكنيست والفيتو بمنع إقامة الدولة الفلسطينية، وإنهاء السلطة الفلسطينية، وتحويل النظام السياسي الفلسطيني في الضفة الغربية، لنظام خدماتي يتبع كلياً للاحتلال.