خاص - شبكة قدس الإخبارية: على الرغم من الظروف الأمنية المعقدة، والملاحقة الاستخباراتية المكثفة التي يقوم بها الاحتلال بالتعاون مع السلطة الفلسطينية، يشق العمل العسكري المقاوم في الضفة الغربية طريقه في صخر المصاعب، معلناً المواجهة ضد المشاريع الاستيطانية التي تُنسج لسرقة الأرض.
يوم أمس الجمعة، استطاعات المقاومة تنفيذ 3 عمليات إطلاق نار استهدفت جيش الاحتلال والمستوطنين، كانت الأولى كمين نفذه الشهيد سامر حسين، قرب مستوطنة "رائيل" المقامة على أراضي سلفيت شمال الضفة الغربية، وأوقع 9 جرحى في صفوف جنود الاحتلال والمستوطنين قبل ارتقاءه شهيداً، والثانية قرب مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية، استهدف بها المقاومون دورية لجيش الاحتلال بوابل كثيف من الرصاص، قبل انسحابهم بسلام، فيما كانت العملية الثالثة إطلاق نار استهدف دورية لحرس الحدود التابع لجيش الاحتلال، قرب بلدة حوسان غرب بيت لحم، وتمكن المنفذون من الانسحاب بسلام.
الدم مقابل الحبر.. معركة ضد الاستيطان
في أعقاب كمين "آرائيل" يوم أمس، أصدرت كتائب الشهيد عز الدين القسام تبنت به العملية وأعلنت فيه أن "كل القرارات التي كتبت بحبر الحكومة الصهيونية المتطرفة والتي تستهدف بها الضفة الغربية ستدفع ثمنها دما مسفوكا من أجساد الجنود والمغتصبين"، مُشيرةً لمخططات الاحتلال التهويدية الاستيطانية، والتي تستهدف أراضي الضفة الغربية بشكل مباشر.
وفي الواقع، لا تخوض مجموعات المقاومة في الضفة الغربية معركتها ضد جيش الاحتلال وهجماته على المخيمات والمدن الفلسطينية فحسب، بل تخوض معركتها ضد الاستيطان بشكلٍ مباشر، الذي بات يهدد كل بيتٍ فلسطيني على امتداد الضفة الغربية.
يسعى الاحتلال منذ نهاية انتفاضة الأقصى، على خلق حالة أمنية خاصة، تخلق الحماية للمستوطنين من جهة، وتساهم بتوسع المستوطنات من جهةٍ أخرى، إضافة لاستقطاب اليهود للاستيطان على أراضي الضفة، وعلى مدار 18 عاماً، بذل الاحتلال جهود مستميتة لخلق تلك الحالة، التي لم تنجح بشكلٍ كلي، بل باتت تتكسر شيئاً فشيء منذ عام 2021 وصعود العمل المسلح في شمال الضفة الغربية، بل وامتداده بشكل متفاوت إلى باقي المناطق.
صعوبات لا تنتهي وجهود لم تنقطع
لا يخفى على الناظر للحالة النضالية في الضفة الغربية حجم المصاعب والتحديات التي يواجهها كل من يتبنى مسار المواجهة والقتال، فيما تنكشف هذه المصاعب بشكلٍ أكبر أمام من يعيش في مناطق الضفة.
أولى هذه المصاعب الجهود الإسرائيلية العسكرية والأمنية التي تبذلها دولة الاحتلال في الضفة، وتتمثل بتقطيع أوصال المناطق بالحواجز العسكرية والمعسكرات الإسرائيلية ونقاط التفتيش، ثم الاقتحامات المكثفة وعمليات المداهمة والتفتيش واغتيال المقاومين، فضلاً عن الجهود الاستخباراتية التي تعتمد على التجسس ومحاولات الاختراق إلى جانب الدور الواسع الذي تمارسه السلطة الفلسطينية.
أما عملية التسليح، فتعد من العقبات البارزة بسبب غلاء أسعار السلاح أولاً ومحاولات الاحتلال والسلطة ضرب الخطوط المالية التي تمد المقاومين بالمال اللازم لشراء السلاح، ثم صعوبة التحرك والتنقل، والاختفاء للمطاردين في حيز جغرافي ضيق الواقع تحت المراقبة الاستخباراتية المتقدمة، والمحاط بالاستيطان ومعسكرات جيش الاحتلال أصلاً.
ومنذ اندلاع معركة طوفان الأقصى، شن جيش الاحتلال عمليات عسكرية ضخمة ضد بؤر العمل المقاوم في شمال الضفة الغربية، خلفت عشرات الشهداء من رواد وقادة المقاومة في جنين ونابلس وطولكرم وطوباس، فضلاً عن عمليات الاعتقال المكثفة التي يمارسها جيش الاحتلال بشكلٍ يومي في باقي مناطق الضفة الغربية.
وعلى مدار أكثر من عام استمرت المقاومة بالعمل ضد الاحتلال، إذ أوقعت الضفة الغربية 50 قتيل في صفوف الاحتلال، وأكثر من 400 جريح بعمليات متنوعة، بين عمليات إطلاق النار وتفجير العبوات الناسفة والدهس والطعن.
على سبيل المثال، تعرضت محافظة طولكرم ومخيماتها وريفها للثقل الأكبر من الإجرام الصهيوني على مدار عام إلى جانب محافظة جنين، وشهدت استشهاد قادة مجموعات المقاومة في المعارك، في حين شهدت ليلة الخميس الماضي عمليتي إطلاق نار استهدفت حاجزي "الطيبة" و "نتساعوز" إضافة لاستهداف دورية لجيش الاحتلال بعبوة ناسفة في قرية كفر اللبد قرب المدينة، إضافة لعدة عمليات خلال الأيام الماضية، والاشتباك مع جيش الاحتلال عند كل عملية اقتحام للمدينة ومخيماتها.
أما مدينة نابلس، قرابة 390 عملاً مقاوماً منذ بداية العام الحالي، ما أدى إلى وقوع أربعة قتلى و31 جريحاً في صفوف جنود الاحتلال والمستوطنين، رغم الجهود الكبيرة التي بذلتها السلطة والاحتلال لإنهاء العمل المقاوم فيها، فيما تستمر محافظة طوباس بذات النشاط.
وخلال عام نجحت المقاومة في محافظة الخليل من تنفيذ عمليات مؤثرة، كعملية حاجز ترقوميا التي نفذها الشهيد مهند العسود وتمكن بها من قتل 3 ضباط في شرطة الاحتلال، وعمليات السيارات المفخخة التي استهدفت مستوطنتي "كرمي تسور" و "غوش عتصيون" وعشرات العمليات.
ويستمر العمل المقاوم في الضفة الغربية في إطار معركة مفتوحة لم تتوقف يوماً بشكلٍ فعلي منذ بداية الاحتلال، رغم مشاريع التصفية الواسعة لإنهائها.