خاص - شبكة قدس الإخبارية: على مدار الساعات الماضية، تناقلت وسائل إعلام عالمية وعربية، أخبار جولة تفاهمات وقف إطلاق النار في لبنان وقطاع غزة بشكلٍ متزامن، في العاصمة القطرية الدوحة، بواسطة عالمية.
وبحسب وسائل إعلام عبرية، فإن اتفاق وقف إطلاق النار يتكون من ثلاثة خطوط عريضة، يتمثل الخط الأول بتنفيذ قرار 1701 بشكل موسع بحيث يتم التأكد من ألا يكون هناك وجود مسلح لـ«حزب الله» جنوب نهر الليطاني، مع انتشار الجيش اللبناني على الحدود الفلسطينية - اللبنانية، وتعزيز قوات السلام الدولية "اليونفيل" الحالية، مع تغيير بعض كتائبها بكتائب فرنسية، بريطانية وألمانية.
ويتمثل الخط الثاني بإقامة جهاز إنفاذ ورقابة دولي يمكن "للطرفين" أن يبلغا بالانتهاكات، فيما ينص الخط الثاني على منع إعادة تسلح حزب الله بصفته جزءاً من التفاهمات التي تنهي الحرب، مع منع دخول وسائل عسكرية تعرف كمحظورة، من الجو، من البر ومن البحر.
من جهتها أوضحت حركة حماس في بيان لها يوم أمس، أنها استجابت لطلب الوسطاء لبحث مقترحات جديدة بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، وأكدت أن "لقاءات أخرى سوف تعقد في نفس السياق".
وأكدت الحركة أنها منفتحة على كل ما ينهي "معاناة شعبنا في غزة ويوقف إطلاق النار بشكل نهائي وانسحاب الاحتلال من القطاع ورفع الحصار وتقديم الإغاثة والدعم لإيواء لأهلنا، وإعادة الإعمار، وإنجاز صفقة جدية للأسرى".
في أعقاب ذلك، أعلن حزب الله جملةً من التفاصيل حول مقترح وقف إطلاق النار، كان على رأس ما أكده، رفضه الفصل بين جبهتي لبنان وقطاع غزة، بينما تُطرح التساؤلات حول مستقبل جولة التفاهمات لنوضح في هذا التقرير خلبفية هذه الجولة وإمكانية نجاحها.
تجاوز فترة الانتخابات الأمريكية وتحقيق مكاسب إسرائيلية
في حديث خاص لـ"شبكة قدس"، قال الكاتب والمحلل السياسي ساري عرابي، إن ما يدور من الحديث حول التوصل لاتفاقي وقف إطلاق نار (واحد في قطاع غزة وآخر في لبنان) يأتي ضمن قطع فترة الانتخابات الأمريكية بإنجاز شيء موقت وليس بشكل دائم، وفي إطار المصلحة الإسرائيلية بالدرجة الأولى ليس أكثر.
ويرى عرابي أن ما يتم الإعلان عنه حول وقف إطلاق النار لمدة شهر، وتحقيق صفقة تبادل أسرى، في غزة دون انسحاب جيش الاحتلال بشكلٍ كامل، لن توافق عليه حركة حماس، طالما لا يحتوي على بند انسحاب جيش الاحتلال من مختلف مناطق قطاع غزة، مع وجود ضمانات دولية بذلك.
وأكد عرابي أن هذا الأمر شأنه تكريس وقائع إسرائيلية جديدة من جهة، وإعطاء إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، أفضلية بإنجاز وهمي، وهو تحقيق وقف إطلاق نار في قطاع غزة.
أما التفاهمات التي تخص لبنان، فقال عرابي إن الموضوع شديد الغموض؛ بسبب تركز الحديث عن تطبيق بنود القرار 1701، في حين تتضمن البنود الإسرائيلية شروط استسلام تُفرض على الحكومة اللبنانية وحزب الله على حدٍ سواء، مثل إجبار حزب الله على الانسحاب إلى ما وراء نهر الليطاني، وفرض حصار بحري وجوي على لبنان وغيرها من البنود.
ويؤكد عرابي أن الجهود الأمريكية المبذولة في تحقيق اتفاق وقف إطلاق النار في غزة ولبنان، هي جهود غير بريئة، لا تهدف إلى وقف إطلاق نارٍ عادل في المنطقة، بل تهدف إلى تجاوز مرحلة الانتخابات الأمريكية، لكن حكومة الاحتلال الإسرائيلي تناور، في حين المطالب الإسرائيلية لا تدلل على جدية التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار.
"تبريد في إطار التحضير لضربة ضد إيران"
في ذات السياق، وبتفسير آخر، قال الكاتب والمحلل محمد القيق، إن ما يتم إثارته حول التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة ولبنان، يحمل هدفاً بارزاً وهو التحضير لضربة ضخمة ضد إيران بمشاركة أمريكية غربية وحتى عربية، مع إنهاء جبهات القتال في لبنان وقطاع غزة.
ويستند القيق في رؤيته على المساعي الأمريكية الإسرائيلية الدائمة منذ شهور لفصل الجبهات عن بعضها البعض، وإغلاق ملفات القتال في لبنان وقطاع غزة، بتحقيق أكبر مكاسب ممكنة لصالح الاحتلال، ثم إزالة الخطر الجغرافي الذي تمثله الجبهة اللبنانية، بعد التوصل لاتفاق في غزة، وبعد ذلك يبدأ جيش الاحتلال بإسناد دولي ضخم بتسديد الضربات لإيران، في حين يرى القيق أن المحاولة الأمريكية والدولية الحالية ستفشل فشلاً ذريعاً أمام إصرار حزب الله والمقاومة الفلسطينية.
من جهته قال المختص بالشأن الإسرائيلي ياسر مناع، إن المحاولات الأمريكية مع الوسيط الدولي والعربي، تأتي في إطار تحريك الملف وإخراجه من حالة الجمود بشكلٍ شبه شهري مع استمرار حرب الإبادة الإسرائيلية.
وقال مناع أن الإدارة الأمريكية والاحتلال، تتمظهر في هذا الدور وتكرسه إعلامياً بالتقاطع مع إعلام الاحتلال، من أجل استمالة النخاب العربي والإسلامي للمشاركة في الانتخابات، مع ضمان النجاح للمرشحة كاميلا هاريس.
وأكد مناع أن مطالب المقاومة الفلسطينية بعدم الموافقة على أي اتفاق لا يشمل الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة بالكامل مع ضمانات عالمية وأممية، وإعادة إدمار قطاع غزة، وفك الحصار، والإفراج عن الأسرى الفلسطينيين بصفقة تبادل.
دعاية إعلامية مستمرة
أما على الصعيد اللبناني، فيقول مناع إن الاحتلال ينشر في إعلامه عن شروطه التعجيزية التي تخص الجبهة اللبنانية والترويج لها بأنها نصر إذا ما تم تحقيقها مع تحقيق الأهداف الإسرائيلية المعلنة من العدوان على لبنان، من خلال إبعاد قوة حزب الله عن الحدود وإعادة المستوطنين إلى المستعمرات الشمالية.
ويرى مناع أن موقف حزب الله لن يختلف عن موقف المقاومة الفلسطينية خاصةً بعد إثبات قوته بمواجهة التوغل البري الإسرائيلي، والاستمرار بعمليات القصف الصاروخي بعد الضربات التي تلقهاـ والتي زعم الاحتلال في أعقابها تدمير قوة الحزب كلياً، في حين تذهب حكومة الاحتلال إلى الضغط العسكري الهائل على غرار ما يدور في قطاع غزة منذ أكثر من عام، من خلال ارتكاب المجازر الوحشية والتدمير الواسع في مناطق لبنان.
ووفق متابعته للإعلام العبري، فيؤكد مناع أن ما يمنع الاحتلال من توقف حرب الإبادة على قطاع غزة، هو عدم تكوين رؤية إسرائيلية ووجود بديل مناسب يحكم قطاع غزة بعد الحرب، خاصة مع استمرار قوة المقاومة هناك.
وكما كل مرة على مدار عام، تنشط التصريحات الدولية حول وقف إطلاق النار، فيما يستمر الاحتلال بمجازره الواسعة في قطاع غزة، مع تشديد الحصار الخانق على الفلسطينيين هناك وتكثيف الإبادة في شمال القطاع، في حين تشاطر لبنان غزة هذه المرة بتقاسم التوحش الإسرائيلي والصمت الدولي على حدٍ سواء.