شبكة قدس الإخبارية

في ذكرى استشهاد فتحي الشقاقي.. شهادة القادة لا توقف المقاومة

WhatsApp Image 2024-10-26 at 3.11.18 PM
يزن حاج علي

خاص - شبكة قدس الإخبارية: في مثل هذا اليوم، وقبل 29 عاماً، نفذ جهاز "الموساد" قرار حكومة الاحتلال الإسرائيلي باغتيال الأمين العام والمؤسس لحركة الجهاد الإسلامي الشهيد فتحي الشقاقي، بعد إطلاق النار عليه في مالطا.
يُعتبر الشقاقي أحد أبرز القيادات الفلسطينية خلال الفترة الماضية، وقد دفع بنشاطه السياسي والوطني لتأسيس حركة الجهاد الإسلامي مطلع الثمانينات كتنظيم عسكري سري يعمل داخل فلسطين المحتلة، ثم تطوير التنظيم وتوسيع قاعدته الجماهيرية ونشاطه على مختلف الأصعدة.
وعلى مدار سنين، عمل الشقاقي بقيادة الجهاد الإسلامي والإشراف على العمل العسكري والسياسي والجماهيري معاً في مواجهة الاحتلال ومشاريع التصفية التي تعرضت لها القضية الفلسطينية في مرحلتي الثمانينات والتسعينيات حتى اغتياله.
تمر ذكرى استشهاد الشقاقي في خضم معركة طوفان الأقصى التي انطلقت قبل عام، لتطرح مساراً جديداً للقضية الفلسطينية، عنوانه الأبرز مواجهة الاحتلال، فيما كان رد الأخير اغتيال عدداً من القيادات الفلسطينية السياسية والعسكرية داخل وخارج فلسطين.

 

مسار رُسم بالدماء
في تصريحات إسرائيلية مختلفة أعقبت اغتيال الشقاقي آنذاك، أوضحت أن سبب الاغتيال هو رعايته للعمليات العسكرية المؤثرة التي قامت بها القوى الإسلامية المجاهدة "قسم" وهو الذراع العسكري للجهاد الإسلامي في حينها، أبرز هذه العمليات عملية مفترق بيت ليد الاستشهادية المزدوجة، والتي أوقعت 22 قتيلاً من ضباط وجنود جيش الاحتلال، ومن قبلها عملية أسدود عام 1994 والتي قُتل بها أحد ضباط أمن المستوطنات هناك وغيرها من العمليات.
وفضلاً عن العمليات العسكرية، وضع الشقاقي الخطوط العريضة لحركة الجهاد، باستمرار وتطوير المقاومة المسلحة ضد الاحتلال، ورفض كافة معاهدات واتفاقيات السلام مع الاحتلال الإسرائيلي على صعيد عربي وفلسطيني ومن بينها اتفاقيات أوسلو، وتحشيد الشعب الفلسطيني لمواجهة الاحتلال ورفض اتفاقات التسوية، من خلال تنظيم الفعاليات الجماهيرية في الضفة الغربية وقطاع غزة، إضافة لتوحيد الجهود مع فصائل وقوى المقاومة في فلسطين وخارجها، أبرزها حزب الله؛ للنهوض بمشروع مقاومة إسلامية عربية شاملة.
فيما أصر الشقاقي على مواقفه رغم كافة الضغوطات العربية والفلسطينية المتمثلة بالسلطة الفلسطينية التي تعرض لها، مع تأكيده الدائم على استمرار خيار المقاومة العسكرية، فيما خُط هذا المسار بدماء من قاموا عليه وآمنوا به من الرعيل الأول لحركة الجهاد، كالشهيد مصباح الصوري وغيره، ليبقى هذا المسار بوضوحه بعد عقودٍ من الزمن.

 

ثنائية الصدق والشهادة
على مدار نشاطه المقاوم، قال الشقاقي العديد من الكلمات التي حُفظت بذاكرة الجماهير حتى يومنا هذا، لتصبح من المبادئ الأساسية، أبرزها: "لا فائدة لوجود أي تنظيم فلسطيني لا يحمل السلاح"، إشارةً لأهمية الخيار العسكري المقاوم للفصائل الفلسطينية، بل واعتباره مرتكزاً أساسياً للعمل التنظيمي.
فيما تنبأ الشقاقي بمسار الأمة الإسلامية والعربية الطبيعي في مواجهة الغزو الصهيوأمريكي لفلسطين وللمنطقة العربية قائلاً: " هذه الأمة على موعد مع الدم، دم يلون الارض ودم يلون التاريخ  ودم يلون الافق ودم يلون الدم دفاعاً عن هذه الامة دفاعاً عن كرامة الامة"، لاعتبار الدماء كدلالة على التضحية في سبيل التحرر والكرامة ووقف الإجرام الإسرائيلي بقتل الفلسطينيين، وهو ذات الطرح الذي أدلى به القيادي بحركة حماس الشهيد جمال منصور بذات المرحلة قائلاً: "نحن مع سيل الدم الذي يوقف شلال الدم".
أما ثنائية الصدق والشهادة، فقد أكدها الشقاقي في الإطار النظري، ورسخها عملياً باستشهاده، فيما باتت عبارته الشهيرة "لا تصدقوني إلا إذا رأيتومني شهيداً" كهوية شخصية له، قابلةً للتطبيق من قبل القادة على مدار تاريخ الصراع، تنعكس تجلياتها الآن باستشهاد القادة.
وبينما يسعى الاحتلال وأجنداته على بث السموم ونشر الأكاذيب حول قيادة المقاومة، يرتقي هؤلاء القادة شهداء في أوج المعركة، كقائد حركة حماس الشهيد يحيى السنوار، ومن قبله الشهيد إسماعيل هنية والشيخ صالح العاروري، والأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، في حين جاءت شهادتهم كتصديقاً لفكرهم ومقولاتهم السابقة، مع مزيدٍ من الالتفاف العربي وحتى العالمي حول توجهاتهم وقرارهم المقاوم، وجعل الشهادة شرعية إضافية للمقاومة.

 

شهادة القادة لا توقف مسيرة المقاومة
أكدت واقعة استشهاد فتحي الشقاقي، واستمرار حركة الجهاد الإسلامي بمقاومتها للاحتلال دون انقطاع منذ اغتيال أمينها العام حتى يومنا هذا، أن المقاومة لا تنتهي مع اغتيال قادتها، فبعد استشهاد الشقاقي بغضون شهور، وتحديداً بتاريخ 4 – 3 – 1996، فجر الاستشهادي رامز عبيد نفسه في حافلة إسرائيلية بشارع "ديزنكوف" وسط تل أبيب، قُتل بها 13 إسرائيلياً وأصيب بها العشرات، إضافة لعدة عمليات نوعية، نفذتها الحركة.
ومع انطلاق انتفاضة الأقصى عام 2000 انطلقت الجهاد الإسلامي بالمزيد من العمليات من داخل قطاع غزة والضفة الغربية، واشتراكها مع كافة فصائل المقاومة بالجهود العسكرية، لتستمر بنهج الشقاقي حتى يومنا هذا في قطاع غزة والضفة الغربية، فيما طورت الحركة ذراعها العسكري "سرايا القدس" ليصبح قوةً ضاربة تواجه الاحتلال على مدار الساعة.
إلى جانب اغتيال الشقاقي، نجح الاحتلال بقتل العديد من مؤسسين وقادة فصائل المقاومة، كالشهيد أبو علي مصطفى الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وأحمد ياسين وقادة حركة حماس، وقادة كتائب شهداء الأقصى، فيما لم ينجح الاحتلال بكسر الفعل المقاوم الذي استمر بتطوير نفسه ليصل إلى ما وصل إليه اليوم.
واليوم بعد تفاخر الاحتلال باغتيال قادة المقاومة الفلسطينية واللبنانية، ومزاعمه المستمرة بهزيمة المقاومة، يستمر المقاومون بالإثخان في العدو وإيقاع القتى في صفوف جنوده وضباطه، بشكلٍ يومي في جنوب لبنان وقطاع غزة، في حين يطلق الاحتلال عند كل عملية الاغتيال مصطلح "تصفية الحساب" ليتفاجئ بفتح حساباتٍ جديدة أكثر تعقيداً وقوة.
بهذا يرتقي القادة الشهداء لتكون شهادتهم حافزاً أكبر لمن خلفهم بالاستمرار في مواجهة الاحتلال، مع إصرارٍ أشد وصبر أعظم، مع التصديق الكامل بنهج المقاومة وعدم التراجع عنه في أحلك الظروف، وجعل الشهادة كثقافة ومعتقدٍ بارز إلى جانب الجهاد والمقاومة.

#حركة الجهاد الإسلامي #فلسطين #قطاع غزة #الضفة الغربية #فتحي الشقاقي #طوفان الأقصى