القدس - قدس الإخبارية: انتهى اليوم الأربعاء، 22 أكتوبر\تشرين الأول 2024، موسم الأعياد اليهودية الأطول لهذا العام، والذي بدأ برأس السنة العبرية وانتهى بعيد العُرش (المظلة)، مع توثيق انتهاكات خلاله كان فيها المستوطنون أكثر عددا وجرأة في تنفيذها بشكل علني وبحماية كاملة من شرطة الاحتلال.
وخلال الأيام الخمسة التي خصصت لاقتحامات هذا العيد اقتحم المسجد 5980 متطرفا ومتطرفة، مقارنة بـ5729 اقتحموا المسجد في المناسبة ذاتها من العام الماضي، و5064 مستوطنا اقتحموه في عام 2022 وفقا لمعطيات دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس.
وبالنظر إلى هذه الأرقام فإن جماعات الهيكل المتطرفة نجحت هذا العام في زيادة عدد المقتحمين بنسبة 4.3% عن العام الماضي، وبنسبة 18% عن عام 2022
وفيما يتعلق بالانتهاكات التي سجلت في ساحات المسجد خلال عيد العُرش، فجميعها وردت على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي التابعة لجماعات الهيكل ونشطائها، في ظل انعدام مصدر آخر لتوثيق هذه الانتهاكات بسبب منع حراس الأقصى من الاقتراب من المقتحمين أو تصوير الاعتداءات التي ينفذونها.
وتاليا أبرز الانتهاكات التي سجلت خلال عيد العُرش أبرز ما ورد على هذه الصفحات:
- تقديم القرابين النباتية الخاصة بعيد العُرش بشكل جماعي وعلى مدار يومين متتاليين في شرقي المسجد، وشارك كبير حاخامات معهد الهيكل الثالث الحاخام يسرائيل أريئيل في تقديمها.
- النفخ في البوق، رئيس منظمة "جبل الهيكل بأيدينا" توم نيساني رفع العلم الإسرائيلي.
- أداء طقس السجود الملحمي (الانبطاح أرضا) جماعة.
- ارتداء ملابس "التوبة" البيضاء، وهي الملابس التي ترتديها طبقة كهنة "المعبد".
- أداء صلاة "الموصاف" (المضافة) جماعيا في الساحات الشرقية.
- التصفيق والغناء وأداء الطقوس بصوت مرتفع في الجهة الغربية من المسجد.
وبالإضافة إلى هذه الانتهاكات التي وثقت داخل ساحات الأقصى فإن الأروقة المؤدية إلى أبوابه لم تسلم من الاعتداءات، إذ تعمد مئات المتطرفين التجمع أمام أبواب المسجد من الخارج، وحرصوا على الغناء والتصفيق وأداء طقوس عيد العرش بصوت مرتفع، كما نفخوا في البوق وقدموا القرابين النباتية أمام باب الأسباط والقطانين والمغاربة.
وبالتزامن مع كل هذه الانتهاكات ضيقت شرطة الاحتلال المتمركزة على الأبواب على المصلين الوافدين إلى المسجد، وأحكمت تطبيق التقسيم الزماني بمنعهم من دخوله خلال أوقات الاقتحامات، خاصة الصباحية.
فرض الطقوس
وكتب الباحث في شؤون القدس زياد ابحيص على حسابه في منصة إكس عن محاولة المتطرفين فرض الطقوس التوراتية في كل أجزاء الأقصى بأن ذلك يندرج في إطار "التأسيس المعنوي للهيكل"، والذي يعني التعامل مع المسجد وكأنه هيكل حتى وإن كانت أبنيته لا تزال إسلامية، على اعتبار أن هذا التأسيس المعنوي يشكل مقدمة للتأسيس المادي.
ويركز المقتحمون طقوسهم التوراتية في الساحة الشرقية للأقصى والتي يتعاملون معها وكأنها كنيس غير معلن، لكنهم يحرصون في الوقت عينه -وفقا للباحث- على توسيع نطاق الطقوس لمساحات أخرى في المسجد تعبيرا عن عدم اكتفائهم بها، وعن تمسكهم بتغيير هوية المسجد الأقصى بكامل مساحته.
أما عن طقس النفخ في البوق الذي يعتبر في الفهم التوراتي إعلان سيادة فحرصت الجماعات المتطرفة على تأديته في الأقصى علنا لتقول إن زمان الهيكل قد بدأ، وفقا للباحث ابحيص الذي أكد من خلال منشور على صفحته في فيسبوك أن النفخ في البوق بالأقصى عام 2023 كان إحدى مقدمات اندلاع شرارة طوفان الأقصى، وأن مواصلته اليوم هي محاولة لتفريغ الطوفان من معناه والقول إن العدوان على الأقصى يمضي رغم الطوفان "وهذا رهان صهيوني لا بد أن يفشل".
وتفاخر نشطاء جماعات الهيكل المتطرفة بكل هذه الانتهاكات، ومن بينهم أساف فريد الذي كتب على صفحته في فيسبوك معلقا على صورة تضم عشرات المستوطنين المقتحمين للأقصى "كل يهودي يصعد إلى جبل الهيكل يروج في الواقع لبناء المعبد".
تصعيد خطير
ودفعت هذه الانتهاكات الهيئات الإسلامية في القدس إلى إصدار بيان دعت فيه إلى "التحرك العاجل لوقف التصعيد الخطير في انتهاكات سلطات الاحتلال الإسرائيلي في الأقصى".
وجاء في البيان أن حكومة الاحتلال وأجهزتها الأمنية باتت تمكن المتطرفين اليهود من تغيير الوضع الديني والتاريخي والقانوني القائم في المسجد الأقصى المبارك، من خلال السماح لأعداد كبيرة منهم بتنفيذ حملة مسعورة من ممارسة الصلوات التلمودية والانبطاح ونفخ البوق وأداء الرقص والمجون والغناء والصراخ ورفع الأعلام وتكسير وسرقة حجارة المسجد، وذلك في تحد سافر ومستفز لكل مسلمي وأحرار العالم.
وأكدت الهيئات الإسلامية في بيانها أن انتهاكات المتطرفين باطلة قانونيا وتاريخيا ودينيا، وأنها تدنيس للمسجد الأقصى المبارك ومساس بقدسيته، وحذرت المسلمين عامة ومسؤوليهم خاصة من أن ينالهم غضب الله إن استمر الصمت والقعود عن حماية المسجد الأقصى المبارك.
يذكر أن عيد العرش الذي تضمن كل هذه الاعتداءات يعتبر أحد أعياد الحج الثلاثة لدى اليهود التي تتركز طقوسها في "المعبد"، وتقام قبل حلوله العُرش بجوار المنازل أو على أسطحها لمحاكاة حياة اليهود في التيه.
أما سعف النخيل المرتبط بعيد العُرش فيرمز في الديانة اليهودية إلى "المظلات المصنوعة من سعف النخيل، والتي أسكن الله فيها بني إسرائيل خلال تيههم في صحراء سيناء طوال 40 عاما بعد خروجهم من مصر بقيادة سيدنا موسى -عليه السلام- وهم في طريقهم إلى أرض الميعاد" حسب الرواية التوراتية.