طوباس - قدس الإخبارية: منذ يوم الأربعاء، 9 أكتوبر\تشرين الأول 2024، اندلعت اشتباكات عنيفة بين المقاومة وأجهزة أمن السلطة في طوباس، إثر محاصرتها منزل المطارد عبادة المصري في طوباس، واعتقال قائد كتيبة طوباس التابعة لسرايا القدس أحمد أبو العايدة، الذي يطارده جيش الاحتلال، في ظل تنفيذ أمن السلطة حملة اعتقالات يومية.
واعتقلت أجهزة أمن السلطة اعتقلت عددا من الشبان بمنطقة السوق القديم في طوباس، تزامنا مع استمرار الاشتباكات المسلحة، وفجّرت عبوات ناسفة أعدتها المقاومة للاحتلال، وأصيب شابًا فلسطينياً أصيب بالرصاص خلال الاشتباكات.
ولا تزال طوباس تشهد توترا وإغلاقا لبعض الشوارع بعد قيام أمن السلطة باعتقال مطارد آخر من قبل الاحتلال أعقبه اشتباكات مع أهالي المدينة.
ووجهت عائلة المطارد المعتقل أحمد أبو العايدة أحد قادة "كتيبة طوباس" رسالة للسلطة الفلسطينية، قالت فيها "لسنا دعاة انفلات أمني ولا فوضى، نحن أسرى محررون، وملفاتنا لديكم وطنية وعنواننا وحدة وبلد نظيف محرر. أيادينا مع أياديكم لمكافحة الفوضى والفساد والحشيش ولكن الأجدر بكم مساندتنا وليس محو أفكارنا ومعتقداتنا".
وأضافت عائلة أبو العايدة "نحن أبناء بلدكم، كفاكم ملاحقة لأبنائنا، حتى لا يأتي يوم نفعل ما يريد عدونا. أحمد أبو العايدة، صاحب الفكر والعقيدة المشرفة، مكانه بيننا وليس في سجنكم في الجنيد، اكسبونا قبل أن تفقدونا. تحملنا ما لا يُحتمل لأجل هذا البلد والمحافظة عليه".
وتابعت العائلة "نطالب أهالي طوباس والمسؤولين والعشائر والأسرى المحررين بالعمل على إنهاء هذه المهزلة. لن نهدأ حتى يعود أحمد إلينا، ونحن نخاطب بلغة الرقي والحل".
في الوقت ذاته دعت سرايا القدس الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي في بيان إلى نفير عام في المدينة وفك الحصار عن المقاتلين الذين تحاصرهم أجهزة أمن السلطة.
أما محافظة طوباس، فأصدرت أصدرت بيانًا، قالت فيه إنها لن تسمح بأي مظهر مسلح (استعراضي) تستغله حكومة الاحتلال لتنفيذ أجنداتها الإجرامية، وأنه سيتم فرض النظام والقانون في المحافظة ضمن خطة أمنية واضحة هدفها مصلحة المواطن الفلسطيني من أجل أن ينعم الجميع بالأمن والأمان" وفق البيان.
اعتقالات واسعة
في أعقاب ذلك، شنت أجهزة أمن السلطة في الضفة الغربية، حملة اعتقالات سياسية جديدة بحق النشطاء والمقاومين والطلبة الجامعيين، تزامنا مع استمرار عدوان الاحتلال في مناطق مختلفة بالضفة.
وداهمت أجهزة أمن السلطة مناطق عدة في محافظة طوباس، وقامت بتفتيش منازل الفلسطينيين والاعتداء عليهم، فيما اعتقلت الشقيقين راشد وهيثم القصراوي.
وأطلقت أجهزة السلطة النار خلال اعتقال الأسير المحرر سعيد سياجات، واعتدت عليه وعلى عائلته بمدينة طوباس الليلة الماضية، فيما فشلت في اعتقال أحد المطاردين لدى الاحتلال خلال ملاحقته في طوباس.
واعتدت أجهزة السلطة على الأسرى المحررين وعلى أمهات الشهداء والأسرى في منازل عائلة أبو سياج، بينما اعتقلت الشاب حسين غسان التايه على مدخل مخيم الفارعة، وهو شقيق لشهيد ولأسير في سجون الاحتلال.
وطالت اعتقالات أجهزة السلطة في بلدة عتيل بطولكرم عددا من الشبان، عُرف منهم لواء سليم، وحسين غنيم، وطارق ياسين، ويزن ناصر.
وتواصل أجهزة أمن السلطة اعتقال الشاب ليث حدرب من بلدة عتيل بطولكرم لليوم الثاني على التوالي.
يشار إلى أن تصاعد حملات الاعتقال السياسي في الضفة، تتزامن مع عدوان الاحتلال وحملات الاعتقال التي نفذها بشكل غير مسبوق منذ السابع من أكتوبر لعام 2023.
الفصائل تدين
أدانت فصائل فلسطينية ملاحقة أجهزة أمن السلطة المقاومين في مدينة طوباس والضفة الغربية، ومحاولة اعتقالهم وتفكيك عبواتهم، والكشف عن أفخاخهم.
وقالت حركة حماس إن استمرار أجهزة أمن السلطة في اعتداءاتها على أبناء شعبنا وما شهدناه من إطلاقها للرصاص الحي تجاه الأهالي في مدينة طوباس، وما تقوم به من حملات مداهمة للمنازل واعتقال للمواطنين، واعتداءات على النساء والأطفال وكبار السن، رغم نداءات الحركة والحركات الوطنية والمجتمعية، ينذر بمستوى خطير من التعامل مع المسائل الوطنية، ويستلزم وقفة جادة من المجتمع والفصائل ومن قيادة حركة فتح.
وأضافت أن قمع أجهزة أمن السلطة للفلسطينيين على خلفية مطالبتهم بكف يدها عن أبنائهم، واستمرار اعتقالها للمطاردين وآخرهم المقاوم أحمد أبو العايدة، وغيره من المقاومين والمعتقلين السياسيين، هو تجاوز خطير وضرب جديد للنسيج الوطني والمجتمعي، وتساوق تام مع عدوان الاحتلال وبطشه بشعبنا المتعطش للحرية.
وأكدت أن هذه الممارسات المشينة تأتي في وقت مصيري وحساس من تاريخ قضيتنا، حيث استمرار حرب الإبادة على شعبنا في غزة والضفة، وهو ما يتطلب موقفاً وطنياً من قيادة السلطة تنحاز فيه باتجاه حماية الشعب الفلسطيني، لا أن تقوم بقمعه والتنكيل به.
ودعت قيادة السلطة للوقف الفوري والتام لملاحقاتها واعتداءاتها، وكف يد أجهزتها عن مقاومينا وأبناء شعبنا، والإسراع في إطلاق سراح المعتقلين السياسيين، كما طالبت كافة الفصائل والقوى والهيئات القانونية والحقوقية بالوقوف في وجه ممارسات أجهزة السلطة، لما لها من تداعيات خطيرة على مجتمعنا وقضيتنا.
وأدانت حركة الجهاد الإسلامي إطلاق أجهزة أمن السلطة النار على الأسيرة المحررة المجاهدة، عطاف جرادات، والدة الأسيرين غيث الله وعمر جرادات، ما أدى إلى إصابتها بجراح.
وقالت إن هذه الممارسات مستنكرة ولا تمت للأعراف والقيم الوطنية بصلة، وتتعارض مع ما يتوجب على السلطة القيام به في حماية شعبنا في مواجهة إجرام جيش الاحتلال وعصابات المستوطنين، لا سيّما في ظل الحملات العدوانية على مخيمات الضفة ومدنها.
ودعت حركة الجهاد الإسلامي السلطة في رام الله إلى كف يد أجهزتها الأمنية عن المقاومين، ووقف تغولها على شعبنا الذي يمارس حقه الطبيعي في مواجهة الاحتلال.
كما دعت "العقلاء في حركة فتح وكل الشخصيات والقوى الوطنية إلى إلجام أجهزة أمن السلطة عن ممارساتها المدانة."، وفق ما جاء في البيان.
واستنكرت حركة المجاهدين إقدام أجهزة أمن السلطة على مطاردة و ملاحقة المجاهدين واعتقالهم ومصادرة أسلحتهم وتفكيك العبوات والأفخاخ والكشف عنها في طوباس ومناطق أخرى من الضفة الغربية ، وإطلاق النار على الأسيرة المحررة عطاف جرادات واصابتها بجراح.
ودعت حركة المحاهدين السلطة لوقف تلك السلوكيات الخارجة عن القيم الوطنية في الوقت الذي يجب عليها أن توفر الحماية لشعبها من عدوان قوات الاحتلال الصهيوني وقطعان مستوطنيه في مدن الضفة لا أن تلاحق من يقوم بالواجب الذي تخلت عنه ..
وجددت دعوتها إلى موقف فلسطيني موحد يوقف تلك السلوكيات العبثية ويعزز من صمود شعبنا وتماسك جبهته الداخلية في ظل عدوان صهيوني يستهدف الوجود الفلسطيني برمته نوجه دعوتنا للعقلاء في حركة فتح والسلطة لوقف هذه الممارسات اللاوطنية من قبل الأجهزة الأمنية
شخصيات فلسطينية ووطنية ترفض
أبدت شخصيات وطنية وسياسية فلسطينية رفضها لسلوك لأجهزة أمن السلطة، التي زادت من وتيرة ملاحقتها بحقّ كتائب المقاومة في مناطق شمال الضفة الغربية المحتلة، خاصّة في طوباس، إذ تستمر المواجهات بالحجارة وإغلاق الطرق وإشعال الإطارات المطاطية في شوارع طوباس منذ 5 أيام بين الشبّان الغاضبين وأفراد كتيبة طوباس، على خلفية ملاحقتهم من قبل أجهزة أمن السلطة خاصّة بعد اعتقالها قائد الكتيبة أحمد أبو العايدة من مركبته قرب مخيّم الفارعة، في الثامن من الشهر الجاري.
ومنذ لحظة اعتقال أبو العايدة، يخرج مئات الشبان الغاضبين يوميًا إلى الشوارع، ومعهم ذوي الشهداء والمطاردين للاحتلال، إلا أن الأجهزة الأمنية تعاملت معهم بالقمع، والضرب، وإلقاء القنابل المسيّلة للدموع صوب تجمّعهم، إضافة إلى تنفيذ اقتحامات لمنازل الشبّان المطاردين، واعتقالهم عدد منهم بعد نصب كمائن لهم في الطرقات، أو عبر اقتحام مكان تواجدهم في منطقة "السوق القديم".
واعتبر نائب رئيس المجلس التشريعي، حسن خريشة في حديث لـ"شبكة قُدس"، أن ممارسة الملاحقة بحقّ المقاومين في طوباس، "أمر غير مفهوم، وغير منطقي، ومرفوض شعبيًا ووطنيًا وأخلاقيًا، خاصّة وأن الاحتلال الإسرائيلي يركّز هجماته بحقّ مدن وقرى ومخيّمات شمال الضفة، ولذا فإن المقاومة بهذه المناطق والأماكن تعتبر أمرًا مطلوبًا".
وتابع: "قد يتفهم الناس موقف السلطة بأنها لا تريد أن تقاوم بسبب التزاماتها بالاتفاقيات مع الاحتلال، وحديثها المتكرر عن عدم القدرة على المواجهة، لكن من غير المفهوم أن تتم ملاحقة المناضلين والمقاومين وتشويه صورتهم وتفكيك العبوات التي أعدت لمواجهة اقتحامات الاحتلال للمخيمات، لا سيما وأننا لا نعيش حياة طبيعية، بل إبادة يومية في قطاع غزة والضفة، ما يستدعي أن تعود العلاقة مع الاحتلال إلى شكلها الطبيعي، أي عبر المقاومة".
ولفت خريشة إلى أن أفراد كتيبة طوباس غير طارئين على الحالة النضالية، حيث أنهم ظهروا قبل معركة 7 أكتوبر واستمروا بعدها. مضيفًا: "قائد كتيبة طوباس، أحمد أبو العايدة، يقاوم منذ عام 2022 وتعرض لمحاولات اغتيال عديدة، وهو جريح بفعل عدوان الاحتلال، لذا فإن اعتقاله أمر غير مفهوم، وهذا يذكّرنا بما جرى مع قائد كتيبة طولكرم الشهيد محمد جابر -أبو شجاع-".
وأشار خريشة إلى أن المقاومين في كتيبة طوباس، أعلنوا مرارًا أن سلاحهم غير موجّه صوب أحد سوى الاحتلال، وهذه الصيغة التي يتم تبنيها وطنيًا، ولذا فإن السلطة مطالبة اليوم، بأمور عديدة، أبرزها: "عدم ملاحقة المقاومين، وعدم اعتراضهم عملهم، وأن يتخلى من اتخذ قرار ملاحقتهم عن قرار، ثم يعتذر عن ذلك، وأن يتم اعتبار المقاومين حالة وطنية يمنع المساس بها". مضيفًا: "الاحتلال أضعف السلطة بشكل كبير، رغم أنها لا يريد انهيارها، لكنه أيضًا يريد لها أن تكون ضعيفة وغير قادرة فعل شيء بالموضوع الوطني".
وأضاف: "الاحتلال لا يفرّق بين مقاوم، أو مفاوض، أو سلطة عند اقتحامه المدن الفلسطينية، وهو الآن لا يعترف بالسلطة ولا بالاتفاقيات الموقّعة، وينتهك مناطق السيادة الفلسطينية بشكل يومي، وبات الوزير الإسرائيلي المتطرف بتسلئيل سموتريتش، هو الحاكم الفعلي للضفة، ولذا فإن السلطة مطالبة بالوضوح في هذه القضية، وأن تمنع ملاحقة واعتقال وتشويه المقاومين، خاصّة وأن دماء العديد من أبناء الأجهزة الأمنية امتزجت بدماء المقاومين".
بدوره، يقول الأسير المحرر وعضو الحراك الوطني الديمقراطي، عمر عسّاف لـ "شبكة قُدس"، إن السلطة الفلسطينية في قمعها الحالة الوطنية في طوباس، تؤكد ما يتم تداولها إعلاميًا بأن الأجهزة الأمنية اتفقت مع الاحتلال على ملاحقة المقاومين، وتعهّدت بعدم وجود أي مظاهر مقاومة للاحتلال، إلا أن ما يزيد المشهد تعقيدًا هو أن هذه السلوكيات تأتي في ظلّ تصاعد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة ولبنان.
وتابع: "سلوك السلطة في طوباس يتعاكس مع إرادة الشعب والجماهير، ويمثّل عزلة وإدانة لها، خاصة وأنه يأتي انعكاسًا لالتزامات السلطة باتفاقيات التنسيق الأمني مع الاحتلال، والتي تأتي تحت ذرائع مختلفة وحجج واهية، والتي نراها في سياق تفكيك العبوات التي تتحدث عنها السلطة بشكل علني". وحول ادعاء شخصيات رسمية في السلطة الفلسطينية حول عدم وجود تنسيق أمني مع الاحتلال، رد عسّاف: "هذا محض كذب، والشاهد أنه عند اعتقالي الأخير أبلغوني في الأجهزة الأمنية أن اعتقالهم الشبّان المتظاهرين في رام الله جاء على خلفية هتافهم ضد التنسيق الأمني".
واعتبر عسّاف، أن سلوك السلطة ينعكس على السلم الأهلي والمجتمعي بشكل سلبي خصوصًا عند حالات الاعتقال التي تتم من قبل أجهزة أمن السلطة لأقرباء وجيران المطاردين. مشيرًا إلى أنه مطلوب الآن موقف وطني واضح لردع السلطة عن سلوكها، وأن يتم رفع الصوت عاليًا أمام السلوك البائس الذي يتغول في في القمع الأمني وملاحقة المقاومين، وفق تعبيره.
أما القيادي في حركة فتح، وعضو مجلسها الثوري، فخري البرغوثي، يرى أن أجهزة أمن السلطة لم يعد هناك ما يشغلها سوى ملاحقة الحالة الوطنية في طوباس وجنين، "وكأنه لا يوجد أمامنا مشاكل ومعاناة من الاحتلال، لذا عليهم أن يحاسبوا أنفسهم، لأنهم باتوا بعيدين عن الانتماء لشعبهم" بحسب قوله.
وأضاف: "لا نريد من الأجهزة شيئًا سوى الابتعاد عن الوطنيين، وأن يكفّوا أيديهم عنهم، لأ ما يفعلوه في طوباس ليس في صالحهم، والقوى الوطنية اليوم مطالبة بالوقوف ومتابعة ما يجري في طوباس بحقّ من يعملون على خلق حالة وطنية فيها".
وكانت محافظة طوباس قد أصدرت بيانًا، قالت فيه إنها لن تسمح بأي مظهر مسلح (استعراضي) تستغله حكومة الاحتلال لتنفيذ أجنداتها الإجرامية، وأنه سيتم فرض النظام والقانون في المحافظة ضمن خطة أمنية واضحة هدفها مصلحة المواطن الفلسطيني من أجل أن ينعم الجميع بالأمن والأمان" وفق البيان.
وردًا حول هذه الجزئية من البيان، تساءل البرغوثي قائلًا: "قبل أسابيع اقتحموا مقرّ الجزيرة وسط مدينة رام الله، ويوميًا هناك اعتداءات في قرى رام الله، والأجهزة لا تحمي هذه المناطق، والآن يريدون حماية طوباس! اقتحامات المستوطنين يومية، والاحتلال لا يريد مبررًا لفعل أي شيء، ولا يتعامل مع السلطة على أنها موجودة بل عمل على تفكيكها، باستثناء الأجهزة الأمنية التي تتلق أوامر خارجية، ومن الواضح أن مهمتهم الآن هي مطاردة الناس في جنين وطوباس".