شبكة قدس الإخبارية

بعد كسر الاحتلال لقواعد الاشتباك: المواجهة مع لبنان أصبحت حتمية

بعد كسر الاحتلال لقواعد الاشتباك: المواجهة مع لبنان أصبحت حتمية

خاص - قدس الإخبارية: باتت الساحة اللبنانية على صفيح ساخن في أعقاب رفع الاحتلال الإسرائيلي وتيرة التصعيد العسكري، لا سيما منذ السابع عشر والثامن عشر من الشهر الجاري عقب تنفيذ الاحتلال هجمات إرهابية استهدفت أجهزة "البيجر"، وأجهزة الاتصال اللاسلكي "ووكي توكي" التي يستخدمها عناصر من حزب الله في لبنان. 

 وعلى إثر الهجمات ارتقى نحو 40 شهيدًا وآلاف الإصابات بين صفوف حزب الله والمدنيين اللبنانيين، وصولًا إلى تنفيذ الاحتلال غارة طالت مبنيين يتواجد فيهما عدد من قادة حزب الله العسكريين، وتحديدًا قائد وحدة الرضوان، إبراهيم عقيل الذي أعلن حزب الله مؤخرًا استشهاده، إضافة لارتقاء نحو 30 شهيدًا خلال الغارة.

ويعتبر التصعيد الإسرائيلي مؤخرًا، تجاوزًا واضحًا لقواعد الاشتباك المتعارف عليها منذ انخراط حزب الله في المواجهة مع الاحتلال الإسرائيلي عقب بدء عملية طوفان الأقصى، إذ تجاوز التصعيد الحالي شكل المواجهة السابقة، على أنه لم يصل حتى اللحظة لمرحلة المواجهة المفتوحة والتصادم الكبير؛ وذلك لعدم رغبة حزب الله والمقاومة في لبنان الانجرار للمدى والحجم التصعيدي والوقت الذي يريده الاحتلال الإسرائيلي، ومن جانب آخر وجود اعتبارات ميدانية مرتبطة بترتيب الحزب صفوفه بعد تلقي استهدافات عديدة في وقت قياسي تزامنًا مع تلويح إسرائيلي بتوسيع مساحة الصراع وحدّتها مع المقاومة في لبنان. 

ويطرح الإجماع السياسي والعسكري الإسرائيلي على ضرورة فتح مواجهة شاملة مع لبنان خاصّة بعد نقل قوات إسرائيلية من قطاع غزّة إلى شمال الأراضي المحتلة، تساؤلات حول استعداد الساحة اللبنانية للمواجهة.

ويقول وزير الخارجية اللبنانية الأسبق، عدنان منصور في لقاء مع "شبكة قدس" إن الحكومة والجيش اللبناني والشعب، كلّهم في موقع واحد لا يمكن لهم أن يكونوا ضد المقاومة أو أن يقفوا على الحياد، وذلك لأن الاستهدافات الإسرائيلية تطال الجميع في لبنان بما فيهم المدنيين، وهي استهدافات غير مسبوقة. 

وأشار منصور إلى أن الاحتلال إذا أراد توسيع الحرب، فإن المقاومة في لبنان ستجد نفسها ملزمة بالمواجهة بغض النظر عن الاعتبارات الداخلية. مضيفًا: "الداخل اللبناني يتفهّم الأمر، لأن الأطماع الإسرائيلية في لبنان لا تخفى على أحد، والشاهد على ذلك تجربة أهالي جنوب لبنان مع الاحتلال على مدى 22 عامًا بين عامي 1978 - 2000 حيث عاشوا التنكيل والاعتداء والإرهاب الإسرائيلي، ولذا اليوم هم أكثر تمسّكًا بالمقاومة، وأكثر إصرارًا على المواجهة". 

وردًا على وجود خلافات لبنانية داخلية حول المواجهة مع الاحتلال، أجاب منصور: "الخلافات السياسية في لبنان طبيعية كما دول العالم، حيث أن هناك وجهات نظر سياسية متباينة داخليًا، لكن عند الاستحقاق ووجود تهديد من عدو يريد أن يحتل، عندئذٍ يصبح الشعب في خندق واحد مع المقاومة، وهذا ما يحصل الآن في لبنان، ويبدو جليًا بعد عمليات الاحتلال الإجرامية مؤخرًا، وهناك التفاف وتضامن وطني وشعبي وحكومي". 

وبيّن منصور أن أطماع الاحتلال لا تطال الأراضي الفلسطينية فقط، حيث أن العقيدة والخريطة التوراتية لهم لا تقف على حدود، وتستهدف المناطق الشرقية في المنطقة كلّها، بما فيها سوريا والأردن وشمال سيناء وأجزاءٍ من السعودية، وذلك جاء واضحًا من خلال تصريحات رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو بأنهم بدأوا للتو بتغيير الشرق الأوسط. 

وتسارعت الجهود الدولية الساعية لاحتواء المشهد عقب التصعيد الإسرائيلي، حيث قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون موّجهًا خطابه إلى اللبنانيين، الخميس الماضي، إن المسار الدبلوماسي موجود، وإن الحرب ليست حتمية، وإن فرنسا تقف إلى جانب اللبنانيين.

فيما قالت صحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية إن ماكرون حذّر نتنياهو أمس من أنهم يدفعون المنطقة إلى حرب، وردّ الأخير بأن على فرنسا زيادة الضغط على حزب الله لوقف هجماته. 

ويقول وزير الخارجية اللبنانية الأسبق، إن نتنياهو لا يكترث لمواقف الدول الكبرى، بما فيهم فرنسا، متسائلًا: "ماذا تستطيع فرنسا فعله، هي لا تقدر على إدانة دولة الاحتلال، وعلى العكس تعطيهم مبررات، والوساطة الفرنسية شكلية لتقول إنها موجودة على الأرض، والقرار الحقيقي ليس بيدها، بل بيد الولايات المتحدة الأمريكية".

ويرى منصور الذي شغل منصب سفير لبنان في إيران، أن الاحتلال يحاول الزجّ بإيران كي تخوض حربًا في المنطقة، وتدخل لاحقًا فيها أمريكا والدولة الغربية، ويتسع الصراع لاحقًا على قاعدة أن إيران اعتدت على دولة الاحتلال.

 ولذا فإن إيران - وفق منصور، تفكّر بمنطق الدول، وتعمل على دعم المقاومة لوجستيًا وماديًا وعسكريًا بشكل معلن، ما أدى إلى أن تنحصر المعركة اليوم بين قوى المقاومة التي تواجه عدوانًا إسرائيليًا في لبنان وغزّة على قاعدة الدفاع عن النفس، أما الموقف الإيراني سيكون له ردّ وفق حساباتهم الخاصّة بالطريقة المناسبة والشكل العسكري ردًا على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية. 

ويعتبر منصور أن الاحتلال تجاوز قواعد الاشتباك السائدة على الحدود اللبنانية والفلسطينية المحتلة القائمة على مساحة تقدّر بـ 7 كيلومتر، حيث انتقلت لاستهداف داخل العمق اللبناني، بمناطق بعيدة عن الحدود نحو 100 كيلومتر، وذلك ردًا على الإنجازات غير المسبوقة التي حققتها المقاومة في لبنان، من إجبار عشرات الآلاف من المستوطنين على النزوح وتعطيل الحياة الاقتصادية في شمال فلسطين المحتلة، وإمكانية استهداف المواقع العسكرية الإسرائيلية بأكثر من 200 صاروخ في اليوم الواحد. 

وختم منصور حديثه قائلًا: "في نهاية الأمر موقف حزب الله كان صارمًا بأنه لن يوقف القتال قبل أن يوقف الاحتلال عدوانها على غزة، وهذا كلام يمثل الجمهور" 

بدوره، يقول رئيس تيار صرخة وطن من لبنان، جهاد ذبيان في حديث مع "شبكة قدس" إن رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو يسعى لجرّ الولايات المتحدة الأمريكية إلى الخوض في حرب إسرائيلية على لبنان، غير أن المقاومة اللبنانية لن تتعاطى مع الزمان والمكان الإسرائيلي للمواجهة، وهي من ستحدد شكل الرد الذي يتناسب مع حجم العدوان الإسرائيلي الذي طال قيادات في حزب الله، ومدنيين لبنانيين. 

وتابع: "الاحتلال الإسرائيلي استهدف المدنيين اللبنانيين بعمليات واستهدافات محددة أكثر من عشر مرّات، والمقاومة في لبنان لم ترد باستهداف مماثل، وهذا يحسب لها، لكن إن استمر العدوان بهذا الشكل فإن رد المقاومة في لبنان هو مسألة وقت لا سيما بعد خطاب الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، الذي أكد فيه أن الرد قادم والقرار ضمن الدوائر الضيّقة في الحزب، ما يعني أن بشكل حتمي أن الاحتلال لن يستطيع وحده مواجهة المقاومة اللبنانية التي باتت في جهوزية تامة واستعداد واضح للمواجهة". 

وأشار ذبيان إلى أن قوى محور المقاومة اليوم تكتسب شرعيتها من الشعوب العربية والحرّ المؤيّدة لها في المنطقة، وخاصة في لبنان حيث هناك إجماع على أن العدوان الإسرائيلي يجب أن يواجه بردٍ من قوى المقاومة، مضيفًا: "إذا فرضت علينا الحرب، فإنها الحرب التي لا خيار أمامنا فيها سوى المواجهة كما يقول المثل العربي الشهير (مكره أخوك لا بطل) بمعنى أن الضرورة تلزم لبنان على المواجهة الشجاعة للعدو الإسرائيلي الذي تلقى ضربات متتالية منذ بدء طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر، وكانت الضربة الأخرى دخول الساحة اللبنانية في المواجهة، وربط نفسها مع ساحة المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة".