شبكة قدس الإخبارية

بعد تفجيرات البيجر.. هل تنجح "إسرائيل" في فك الارتباط بين جبهتي لبنان وغزة؟

photo_2024-09-18_11-48-36

فلسطين المحتلة - شبكة قُدس: في الوقت الذي اعتبر محللون سياسيون، أن تفجير أجهزة البيجر في عدة مواقع في لبنان بالأمس، ضربة أمنية لحزب الله، تمكن خلالها الاحتلال الإسرائيلي من تفجير نحو 3000 جهاز موقعا عددا من الشهداء وآلاف الإصابات في صفوف المواطنين اللبنانيين؛ رأى آخرون أن هذه الضربة وإن كانت موجعة إلا أنها فشلت وستفشل كما الاغتيالات في صفوف القادة في تغيير تصورات وخطط الحزب، خاصة تلك المتعلقة بمساندة المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة والتي بدأت منذ أكتوبر 2023.

هذه الضربة التي استهدفت عناصر الحزب من خلال أجهزة "البيجر" التي يستخدمونها إلى جانب استخدامها من قبل الطواقم الطبية؛ جاءت عقب إعلان إسرائيلي بإحباط محاولة اغتيال باستخدام عبوة ناسفة من نوع "كليماغور" زرعها حزب الله، كانت تستهدف مسؤولًا أمنيًا إسرائيليًا.

تشكل العملية التي نفذها وتجنب الحديث عن تفاصيلها الاحتلال الإسرائيلي يوم أمس، مرحلة جديدة في التصعيد مع حزب الله، خاصة وأن الاحتلال يسعى لإثبات نفسه بعد الهزيمة والفشل المدويين اللذين لحقا بالاحتلال الإسرائيلي في السابع من أكتوبر.

أراد الاحتلال من خلال تفجيرات لبنان، إثبات أنه قادر على توجيه ضربة قوية لحزب الله بتكاليف أقل مقارنة بالاستهداف بالصواريخ والمسيرات وعمليات الاغتيال، حتى أن "إسرائيل" وبسبب الهزيمة في 7 أكتوبر، أصبحت بحاجة إلى إثبات أنها متفوقة أمام خصومها.

وبعدما فشلت "إسرائيل" في القضاء على المقاومة في قطاع غزة وسط تأكيدات من عسكرييها بأن القضاء على حماس على وجه الخصوص أمر مستحيل، أرادت أن تظهر "صورة نصر" ولو مؤقتة أمام جمهورها وأمام العالم.

من جانبه، شدد حزب الله اللبناني، في بيان له، أن المقاومة الإسلامية في لبنان ستواصل اليوم كما في كل الأيام الماضية عملياتها المباركة لإسناد ‏غزة وأهلها ومقاومتها وللدفاع عن لبنان وشعبه وسيادته. وأكد أن هذا المسار متواصل ومنفصل عن الحساب ‏العسير الذي يجب أن ينتظره العدو المجرم على مجزرته يوم الثلاثاء التي ارتكبها بحق شعبنا وأهلنا ‏ومجاهدينا في لبنان، فهذا حساب آخر وآتٍ. ‏

وبحسب حزب الله، فإن "ما حصل بالأمس سيزيدنا عزمًا وإصرارًا على المضي في طريق الجهاد والمقاومة ونحن على ‏يقين مطلق بوعد الله تعالى للمؤمنين المجاهدين الصابرين بالنصر".‏

وفي الوقت ذاته، تشكل الضربة، اختبارا لقدرات حزب الله السيبرانية واللوجستية، وأراد إشغاله في بنيته التحتية الصحية والاجتماعية استعدادا ربما لعملية أوسع في الجنوب اللبناني، بالإضافة إلى ضرب بنية الاتصالات الداخلية للحزب.

وفيما لو اندلعت مواجهة شاملة مع الحزب، فإن التحدي الأبرز بالنسبة للمؤسسات العسكرية والأمنية الإسرائيلية يكمن في تحصينات الحزب في الأودية والجبال، والتي لا قدرة للطيران الحربي على تحقيق إصابات مباشرة فيها، مما يرفع مستوى التحدي أمام الإسرائيليين، وهذا الواقع الجغرافي المعقد يضع "إسرائيل" أمام تحديات عسكرية وأمنية.

وأكد كتاب ومحللون سياسيون فلسطينيون، أن تفجير أجهزة البيجر، فيها رسائل أهمها محاولة تحقيق ردع مجتمعي ومحاولة ضرب الجبهة الداخلية لدى الحزب اللبناني، خاصة فيما لو استمر في جبهته المساندة للمقاومة في قطاع غزة، التي أكدت فصال فلسطينية في سياقها تثمينها لدور الحزب في مساندة المقاومة الفلسطينية واعتبرت التفجيرات هجوما يدل على مستوى الإحباط والشعور بالفشل إسرائيليا.

كما أرادت "إسرائيل" إيصال رسالة لحزب الله اللبناني، بأن استمراره في جبهته المساندة لغزة سيصل آثارها إلى كل مواطن لبناني. ورغم أن حزب الله خسر عددا من قادته وعناصره "على طريق القدس" في تصعيده المساند لجبهة غزة إلا أن لم يعلن يوما توقف ضرباته واستهدافاته لمواقع إسرائيلية، التي أدت إلى إخلاء مستوطنات شمال فلسطين المحتلة بشكل شبه كامل وحولتها إلى مدن أشباح.

ومن بين الرسائل التي أرادها الاحتلال من الهجوم؛ وهي رسالة سياسية إلى الدولة اللبنانية بأن المواجهة مع الاحتلال لن تقتصر على حزب الله وحده بل ستصل لكل ما هو لبناني، كفصل من فصول الإبادة الجماعية التي تمارسها "إسرائيل" في لبنان، وامتداد للصمت العالمي على الجرائم والمجازر الإسرائيلية في قطاع غزة.

وعلى مدار التاريخ، فإن عمليات الاستهداف والاغتيال التي يمارسها الاحتلال بحق المقاومة، لم تحقق هدفها المرجو، ولم يتمكن الاحتلال لا من القضاء على المقاومة ولا التأثير على قاعدتها الشعبية.

ويعد حادث تفجير أجهزة اتصال حزب الله الأول من نوعه منذ التصعيد بين حزب الله والاحتلال الإسرائيلي قبل نحو عام، وهو ما اعتبرته مصادر أمنية لبنانية أكبر خرق أمني يشهده لبنان منذ سنوات.

واعتبر خبراء عسكريون، أن عملية تفجير أجهزة الاتصال اللاسلكي لحزب الله، استخدمت فيها إسرائيل تقنية عالية الدقة، من خلال رصد الحيز الترددي لتلك الأجهزة ومن ثم استهدافها بموجات كهرومغناطيسية تتسبب قوة هذه الموجات في انفجار بطارية الجهاز وتسبب إصابات بالغة لمن يحمله.

وفي السياق، أفاد موقع "المونيتور" نقلا عن مصادر استخباراتية، بأن "إسرائيل نفذت الهجوم بعد جمع معلومات أن اثنين من حزب الله اكتشفا اختراق الأجهزة"، مشيرا الى أن "آلاف الأجهزة التي حصل عليها حزب الله فخختها إسرائيل قبل تسليمها للحزب، وأن الخطة الأصلية كانت تفجير الأجهزة إذا اندلعت حرب شاملة لتحقيق تفوق استراتيجي".