خاص - شبكة قدس الإخبارية: في ظلال حرب الإبادة التي يرتكبها جيش الاحتلال في قطاع غزة منذ أكثر من 11 شهر، تمر اليوم ذكرى مجزرة صبرا وشاتيلا التي وقعت قبل 42 عام ضد اللاجئين الفلسطينيين في مخيمي صبرا وشاتيلا في لبنان.
تمر اليوم الذكرى دون اختلاف في العقيدة الإجرامية الصهيونية التي ارتكبت تلك المجزرة عام 1982، والتي تنفذ اليوم المجازر في قطاع غزة، فالهدف الصهيوني ما زال قائماً منذ تلك الأيام، والذي يتمحور حول إنهاء الموجود الفلسطيني بشكلٍ كلي.
الدم الفلسطيني المسفوك بين الاحتلال وعملائه
في أعقاب الاجتياح الإسرائيلي للبنان صيف عام 1982، وبعد 3 شهور من القتال المتواصل، توصلت التفاهمات إلى ضرورة خروج فصائل منظمة التحرير الفلسطينية بسلاحها من لبنان بعد ضمانات أمريكية ودولية بحماية المخيمات والتجمعات السكنية الفلسطينية في لبنان.
لم تلبث قوات حفظ السلام الدولية حتى انسحبت وتركت المخيمات الفلسطينية دون حماية، وبالتزامن مع ذلك قُتل قائد حزب الكتائب اللبناني بشير جميل و26 من أعضاء حزبه بعد تفجير استهدفهم ببيروت، وكان ذلك في 14 أيلول/سبتمبر 1982، وبعد يومين بالضبط دخلت 3 فرق تابعة لمليشيات القوات والكتائب قادها إيلي حبيقة وبمشاركة قوات تابعة لجيش لبنان الجنوبي بقيادة الرائد سعد حداد إلى مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في صبرا وشاتيلا، تحت ذريعة البحث عن 1500 مسلح فلسطيني.
وأثناء الاقتحام، طوق جيش الاحتلال الإسرائيلي المنطقة، وأطلق القنابل المضيئة لتسهيل مهمة المجموعات اللبنانية، فيما نُشرت بعض المعلومات التي قالت إن أرييل شارون وزير حرب الاحتلال اعتلى سطح مبنى السفارة الكويتية السابق والمطل على المخيم، للإشراف بنفسه على مجريات المجزرة.
وعلى مدار 3 أيام بلياليها، ارتكبت المجموعات اللبنانية الانعزالية وجنود الاحتلال الإسرائيلي مذابح بشعة ضد أهالي المخيم العزل، استخدموا فيها الرشاشات والمسدسات والسكاكين والسواطير والبلطات.
ونقل شهود عايشوا المجزرة مشاهد لحوامل بقرت بطونهن وألقيت جثثهن في أزقة المخيم، وأطفال قطعت أطرافهم، وعشرات الأشلاء والجثث المشوهة التي تناثرت في الشوارع وداخل المنازل المدمرة، كما اقتادوا ممرضين وأطباء من مستشفى عكا إلى وجهات أخرى حيث تمت تصفيتهم.
وبعد عقودٍ على المجزرة لا زال عدد الضحايا الشهداء غير واضح بشكلٍ نهائي، فيما تُشير التقديرات إلى أن عدد ضحايا المجزرة يترواح بين 700 إلى 5000 شهيد فلسطيني بينهم مواطنون لبنانيون.
حرب مستمرة على الوجود الفلسطيني
سعى آرائيل شارون عند ارتكاب مجزرة صبرا وشاتيلا إلى إنهاء الوجود الفلسطيني في لبنان، لتأمين الحدود الشمالية لفلسطين المحتلة من المقاومة الفلسطينية في لبنان، ولربما كانت عقيدة شارون المُستمدة من الصهيونية الدينية تهدف إلى قتل الفلسطينيين في كل مكان وحسم الصراع عن طريق القضاء عليهم.
من جانب آخر يستمد جيش الاحتلال عقيدته القتالية من أسفار التوراة المُحرفة والتلمود الديني، والذي يُبيح لليهود قتل العرب لمنع أي تهديدٍ ديموغرافي على "مملكة إسرائيل الكبرى"، وفي الواقع تُمارس هذه المجازر كسياسة تطهيرٍ عرقي ذات جذور استعمارية، تُنهي وجود الفلسطينيين بالقتل والتشريد، لإحلال وفود اليهود القادمين من كل دول العالم في فلسطين مكان السكان الإصليين، بينما كانت معضلة شارون مع المخيمات الفلسطينية في لبنان عام 1982 هو إنهاء الحق الفلسطيني بالعودة إلى فلسطين التاريخية التي سيطر عليها الاحتلال، عن طريق قتل صاحب الحق.
وبحسب أحد أسفار التوراة، يتم مخاطبة اليهود بالنص الصريح أن عند ذهابهم إلى الأرض التي وعدهم الله بها، يتوجب عليهم قتل سكانها وطرهم وعدم الشفقة عليهم، ومن العقائد التوراتية التي تدعو لذلك عقيدة "يوشع بن نون" وهي العقيدة التي ذكرها أحد قادة الاحتلال القدامى "ديفد بن غوريون" ودعى إلى وجوب استمرارها في أوساط جنود الاحتلال لتستمر "دولة إسرائيل" على حد قولهم.
تجلى ذلك في مجزرة صبرا وشاتيلا ولا زال مستمراً حتى يومنا هذا على يد جيش الاحتلال في قطاع غزة وحتى بالضفة الغربية، من خلال عمليات القتل الموسعة التي تستهدف الفلسطينيين دون التمييز بين نساء أو أطفال أو رجال.
الوجد الفلسطيني في لبنان.. هل انتهى بعد المجزرة؟
في أعقاب المجزرة عاشت المخيمات الفلسطينية في لبنان ظروفاً مأساوية مع استمرار الحرب الأهلية اللبنانية في سنوات الثمانينات وحرب المخيمات، فيما لم تنجح كافة الأحداث والأخطار من اقتلاع الوجود الفلسطيني في لبنان، بالمقابل لم يتنازل فلسطينيو المخيمات عن حقهم بالعودة بل واستمر تمسكهم بهويتهم الفلسطينية على مدار العقود الماضية.
ومع انطلاق معركة طوفان الأقصى افتُحت المشاركة النضاليّة المتصاعدة للفلسطينيين في لبنان البابَ أمام محاولات استعادة فاعلية تلك المخيمات، ونقلها إلى مساحة جديدة من العمل الوطني تُغذيها دماء الشهداء، وذلك بعد أن غُيبت هذه المخيمات لسنواتٍ طويلة، وأُنهكت بالخلافات الداخلية.
ومنذ اليوم الأول للمعركة، دخلت فصائل المقاومة الفلسطينية في لبنان (كتائب القسام، سرايا القدس، قوات الفجر) إلى جانب المقاومة في قطاع غزة، ومنذ الأيام الأولى وأطلقت رشقات صاروخية المستوطنات الشمالية ومواقع جيش الاحتلال على الحدود مع فلسطين المحتلة.
وخلال المعركة قدمت المخيمات الفلسطينية عدداً من أبنائها شهداء في عمليات عسكرية بمنطقة الجنوب اللبناني، تنوعت هذه العمليات بين الاشتباكات المسلحة ومحاولات التسلل، وعمليات الإطلاق الصاروخي، إضافة لعمليات اغتيال مباشرة نفذها سلاح جو الاحتلال ضد قيادات من الفصائل الفلسطينية.