شبكة قدس الإخبارية

العملية العسكرية شمال الضفة.. بين الأسباب والنتائج المتوقعة

2024-09-03 16.11.36

 خاص - شبكة قدس الإخبارية: منذ 8 أيام متتالية، يتواصل العدوان الإسرائيلي على شمال الضفة الغربية، مع تكثيفه على مدينتي جنين وطولكرم، وأسفر عن استشهاد 39 فلسطينياً، كان آخرهم الشهداء الخمسة الذين ارتقوا بغارة إسرائيلية على مخيم الفارعة جنوب مدينة طوباس، إضافة لحملة تدميرٍ واسعة النطاق طالت المنازل الفلسطينية والمحلات التجارية ومرافق البنية التحتية.
ويشن جيش الاحتلال عمليته العسكرية الحالية في أعقاب تصاعد مجموعات المقاومة في شمال الضفة المحتلة، والتطور النوعي الذي بدا واضحاً على عملياتها التي تنفذها واستهدفت بها الاحتلال، فيما بات جيش الاحتلال يواجهاً تحدياً بارزاً في عمليات اقتحامه لمدن ومخيمات شمال الضفة، بينما يتصاعد القلق الوجودي للاستيطان من تعاظم قوة مجموعات المقاومة.
وتطورت أساليب المقاومة في الضفة المحتلة، مع تصاعد كبير في استخدام العبوات الناسفة والكمائن في طولكرم وجنين، وتجهيز المركبات المفخخة والتحضير لعمليات استشهادية كما في الخليل، جنوب الضفة، ومستوطنة "عطيروت" في الوسط.

 

إعلان الجبهة الثانية
كشفت صحيفة "إسرائيل هيوم" عبرية، يوم الثلاثاء، عن تصنيف الاحتلال للضفة الغربية، باعتبارها منطقة قتال ثانية، بعد جبهة قطاع غزة، وذلك في ظل الأحداث الأخيرة في شمال الضفة.
وذكرت الصحيفة أن "الأحداث الأخيرة أدت إلى تحول سياسي كبير في نهج إسرائيل تجاه الضفة الغربية، فبعد أن تم تصنيفها منذ بداية الحرب باعتبارها ساحة ثانوية، فإن الهجمات الأخيرة أقنعت كبار المسؤولين بأن هذا الموقف لم يعد قابلاً للاستمرار".
وتابعت: "تؤكد موجة الهجمات الشديدة الأخيرة، بما في ذلك الهجوم المزدوج في (مستوطنة) غوش عتصيون والحادث في ترقوميا (جنوب الضفة)، والهجوم الذي أحبط في عطيرت وسط الضفة الغربية على الحاجة إلى اتخاذ إجراءات شاملة في مختلف أنحاء الضفة".

 

لماذا المخيمات؟
تمثل المخيمات الفلسطينية أزمة استراتيجية وأمنيةً لكيان الاحتلال وهي عبارة عن مناطق جغرافية منتشرة، في الضفة المحتلة وقطاع غزة ودول الشتات في محيط فلسطين، تمثل محفزاً دائماً نحو فكرة "العودة" التي يتعامل معها كتهديد لكيانه بما هو "دولة يهودية" قائم دائماً على نفي الفلسطينيين بما تستطيع وما توفرها لها الظروف الدولية والإقليمية والعسكرية، وحتى طمس قصيتهم المحورية وهي العودة إلى أرضهم التي أوخرجوا منها بالقوة.
فيما يسعى جيش الاحتلال اليوم إلى تضييق الخناق على المخيمات وتدميرها بالكامل في إطار حملة انتقامية مسعورة، فيما تطرح هذه الهجمة تساؤلاً بارزاً مفاده هل تهدف هذه الحملة العسكرية إلى إنهاء مجموعات المقاومة في شمال الضفة، أم محاولة إفشال عمليات قادمة وتطبيق لمعادلة الرعب؟

 

محاولة اجتثاث أم معادلة ردع؟
في حديث خاص لشبكة قدس قال الكاتب والمحلل السياسي ساري عرابي إن للاحتلال هدفاً أمنياً لتفكيك مجموعات المقاومة في شمال الضفة؛ لما باتت تحمله عملياتها من تأثير وانتقالها لمرحلة مهاجمة المستوطنات، واتسامها بالسرية والتخطيط والتماسك فيما يخشى الاحتلال من ذلك، وأكد عرابي أن هذا الهدف يتقاطع كلياً مع الهدف الإسرائيلي بترميم معادلة الردع حتى في قلب الضفة المحتلة.
وأضاف عرابي أن هذه العملية تحمل أهدافاً سياسية استراتيجية لحكومة الاحتلال تتمثل في حماية المشروع الاستيطاني في الضفة وترسيخه، وإزالة العقبة الأبرز أمام هذا المشروع وهي مجموعات المقاومة.
ويرى عرابي أن الاحتلال يعول على قدراته العسكرية الكاسحة بتفكيك مجموعات المقاومة أو حتى إضعافاها بشكلٍ كبير وقتل أكبر عددٍ ممكن من المقاومين، ومن جانبٍ آخر يؤكد عرابي أن ما يقوم به الاحتلال من تدميرٍ للبنية التحتية هو بمثابة محاولة قلب الحاضنة الشعبية للمقاومة ورفعة تكلفة العمل العسكري، وتحويل منطقة شمال الضفة لنموذج عقابي لباقي مناطق الضفة، فيما يؤكد عرابي أنى هذه العملية لا تنهي حالة المقاومة في الضفة الغربية، لأن المقاومة باتت في مرحلة من القوة تمكنها من بناء نفسها وتعويض خسائرها.
أما عن إمكانية تدهور الأمور في الضفة فيقول عرابي أن ذلك مبني على عدة عوامل غير متوفرة لحد الآن ولكن في المنظور القريب يمكن القول أن العملية العسكرية الحالية محدودة وستنتهي.
وجددت قوات الاحتلال من اقتحامها لمحافظة طوباس ومخيم الفارعة فجر اليوم الخميس، فيما أفاد الهلال الأحمر بأن مسيّرة للاحتلال قصفت مركبة في مدينة طوباس، مما أسفر عن استشهاد 5 شبان، وهم أحمد فواز أبو دواس، وقصي مجدي عبد الرازق من طوباس، ومحمد عوض العايدي من مخيم الفارعة، ومحمد نظمي أبو زاغة، ومحمد زكريا الزبيدي من جنين..
كما أفاد باستشهاد طفل فلسطيني برصاص قوات الاحتلال في مخيم الفارعة جنوب طوباس، وأضاف أن طواقمه تمكنت من نقل الطفل الشهيد ماجد أبو زينة (16 عاما) إلى المستشفى، بعدما منعتها قوات الاحتلال.
وتستمر الحملة العسكرية في محافظة جنين ومخيمها لليوم الثامن على التوالي دون توقف، فيما تجدد الاقتحام الإسرائيلي لمحافظة طولكرم ومخيماتها يوم الثلاثاء الماضي، بعد اقتحام واسع كان قد نُفذ الأسبوع الماضي.

#جنين #الضفة الغربية #طولكرم #طوباس #شمال الضفة