شبكة قدس الإخبارية

حملة التطعيم في غزة.. مواجهة مزدوجة لشلل الأطفال وشائعات الاحتلال

WhatsApp Image 2024-09-05 at 12.25.32 PM
يزن حاج علي

خاص - شبكة قدس الإخبارية: منذ بداية شهر أيلول/سبتمبر الجاري، أعلنت منظمة الصحة العالمية البدء بحملة التطعيم لفايروس شلل الأطفال في قطاع غزة، بعد تسجيل عدة حالاتٍ مصابة به، لتشمل حملة التعطيم 640 ألف طفل في مختلف مناطق القطاع.

وجاءت الحملة بعد أن أفاد مسؤولو الأمم المتحدة بإصابة طفل عمره 10 أشهر بشلل جزئي، وهو أول حالة موثقة من شلل الأطفال في غزة منذ 25 عاماً.

 

شلل الأطفال وانتشاره في حرب الإبادة

يُعتبر شلل الأطفال من الأمراض شديدة العدوى وبالغة الخطورة، ويؤثر بشكل رئيسي على الأطفال دون سن الخامسة، ويسببه فيروس ينتشر بسهولة كبيرة من خلال من خلال تناول مياه أو طعام ملوث، وانعدام وسائل النظافة الشخصية، وانهيار منظومة الصرف الصحي.

غالبية المصابين بالفيروس لا تظهر عليهم أي أعراض، لكن بعضهم قد يعاني من ارتفاع في درجة الحرارة، والتهاب الحلق، وصداع، وتصلب في الرقبة، وآلام في العضلات والمعدة، وغثيان، فيما يتطور المرض إلى مضاعفات أكثر خطورة، حيث يمكن أن يصل إلى الدماغ والجهاز العصبي، مما يؤدي إلى شلل دائم، خاصة في الأطراف السفلية، وذلك في غضون ساعات قليلة.

وقالت منظمات إنسانية إن حرب الإبادة على قطاع غزة أدت إلى عودة ظهور الفيروس بسبب تعطل برامج التطعيم العادية للأطفال، والأضرار البالغة التي لحقت بأنظمة المياه والصرف الصحي جراء تدمير جيش الاحتلال لها، وتقول منظمة الصحة العالمية إن معدلات التطعيم في غزة والضفة الغربية المحتلة كانت مثالية قبل حرب الإبادة الإسرائيلية.

وفي عام 2022، كانت تغطية لقاح شلل الأطفال تقدر بـ 99% لجرعتين من اللقاح، بينما انخفضت هذه النسبة إلى أقل من 90%، وفقاً لأحدث البيانات.

 

جيش الاحتلال وإغراق غزة في الأوبئة

ومنذ بداية حرب الإبادة على قطاع غزة، صرح عدد من مسؤولي الاحتلال بضرورة تدمير قطاع غزة وحصار سكانه في حرب تجويع ونشر الأوبئة وخلق الأزمات الإنسانية المتتابعة، وضرب المنظومة الصحية المتمثلة في المستشفيات والمراكز الصحية، إضافة لمنع إدخال المواد الطبية والمنظفات الخاصة بالتعيقم، ومنع طواقم البلديات من تصريف النفايات بل واستهدافهم بشكلٍ مباشر ما أدى لاستشهاد العشرات منهم.

وفي وقتٍ سابق منذ بداية حرب الإبادة على قطاع غزة قال قال الجنرال المتقاعد من جيش الاحتلال غيورا آيلاند، إن انتشار الأوبئة في قطاع غزة سيقرب من تحقيق نصرٍ لجيش الاحتلال هناك، فيما أضاف آيلاند الذي شغل منصب رئيس مجلس الأمن القومي في حكومة الاحتلال بين عامي 2004 و2006 في تقرير صحفي نشرته صحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية: "المجتمع الدولي يحذرنا من كارثة إنسانية في غزة والأوبئة الشديدة، لكن لا يجب أن نخجل من هذا، مع كل الصعوبات التي ينطوي عليها، في نهاية المطاف، فإن الأوبئة والمصاعب في جنوب قطاع غزة ستقرب النصر وتقلل من الخسائر في صفوف جنود الاحتلال"..، فيما دعا آيلاند، حكومة الاحتلال إلى عدم السماح بتقديم مساعدات إنسانية لقطاع غزة.

فيما عمد جيش الاحتلال أثناء الاجتياح البري إلى تدمير كافة خطوط الصرف الصحي في قطاع غزة، واختلاط مخلفاتها بمصادر مياه الشرب، وانتشارها في مناطق تواجد النازحين، دون السماح بأي محاولة لإصلاحها وترميمها، أو حتي تنظيف مناطق القطاع.

 

حملة التطعيم

يهدف البرنامج إلى تطعيم حوالي 640 ألف طفل تحت سن العاشرة، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، وبدأت الحملة قبل أيام في وسط غزة، تزامناً مع ثلاث توقفات متتالية يومياً للقتال بين الساعة 6 صباحاً و3 عصراً بالتوقيت المحلي، بعد ذلك، ستنتقل الحملة إلى جنوب غزة، حيث سيستمر التوقف لمدة ثلاثة أيام، يليها شمال القطاع.

يقول مسؤولو الأمم المتحدة إن الأطفال سيحتاجون إلى جرعة ثانية من اللقاح في أواخر شهر أيلول/سبتمبر الجاري، بهدف تحقيق تغطية تصل إلى 95% من القطاع، وهي النسبة اللازمة لوقف انتقال الفيروس داخل غزة، وفي حال لم يتحقق هذا الهدف، سيسمح اتفاق آخر باستمرار حملة التطعيم ليوم رابع.

ويوجد في غزة نحو 1.3 مليون جرعة من لقاح شلل الأطفال الفموي الجديد من النوع 2 (nOPV2)، مع 400,000 جرعة إضافية من المقرر وصولها قريباً، وستُجرى عمليات التطعيم بواسطة موظفي الأمم المتحدة وغيرهم من العاملين في مجال الصحة المحليين، حيث جرى تدريب أكثر من 2,000 شخص من عمال الصحة والتوعية المجتمعية على إعطاء اللقاح.

وسيكون اللقاح متاحاً في المستشفيات والمستشفيات الميدانية ومراكز الصحة الأولية، ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية، فإن النقل الآمن والتبريد للقاحات يُعدان أمران مهمان لهذه الخطة.

 

شائعات وحرب نفسية عن التطعيم

وفي أعقاب حملة التطعيم انتشرت شائعات حول اللقاح المستخدم وعن أضراره الجانبية، فيما عمد الاحتلال إلى استخدام هذه الشائعات والحرب نفسية كأداة لتقويض نظام الصحة العامة، عبر نشر شائعات تتعلق باللقاح الخاص بمرض شلل الأطفال.

وفي حديث خاص لشبكة قدس قال الدكتور موسى عابد وأحد مسؤولي حملة التطعيم إن ما انتشر من معلومات مضللة حول التطعيم هي شائعات مصدرها الاحتلال الإسرائيلي في إطار الحرب النفسية الذي يشنها على الفلسطينيين، وأضاف عابد أنه تم التواصل مع منظمة الصحة العالمية التي نفت شائعات الاحتلال، فيما تم مراجعة عشرات الدراسات والأبحاث الطبية التي أكدت سلامة اللقاح المستخدم، وقد سبق استخدامه في 21 دولة حول العالم من ضمنها كندا وبريطانيا.

وأكد عابد أنه تم استلام 350 ألف جرعة جديدة من اللقاح لاستكمال المرحلة الثانية من حملة التطعيم، مع تأكيده أن التطعيم هو الحل الأمثل للسيطرة على الفايروس ومنعه من الانتشار في قطاع غزة، مع وجود إقبالٍ كبير من أهالي القطاع على التطعيم.

وأضاف عابد انه سيتم إجراء فحوصات شاملة بعد أسبوعين للتأكد من انتهاء فايروس شلل الأطفال، في حين سيتطلب الأمر وجود مرحلة ثالثة من التطعيم إذا بقي الفايروس موجوداً في قطاع غزة.

وحذرت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في تصريح صحفي يوم أمس الثلاثاء، من تداول شائعات الاحتلال، مشيدة بجهود الطواقم والمؤسسات الطبية بقطاع غزة في ظل حرب الإبادة على تنفيذ حملة التطعيم ضد شلل الأطفال، وأكد الشعبية على أن الاحتلال الذي دمر المستشفيات والمؤسسات الصحية والمرافق العامة وتسبب في نشر الأمراض في قطاع غزة، يعمل على استكمال جرائمه بنشر الشائعات المدمرة.

وحذرت من التعامل مع إعلام الاحتلال كمصدر موثوق للأنباء، مشددة أن حرية التعبير والعمل الإعلامي يجب أن تبقى محصنة بالمهنية والمسؤولية الوطنية والإنسانية.

من جهته قال وزير الصحة، ماجد أبو رمضان في بيان صحفي "إن الاحتلال بث الإشاعات المتعلقة بتطعيم شلل الأطفال، مؤكداً أن هذا النوع من اللقاحات تلقاه مليار طفل في العالم، ولم تُسجل له أي مضاعفات".

وصباح الثلاثاء، أكدت "الصحة" خلال تصريحات إعلامية، أن تطعيم شلل الأطفال آمن، موشحة أنه استخدم في 21 دولة قبل قطاع غزة، ونجح بنسبة أمان كبيرة.

#قطاع غزة #الاحتلال الإسرائيلي #حرب الإبادة #فايروس شلل الأطفال #حملة التطعيم