شبكة قدس الإخبارية

تعيين "حاكم عسكري" لإدارة غزة.. ما الهدف وكيف ستتعامل المقاومة؟

photo_2024-08-30_22-16-22
هيئة التحرير

غزة - خاص قدس الإخبارية: أثار استحداث جيش الاحتلال الإسرائيلي منصبًا جديدًا مرتبطًا بمستقبل قطاع غزّة، من وجهة نظر إسرائيلية، تحت مسمى "رئيس الجهود الإنسانية - المدنية في قطاع غزة" تساؤلات حول مستقبل غزّة على الصعيد الإداري، ومصير المفاوضات التي تواجه تعثرًا وتراجعًا للوراء، وعن نوايا الاحتلال في استغلال ملف المساعدات الإنسانية لتحقيق "أهداف الحرب". 

وكانت صحيفة "يديعوت أحرنوت" قد ذكرت أنه تم تعيين الضابط في جيش الاحتلال، إلعاد غورين لتولي هذه المهمّة؛ "بهدف إدارة ملف المساعدات لمليوني فلسطيني في قطاع غزة، ومعالجة القضايا اليومية مثل توصيل المساعدات الإنسانية عبر المعابر، والتواصل مع منظمات الإغاثة الدولية" وذلك كلّه بهدف الحصول على شرعية دولية لاحتلال غزّة بشكل دائم. 

ويأتي القرار الإسرائيلي تطبيقًا عمليًا للسؤال الذي يدور داخل مؤسسات الاحتلال، وفي المحادثات الدولية، حول اليوم التالي للحرب على قطاع غزّة، وفق ما يرى القيادي في حماس عبد الرحمن شديد في حديثه لـ "شبكة قدس"، ويقول: "رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو لم تكن له خطة واضحة طوال 11 شهرًا من العدوان، والمحاولات التي سعى من خلالها لإيجاد بديل متواطئة في إدارة القطاع فشلت أمام صمود المقاومة، ولذا جاء هذا القرار في سياق محاولة الإجابة على هذا السؤال". 

وتابع شديد: "موقف حماس والمقاومة واضح من هذا القرار بأنها لن تقبل أي صيغة من صيغ الاحتلال في قطاع غزة، أو أي شبر من الأراضي الفلسطينية، ولن تقبل بأي إدارة من الاحتلال أو تابعة له، إلا أن تكون غزة تحت إدارة فلسطينية خالصة وفق توافق وطني، وبالتالي ستتعامل حماس مع إفرازات هذا القرار كما تتعامل مع الاحتلال". 

ولفت شديد إلى أن المقاومة لليوم ما زالت قادرة على المواجهة، بشهادة ما نشره إعلام الاحتلال حول شهر أغسطس الجاري بأنه أكثر الأشهر صعوبة على الجيش في قطاع غزّة، رغم استمرار المواجهة والعدوان منذ 11 شهرًا، ما يعني أن المقاومة قادرة على التعامل مع هذا القرار عبر المواجهة الميدانية التي تجبر الاحتلال على الانسحاب من أراضي القطاع، كما جرى في عام 2005.  

وأضاف: "نراهن على سواعد المقاومة، وصمود شعبنا، لتجاوز مخططات الاحتلال، مهما كانت صيغتها، إن كانت صادرة عن الاحتلال، أو إن كانت صيغة يرضاها الاحتلال، وحماس لا تقبل إلا بصيغة وطنية متوافق عليها في الإدارة الفلسطينية باعتباره حقّ لا يقرره إلا الشعب". 

وردًا على أن مهمّة غورين هي التواصل مع المنظمات الإغاثية الدولية فيما يخصّ غزة، أجاب شديد: "على هذه المؤسسات والمنظمات التي تدعي الإنسانية وتنادي بالعدالة، أن تقف إلى جانب الشعب الفلسطيني، لا أن يكونوا جزءًا من أي مخططات إسرائيلية، وهذا واجبهم خلال الحرب، وفي اليوم التالي بعد انتهاء العدوان".

ولدى حماس خطوط حمراء في سياق إنجاز أي صفقة لإنهاء الحرب، وهي: "وقف إطلاق النار بشكل دائم، والانسحاب من قطاع غزة، وإتمام صفقة تبادل مشرّفة، وإنجاز ما يتعلق بقضية الإعمار والإغاثة، وعود النازحين إلى أماكنهم" وما إن تحققت هذه المطالب، فلا يعني حماس ما هي قرارات وتعيينات الاحتلال، طالما أن مطالبها ستحقق، بحسب شديد الذي أضاف: "ليتخذ الاحتلال القرارات التي يريد، إن كان لها انعكاسات على احتلال شبر واحد من غزّة، أو تنص على صيغة لإدارة القطاع من أيّ جهة غير فلسطينية، فإن حماس ستتعامل معها كما تواجه الاحتلال بالمقاومة والقتال". 

واعتبر شديد أن المقاومة قادرة في غزة على إيلام الاحتلال وتحقيق الزخم في مواجهته، إذ تستمد قوّتها من الشعب، ولن تعدم الوسيلة في المواجهة، كونها أعلم بما يجري على الأرض من الاحتلال الذي يزعم تحقيق انتصارات وهمية، ولذا لن تؤثر عليها قرار تعيين ضابط لغزة، والشاهد على ذلك، استمرار المقاومة في الضفة التي ظنّ الاحتلال أنه أخمد شعلتها، رغم ما تعانيه من احتلال واستيطان. 

بدوره، يرى المحلل السياسي سليمان أبو ستة أن استحداث المنصب يحمل هدفين ورسالتين، واحدة للمقاومة، والأخرى لدول العالم والمؤسسات الإغاثية. 

ويقول في حديث مع شبكة قدس أن الاحتلال يسعى لإقناع العالم والمؤسسات الحقوقية والأممية، بأنه مهتم بالقضايا الإغاثية الإنسانية في قطاع غزة، وقام بتعيين مسؤول في هذا المجال، وذلك في سياق التضليل دول العالم، إذ إن المواطن الفلسطيني في غزة يواجه معاناة هائلة، لا يستطيع أحد وصفها، ورسالة أخرى يحملها هذا المنصب للمقاومة، بأن الاحتلال يزعم قدرته على استحداث حالة جديدة من السيطرة على الأرض، وأنه مستمر بهذه السيطرة إلى ما لا نهاية، وذلك من أجل الضغط على المفاوض الفلسطيني. 

غير أن ذلك لا يعني سيطرة الاحتلال على القطاع، بدلالة عدم قدرة الاحتلال حتى اللحظة من إعادة الأسرى الإسرائيليين لدى المقاومة، أو أن يوقف توسع واستمرار نشاط العمل المقاومة، وفق ما يوضح أبو ستة الذي أشار إلى أن التعيين جزء من أساليب الاحتلال لاستغلال الملف الإغاثي منذ بداية الحرب على غزة، في سياق الضغط على المواطن الفلسطيني. 

ولا يستحق هذا التعيين حالة من التهويل وكأن الاحتلال سيحكم القطاع، إذ يرى أبو ستة أن الاحتلال يسعى من القرار إلى محاولة السيطرة الخارجية وليس المباشرة على غزة، لأنه لا يملك علاقة مباشرة مع سكّان القطاع، وفق تجارب سابقة من خلال إجبار السكّان على النزوح والخروج من أي مكّان قبل اجتياحه، كونه يخشى من الوجود الفلسطيني أمامه تحديدًا في غزة الذي يراها خطرًا حقيقيًا.

إلا أن هذا القرار بحسب أبو ستة، جاء انعكاسًا لرؤية نتنياهو حول قطاع غزة، والقائمة على الوجود الطويل في القطاع، وإعادة الاحتلال لكن ليس بشكل كامل، بل على شكل عمليات طويلة الأمد انطلاقًا من وجوده في محور نتساريم الفاصل بين شمال القطاع وجنوبه، غير أن ذلك لا يعتبر أمرًا مرضيًا لكل مؤسسات الاحتلال الأمنية، عدا عن وجود ضربات مستمرة للمقاومة في محور نتساريم الذي قتل فيه 17 جنديًا خلال الشهرين الماضيين، وفق ما أعلنه الاحتلال. 

إضافة إلى ذلك، يرى المحلل السياسي إن تعيين الضابط الجديد إن كان يحمل إشارة على وجود الاحتلال في القطاع بشكل دائم، فإن ذلك يستلزم استدعاء جنود الاحتياط، وعددهم نحو 350 ألف، ما يشكّل ضغطًا على المجتمع الإسرائيلي، ويؤدي لاستمرار الحرب، وعدم عودة المستوطنين إلى مستوطناتهم تحديدًا في شمال الأراضي المحتلة، وقد يدفع باتجاه إجبار جيش الاحتلال على الدخول في معركة واسعة بالمنطقة.