فلسطين المحتلة - قدس الإخبارية: تشن قوات الاحتلال الإسرائيلي عدوانا كبيرا على مخيمات شمال الضفة التي تعتبرها بؤرة للمقاومة المسلحة وتطورها خاصة بعد معركة طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر.
بدأت العملية العسكرية الإسرائيلية، الليلة الماضية، حيث نشر الاحتلال طائراته الحربية في سماء المخيمات الثلاثة؛ جنين والفارعة ونور شمس، في محاولة للقضاء على المقاومة المسلحة فيها وإرباك حاضنتها الشعبية التي لم يقدر الاحتلال يوما على التأثير فيها.
وتكشفت خلال العملية المستمرة منذ يومين، عدم تجهيز السلطة الفلسطينية للجبهة الداخلية الفلسطينية في الضفة بالمواد الأساسية واللازمة التي تمكنهم من الصمود، في حال أي اعتداء إسرائيلي واسع النطاق ومتواصل.
ففي الساعات الأولى للعملية، أعلن مدير مستشفى خليل سليمان الحكومي بجنين أن المستشفى يعاني من نقص في المياه والكهرباء، وأن الوضع سيصبح صعبا بالمستشفى مع الحديث عن امتداد العملية لأيام، وذلك في خلال مقابلة مع قناة الجزيرة.
أما في اليوم الثاني، أعلنت شركة الاتصالات "بالتل" عن انقطاع خدمات الاتصالات (الثابت والإنترنت والجوال) في جنين، بعد تضرر المسارات الرئيسة والاحتياطية؛ جراء العدوان الإسرائيلي.
ومع كل اقتحام، يتساءل الفلسطينيون عن دور السلطة الفلسطينية، وأجهزتها الأمنية التي أطلق رئيس الوزراء الفلسطيني السابق محمد أشتية مشروع لإعادة هيكلة قوى الأمن التي يبلغ عددها ثمانية أجهزة، وتشمل: الأمن الوطني، والشرطة المدنية، والمخابرات العامة، والأمن الوقائي، والاستخبارات العسـكرية، والحرس الرئاسي، والدفاع المدني، والضابطة الجمركية.
وفي فبراير/شباط 2024 أعلن أشتية استقالة حكومته، وعُيّن اللواء عبد القادر التعمري في منصب مدير الأمن الوقائي ضمن مؤشرات على انطلاق مرحلة جديدة في مسيرة أجهزة أمن السلطة الفلسطينية التي يناهز عدد المنتسبين إليها حاليا 50 ألف فرد في الضفة الغربية وحدها فضلا عن 30 ألفا يتقاضون رواتبهم في غزة دون عمل منذ عام 2007.
24 مليون منذ بداية العام
بلغ إجمالي إنفاق الحكومة الفلسطينية الفعلي على بند “إعادة تأهيل الأجهزة الأمنية” نحو 24.2 مليون شاقل للربع الأول من العام الجاري، وفق بيانات حديثة اطلع عليها “الاقتصادي”.
وصنفت وزارة المالية هذا الصرف تحت بند “النفقات التطويرية” للفترة بين كانون الثاني وآذار 2024.
وعن مصدر هذا التمويل، أفادت البيانات المنشورة عبر موقع وزارة المالية، أنه عبارة عن تمويل خارجي للموازنة التطويرية من دول متعددة، إلى جانب تمويل من السلطة ضمن الموازنة التطويرية.
ويتجاوز عدد الموظفين العسكريين 50 ألف موظف من إجمالي نحو 144 ألفاً عدد الموظفين العموميين في السلطة الفلسطينية.
وتعاني الحكومة الفلسطينية أزمة مالية خانقة عجزت بسببها عن دفع رواتب موظفيها كاملة منذ تشرين الثاني/نوفمبر 2021.
عودة إلى بدء: الأجهزة الأمنية
تضمنت اتفاقية "أوسلو 1″ عام 1993 بين منظمة التحرير وإسرائيل، الاتفاق على بناء قوة شرطة فلسطينية لحفظ النظام العام والأمن الداخلي للفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، على أن يتولى الجيش الإسرائيلي مسؤولية الدفاع ضد التهديدات الخارجية. ثم وُقّع اتفاق القاهرة عام 1994، ونص على انسحاب الاحتلال من عدة مناطق في قطاع غزة ومن مدينة أريحا لتبدأ المرحلة الأولى من الحكم الذاتي، كما حدد الاتفاق حجم قوات الأمن الفلسطينية بتسعة آلاف فرد من بينهم سبعة آلاف فرد مسموح بعودتهم من الخارج رفقة عائلاتهم. وتشكلت تلك القوات من أربعة فروع تشمل الشرطة المدنية، والأمن العام، والاستخبارات، والدفاع المدني. ثم قسّم اتفاق "أوسلو 2" عام 1995 الضفة الغربية إلى ثلاث مناطق:
المنطقة "أ"، وتتمتع فيها السلطة الفلسطينية بمسؤوليات إدارية وأمنية، وتشمل مدن الضفة الثماني الكبرى، وقطاع غزة بأكمله باستثناء المستوطنات والمواقع العسكرية الإسرائيلية. المنطقة "ب"، وتتمتع فيها السلطة الفلسطينية بمسؤوليات إدارية فقط، وتشمل 450 بلدة وقرية. المنطقة "ج"، وتمثل 61 في المائة من مساحة الضفة، وتسيطر عليها إسرائيل أمنيا وإداريا.
وسمح الاتفاق بتشكيل جهازي الأمن الوقائي والأمن الرئاسي، وزيادة عدد أفراد قوات الأمن إلى 30 ألف فرد، يُوزع منهم 12 ألفا في الضفة الغربية، و18 ألفا في قطاع غزة.
بحلول أواخر عام 2000، تضخم عدد الأجهزة الأمنية حتى وصل إلى 17 جهازا مختلفا بحجم 50 ألف فرد؛ مما جعل قائد حركة الجهاد الإسلامي رمضان شلح يقول "إذا فتحت نافذتك فإن الأمن الوقائي سيطل عليك؛ وإذا فتحت بابك فستجد جهاز الأمن الرئاسي؛ وإذا خرجت إلى حديقتك فستصطدم بالمخابرات العسكرية، وإذا خرجت إلى الشارع فستصادف المخابرات العامة".