رام الله - قدس الإخبارية: قالت هيئة شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير الفلسطيني إنّ سلطات الاحتلال الإسرائيليّ تواصل استخدام عمليات التّعذيب والإذلال الممنهجين بحقّ معتقلي غزة إلى جانب جملة من الجرائم الممنهجة؛ وذلك استنادا للعديد من شهادات معتقلي غزة الذين تمت زيارتهم، إلى جانب شهادات المفرج عنهم.
وأوضحت الهيئة والنادي أنّ ما يجري في سجن عوفر بحقّ المعتقلين لا يقل مستواه عن الشهادات التي نقلت من معتقل (سديه تيمان) والذي شكّل العنوان الأبرز لجرائم التّعذيب بحقّ معتقلي غزة، وهو واحد من بين عدة معسكرات وسجون يواجه فيها المعتقلون والأسرى جرائم ممنهجة، وغير مسبوقة بمستواها منذ بدء حرب الإبادة، ومن بين تلك المعسكرات سجن عوفر الذي يضم المئات من معتقلي غزة.
واستنادا لعدة زيارات تمت مؤخرا نستعرض شهادة لأحد المعتقلين تعكس استمرار جرائم التّعذيب الممنهجة بحقّهم، علماً أن تفاصيل جرائم التّعذيب بحقّ الأسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال ومعسكراته لا تتوقف، فهناك شهادات يومية ترصدها المؤسسات المختلفة لتفاصيل صادمة ومروعة يواجهها الأسرى والمعتقلون.
وقد نقل المعتقل (غ.و) - وهو أحد الأسرى الذين تمت زيارتهم- تفاصيل ما تعرض له خلال عملية اعتقاله في الثاني من آذار/ مارس 2024، على حاجز في مدينة حمد، "حيث أقدم جيش الاحتلال على تجريده من ملابسه، وتم نقله إلى شاحنة بعد تقييد يديه للخلف، وتعصيب عينيه، وتم الاعتداء عليه وعلى المعتقلين كافة، والذين تم احتجازهم معه، ثم جرى نقلهم إلى ساحة مسقوفة (زينكو) بحسب وصفه، وأبقى الاحتلال على احتجازه فيها لمدة مئة يوم إلى جانب العشرات من المعتقلين، وشكّلت هذه المرحلة، المحطة الأكثر قسوة والأشد من حيث أساليب التّعذيب التي استخدمت بحقّه".
وأضاف الأسير أنّه وعلى مدار المئة يوم، كان المعتقلون يتعرضون للضرب لمجرد أي حركة تصدر عن أحدهم، وعلى مدار هذه المدة يبقى المعتقل مقيد اليدين ومعصوب العينين، أو عليهم الجلوس على أقدامهم، أو على بطونهم. وبرز أسلوب الشبح لساعات طويلة كوسيلة (عقابية) بحقّ المعتقلين.
وتابع الأسير (غ.و)": خلال عملية التحقيق معيّ، تعرضت لمحاولة خنق بالمياه الموجودة في كرسي الحمّام، إلى جانب أسلوب الشبح الذي استمر لساعات طويلة".
ويقبع اليوم المعتقل في سجن عوفر، وهو أحد المعسكرات التي أقامها الاحتلال لاحتجاز معتقلي غزة، إلى جانب عدة معسكرات وسجون أخرى يقبع فيها معتقلو غزة، وتتبع إدارة هذا المعسكر إلى جيش الاحتلال، واستنادا لعدة زيارات جرت لمعتقلي غزة فيه، فإن كل غرفة تضم - على الأقل- 20 أسيراً يتعرضون لعمليات تعذيب وإذلال وتنكيل وضرب.
ونقل أحد المعتقلين أنّ إدارة السّجن أقدمت -قبل أيام- على قمع (الغرفة – الزنزانة) المحتجز فيها، بعد أن أخفى المعتقلون شرحات من الخبز، واستمرت عملية القمع لعدة ساعات، واستخدمت القوة خلالها أسلوب (ثني اليد والضرب المبرّح على الكتف والأصابع)؛ مما تسبب بكسر يد أحد المعتقلين، وكسر أنف معتقل مسنّ.
زيارات تجري تحت مستوى عالٍ من الرقابة
وأكّد المحامي الذي نفّذ عدة زيارات مؤخرا لمعتقلي غزة في معسكر (عوفر)، أنّ الزيارات تتم تحت مستوى عال من الرقابة المشددة، فغالبية المعتقلين الذين تمت زيارتهم رفضوا إعطاء أية تفاصيل عن ظروف احتجازهم، وكانت علامات الخوف والرهبة واضحة عليهم، فأحد المعتقلين امتنع عن الحديث بأي شيء، خوفا من تعرضه للضرب وفقط ما ذكره أنّه يصاب برجفة شديدة ولساعات طويلة بعد تعرضه لأي اعتداء.
وفي هذا الإطار تؤكّد الهيئة والنادي، أنّ مستوى الرقابة المفروضة على المحامين والمعتقلين والأسرى - في مختلف السجون - غير مسبوقة، الأمر الذي ألقى بظلاله على عمل الطواقم القانونية وعلى سلوك المعتقلين وشهاداتهم خلال الزيارة، خاصّة أن بعض السّجون انتهجت عمليات الاعتداء على الأسرى خلال نقلهم للزيارة، وكان أبرز هذه السجون (النقب الصحراوي)، وشكّل مستوى الرقابة واحدا من بين عدة عراقيل وسياسات ممنهجة أثرت بشكل ملحوظ وكبير على زيارات المحامين.
وحول أبرز الجرائم التي عكستها شهادات معتقلي غزة على مدار الفترة الماضية، أشارت الشهادات إلى ممارسة جريمة الإخفاء القسري التي شكّلت الجريمة الأبرز التي يواصل الاحتلال فرضها على غالبية معتقلي غزة.
وبحسب أسرى غزة، جرى استخدامهم دروعا بشرية لفترات طويلة خلال العمليات العسكرية البرية، وممارسة جرائم التعذيب بحقّهم عبر عدة مستويات مختلفة منها الصعق بالكهرباء، والشبح، والتقييد المتواصل، والضرب المتكرر الذي تسبب بكسر أطراف العديد من المعتقلين، واستخدام الكلاب البوليسية خلال عمليات الاعتداء.
كما مارس الاحتلال الجرائم الطبيّة الممنهجة بحرمانهم من العلاج بشكل أساسي، وإجراء عمليات جراحية دون تخدير، وبتر أطراف معتقلين نتيجة لعمليات التقييد المستمرة.
وتعرض الأسرى لجرائم الاغتصاب والاعتداءات الجنسية بمستوياتها المختلفة، وممارسة جريمة التجويع بحقهم.
وأجبر المعتقلون على التلفظ بكلمات حاطة من كرامتهم، وتمس بعائلاتهم، وعلى الجلوس بوضعيات معينة تسبب لهم آلام شديدة وبهدف إذلاله.
ولم يُسمح لأي معتقل الحديث مع أي معتقل آخر، ومن يتحدث يتم الاعتداء عليه بالضرّب المبرّح، كما حرمانهم من ممارسة أي شعائر دينية.
ومنذ بدء حرب الإبادة اعتقل الاحتلال الآلاف من غزة، وقد اعترفت إدارة سجون الاحتلال باعتقال (1584) معتقلا من غزة ممن صنفهم الاحتلال (بالمقاتلين غير الشرعيين)، وهذا المعطى لا يتضمن معتقلي غزة كافة وتحديدا من هم في المعسكرات التابعة لإدارة الجيش، علما أنّه وفي ضوء بعض التعديلات القانونية التي أجراها الاحتلال بشأن معتقلي غزة مكّنت المؤسسات عبر آلية محددة من الكشف عن مصير معتقلي غزة، إلا أنّ الغالبية العظمى منهم ما زالوا رهن الإخفاء القسري، من بينهم شهداء ارتقوا جرّاء التّعذيب ويقدر عددهم بالعشرات، هذا وتواجه المؤسسات المختصة تحديات كبيرة في متابعة قضية معتقلي غزة، لا سيما أن الزيارات ما زالت محدودة.
ويبلغ عدد الأسرى في سجون الاحتلال حتى بداية آب/ اغسطس أكثر من 9900، وهذا المعطى لا يشمل معتقلي غزة كافة تحديدا المحتجزين في المعسكرات التابعة للجيش.