خاص - شبكة قدس الإخبارية: منذ أحد عشر شهراً يعيش قطاع غزة فصلاً آخر من فصول الإبادة الإسرائيلية المستمرة وهو سوء التغذية، ولربما يعيش سكان شمال القطاع هذا الفصل بشكلٍ أكثر قسوة تحت وطأة الحصار الإسرائيلي المشدد على المنطقة حتى ألقت المجاعة بظلالها الثقيل على الفلسطينيين هناك، ولا زالت آثرها مستمرة بشح الطعام المتوفر وجودته السيئة.
تُعتبر المساعدات القليلة التي تصل إلى مناطق شمال قطاع غزة المصدر الأساسي والوحيد للغذاء فيما تنحسر أصناف هذه المساعدات في إطار المعلبات وبعض أنواع البقوليات كالعدس والأرُز، فباتت تسبب مشاكل صحية مستعصية للسكان هناك نستعرضها في هذا التقرير.
المعلبات.. الغذاء الوحيد المُسبب للأمراض
تشمل المساعدات الإنسانية على أربعة أصناف فقط من المعلبات، وهي بازيلاء، فاصوليا، فول والحمص، فباتت تشكل 95% من الطعام الذي يتناوله الفلسطينيين في شمال القطاع، فيما تشكل البقوليات 5%، في ظل انعدام اللحوم والخضراوات والفواكه.
سببت هذه المعلبات العديد من الأمراض بسبب تناولها لوحدها فترة طويلة، وهي ذات تأثير سلبي على المدى القريب والبعيد، وتضاعف من معاناة الأشخاص المصابين ببعض أمراض الجهاز الهضمي، إحدى هذه الحالات الصحية المزمنة هي للشاب إبراهيم الحلاق من مدينة غزة والمصاب بمرض "الكرون" وهو مرض مزمن يُصيب الجهاز الهضمي بشكلٍ كامل ويسبب آلاماً في البطن وحالات من الإسهال وارتفاع الحرارة وفقدان الوزن.
يعاني إبراهيم من هذا المرض وتزداد معاناته مع قلة الطعام واضطراره لتناول الطعام المتوفر من المعلبات، فزاد من حدة الألم وصعوبة حالته، فيما يصف إبراهيم حالة الناس من حوله التي بات يُلاحظ عليهم الضعف العام، وصعوبة التئام الجروح، ثم التهابها بسبب عدم وجود طعام صحي يمد الحسم بالعناصر الغذائية اللازمة للتمثال إلى الشفاء.
وفي حديثٍ خاص لشبكة قدس، أكد إبراهيم وجود حالاتٍ تسمم غذائي وتلبق معوي وظهور طفح جلدي، بسبب تناول المعلبات التي شارفت على انتهاء صلاحيتها.
فيما قال أنور نصار إنه يعاني من مضاعفات سوء التغذية هو وأفراد عائلته، فيما وصف الطعام الموجود بالسيء والذي لا يمد الجسم بالطاقة، مُناشداً بضرورة إدخال كميات كافية من الغذاء كالخضراوات والفواكه واللحوم، وفي سياق متصل أضاف الشاب إبراهيم خليف أن المعلبات التي توفرها المساعدات سببت بأمراض للأطفال وكبار السن أمراض متعددة كالأمراض الجلدية، في ظل انعدام أي نوع آخر من الغذاء الصحي والمياه النظيفة، مع وجود معاناة صحية واضحة وآلم في البطن، فيما وصف الفواكه والخضراوات بأنها أصبحت من الذكريات، مع تجديد مناشدته للعالم بالنظر إلى معاناة سكان قطاع غزة.
آثار صحية مدمرة على المدى البعيد
وفي حديثٍ خاص لشبكة قدس، قالت أخصائية التغذية أسيل الزريعي، إن تناول المعلبات بشكلٍ عام له آثار جانبية؛ لما تحتويه من مواد حافظة، كما تحتوي على نسبة عالية من الأملاح مما تسبب زيادة في ضغط الدم، مع احتواءها على نسبة عالية من السكر مما يؤدي إلى ارتفاع السكر في الدم.
وأكدت الزريعي احتواء المعلبات الغذائية على فوسفات الصوديوم التي تسبب الاضطرابات الهرمونية، كما يدخل بتصنيعها مادة الألمنيوم الذي يعتبر "معدن ثقيل " الذي تؤدي زيادته في الجسم إلى الزهايمر على المدى البعيد، فضلاً عن احتواءها مادة حمضية تساعد على حفظ الطعام من العفن مما يسبب التهابات حادة في الجسم.
وأضافت إن مادة "الكبريتيت" أكثر المواد الحافظة المستعملة في المعلبات، ويتكون هذا المركب من مجموعة مواد مثل ثاني أكسيد الكبريت وكبريتيت الصوديوم وتناول هذه المواد قد يكون له آثار سلبية على الصحة تصل أحياناً إلى ضيق التنفس، والشحوب وهو ما بات واضحاً على سكان شمال قطاع غزة.
وأشارت الزريعي أن تناول هذه المعلبات بشكل مستمر، لها تأثير صحي مدمر على المدى البعيد، بسبب مادة نيترات الصوديوم التي تُستخدم لتثبيت اللون وتعتبر مادة لحفظ للحوم والأسماك وتضاف للتصنيع لمنع نمو الجراثيم في اللحوم المعلبة، والأسماك المعلبة، لكن الدراسات اثبتت علاقتها بالسرطان مثل سرطان الغدة الليمفاوية وسرطان الدم.
وتتواصل حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة من شهر تشرين أول/أكتوبر 2023 الماضي، وقد جاوز عدد الشهداء 40 ألف شهيد فلسطيني، إضافة إلى 92620 جريح، بفعل المجازر التي يرتكبها جيش الاحتلال ضد الفلسطينيين هناك، وفرض حصار شامل على قطاع غزة أدى لاستشهاد الآف الجرحى، وتسجيل حالات وفاة أطفال بسبب سوء التغذية والرعاية الطبية اللازمة لهم.